-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شبكة محتوى مليونية لنشر المعرفة "بالعاميّة""

مؤسس “تليد”: الرسالة والتخصّص والشغف هي أسرار جودة المحتوى

مؤسس “تليد”: الرسالة والتخصّص والشغف هي أسرار جودة المحتوى
ح.م
زكرياء رابح مؤسس مجموعة صفحات "تليد"

بدأت “تليد” عام 2017 كصفحة على فيسبوك، اسمُها “مثقفون DZ”. وهي الآن مجموعة من 11 صفحة ناشطة، يديرها كتّاب محتوى متخصّصون، لما يزيد عن 1.5 مليون متابعا، حول الثقافة الصحية، الدين، تعلّم اللغات، البرمجة، التعليق الصوتي، التاريخ، وحتى علم الفلك.

مؤسّس المجموعة زكرياء رابح، “فريلانسر” متخصّص في إدارة منصات التواصل الاجتماعي، في الـ29 من العمر. يدرس حاليا اللغة الإيطالية،  ويحبّ كتابات وأفكار المفكّر الجزائري الراحل مالك بن نبي.

قبل لقائنا معه، كنّا بصدد البحث عن هوية الكاتب المجهول خلف صفحة “انصحني بكتاب”، التي تختلق في كلّ مرّة -وببراعة- قصة جديدة لإقناعك بقراءة كتاب ما. فسعدنا باكتشاف غابة المحتوى الشاسعة التي تنتمي إليها تلك الشجرة.

الشروق أونلاين: قد لا يعلم كثير من مستخدمي مواقع التواصل في الجزائر، أنّ منشورات شهيرة يتمّ تداولها منذ فترة طويلة وعلى نطاق واسع، تعود إلى مجموعة صفحات “تليد” التي قمتم بتأسيسها منذ 2017. كيف تشعر بصراحة وأنت تقرأ المحتوى الذي تصنعه صفحاتكم على صفحات ومجموعات أخرى في فيسبوك على وجه الخصوص؟

زكرياء رابح: يسعدنا ذلك من جهة، لأنه يعني أننا كتبنا شيئا يحظى بموافقة شرائح واسعة من الجزائريين. لكننا نتأسف من جهة أخرى، لاستغلال بعض الصفحات والمجموعات للمحتوى الذي نكتبه بسرقته ببساطة، من دون بذل أي جهد لصنع محتواها الخاص.

وما يزعجنا أكثر هو أنهم لا يشيرون إلى مصدر النصوص، وقد وقعت بيننا وبين هذه الصفحات عدّة مناوشات بسبب هذا الأمر. في النهاية جعلتنا هذه الحوادث ندرك أنّ المحتوى المنشور على مواقع التواصل لا يتمتّع بالحماية الكافية لحقوق مؤلفيه. لكن عزاءنا أنّ القراء يعرفون مع مرور الوقت من يقف في حقيقة الأمر وراء المنشورات التي تعجبهم.

بعد كلّ هذه السنوات، هل وصل مشروع “تليد” إلى مستوى الشهرة الذي وصلت إليه بعض منشوراتكم في السابق؟

مشروع “تليد” هو مشروع حياة بالنسبة إلينا، ولا يرتبط بمحطة وصول معيّنة. لقد كان جلّ متابعينا من الجزائر، واليوم لدينا متابعون من دول عربية أخرى، وهذا أمر مشرّف.

حتى إن اللهجة الجزائرية التي نكتب بها منشوراتنا أضحت مفهومة للقراء المشارقة، وهذا يعني أننا تمكننا من كسب رهان تصدير لهجتنا الجزائرية، باعتبارها جزء من اللغة العربية، ومن اللهجات العربية القابلة للفهم بين سائر العرب، على غرار اللهجة المصرية والأردنية والعراقية التي نفهمها نحن الجزائريون.

الكتابة باللهجة الجزائرية بدلا من العربية الفصحى، لماذا؟

لأنها أكثر قربا وحميمية إلى الفرد الجزائري من الفصحى. فعندما تعرض المعلومة للقارئ الجزائري باللغة العربية الفصحى، قد يشعر بالملل الذي ينتابه على مقاعد الدراسة الأكاديمية، وقد يتجاهل النصّ.

ثم إننا نتّبع معايير محدّدة في كتابة منشوراتنا، ونحن نعمل على تحسينها باستمرار، بحيث نحرص على أن تكون لغة النصّ “معرّبة” أكثر،  ومن دون مفردات فرنسية. وعندما يقرأ المتابع نصّا بلغة تعاملاته اليومية، تكون نسبة تفاعله مع المحتوى أفضل.

حتى لو كانت المعلومات التي تكتبون عنها تقنية محضة؟ ألم تواجهوا أي صعوبات في الكتابة عن مواضيع طبية وعلمية باللهجة الدارجة؟

لا توجد أي صعوبات، حتى المعلومات الأكثر تعقيدا يمكننا التعبير عنها باللهجة العامية.

قصة “التغيير” التي بدأت بتعليق سلبي..

تقولون إن هدف مشروع “تليد” هو ترقية الفرد الجزائري من جميع النواحي. هل ترون أنه من الممكن تحقيق هذا الهدف من خلال كتابة المحتوى؟

أؤكد لك بالمناسبة أننا تلقّينا قصصا كثيرة عن متابعين لمحتوانا، حول التغيير الذي طرأ على حياتهم من جميع الجوانب، وكيف  أنهم انتقلوا من طريق إلى طريق مختلف تماما، بفضل المحتوى وحسب.

أحد هؤلاء طالب جامعي كان يتعاطى المخدرات، وقد أخبرني أنه شاهد بثّا مباشرا على إحدى صفحاتنا، حول أفكار الراحل مالك بن نبي عن النهضة والحضارة، وهي الأفكار التي نهتمّ بها كثيرا في “تليد” بالمناسبة. قال لي هذا الشاب أنه ترك تعليقا سلبيا على البثّ المباشر، من قبيل “راك تخرط على الناس”!.

زكرياء على اليمين مع مشاركين في مسابقة وطنية للبرمجة بالمدرسة الوطنية العليا للطاقات المتجددة بباتنة

بسبب ذلك التعليق، بدأت منشورات الصفحة في الظهور تباعا أمام الشاب في فيسبوك، وهو ما جعله يكتشف أن هناك حياة أخرى، وأناسا من نوع آخر مختلفين عنه وعن الحياة التي يعيشها.

بدأ أسلوب الشاب في التعليق يتغيّر من منشور لآخر. وبدلا من السخرية، أصبح يطرح أسئلة تجول في ذهنه حول المنشورات. وكان يتلقى ترحيب المشرفين على الصفحة وإجاباتهم على أسئلته، وهو ما جعله يتوصّل إلى قرار بتغيير حياته إلى الأفضل، وإلى الانخراط في حملات تطوّعية، والعودة إلى الدراسة والالتزام بالصلاة.

عندما أخبرني هذا الشباب بقصّته، كنت لا أزال أذكر تعليقه، وكيف أنني أجبته بصدر رحب:تفضّل بمشاهدة الفيديو إلى الأخير، واحكم بنفسك إن كان مجرّد “خرطي” مثلما تقول.

ما الذي يجعل صانع محتوى متطوّعا قادرا على التفاعل الإيجابي مع المتابعين، بما في ذلك المشاكسون منهم؟

أعتقد أنها الرسالة. عندما يحمل صانع المحتوى همّ رسالة ما، سيلعب ذلك دورا كبيرا في ما يقدّمه للناس. فلو كان هدفك ككاتب للمحتوى هو الشهرة، فإنك لن تتحمّل التعليقات السلبية، لكن الرسالة فقط من شأنها أن تسمح لك بإدراك أنك أمام ذهنيات مختلفة، وأنك ستلقى مقاومة من جميع الأشكال، وتكون مستعدّا لذلك.

متى كان تحوّل رسالتك في الحياة إلى مشروع محتوى على مواقع التواصل؟ كيف كانت بداية “تليد”؟

كانت فكرة المشروع تجول في ذهني منذ فترة. وقد كنت أشعر بأن التوازن بين ماهو مفيد وماهو مبتذل يكاد يغيب عن المحتوى الجزائري في مواقع التواصل. فقمنا بإطلاق مجموعة صفحات تعنى بالمحتوى الجيّد الذي يكتبه متخصّصون فقط، وفي عدّة مجالات.

دكاترة وطلبة جامعيون.. يجمعهم “شغف” المحتوى

بين مجموعة “تليد” صفحة حول علم الفلك. هل تملك فلكيين في فريقك؟!.

نعم هناك فلكيون هواة بين كتابنا!. حتى إنهم حقّقوا إنجازا جميلا مؤخرا، وهو يتمثل في رصد مذنّب “الأخضر اللامع” النادر، الذي يظهر مرة واحدة كلّ 50 ألف سنة، وكان كتّاب “تليد” أول من يرصد هذا المذنّب في الجزائر.

لدينا مزيج رائع في فريق “تليد”، بين دكاترة، وطلبة جامعيين، وأساتذة مقبلين على نيل درجة “البروفيسور”، وأطباء، ومهندسي إعلام آلي، وشباب شغوفين بالكتب. لدينا شرطان أساسيان لقبول كتّاب المحتوى في صفحاتنا وهو التخصّص والشغف.

فهدفنا هو أن نكون مرجعية للباحثين عن المحتوى الجيّد في الجزائر. لذلك نركّز كثيرا على جزئية الاختصاص، لضمان مصداقية ما نقدّمه للمتابعين.

كلّ كتّاب المحتوى لديك متطوّعون بدافع الشغف، كيف تقيّم هذا الشغف في العادة، لدى المتقدّمين للكتابة كمتطوّعين في “تليد”؟

من خلال الأعمال السابقة للمترشّحين، وحتى إن لم يكونوا قد كتبوا شيئا من قبل، فإننا نطلب منهم كتابة 3 نصوص لتقييم أسلوبهم ومدى تمكّن من المجال الذي يكتبون عنه.

لا تواجه أي صعوبة في إقناع كتّاب المحتوى بالعمل من دون مقابل مادي؟

لا، الحمد لله. مستوى الشغف مرتفع لدى كتّابنا، ماشاء الله.

أعتقد أيضا أن المبدعين يرغبون في أن يكونوا جزء من علامة “تليد” ومن مشروعها ومن المحتوى الذي تقدّمه، لما يتمتّع به من مصداقية وشفافية.

مؤسس “تليد”: نموذج التطوّع أصبح مختلفا في أيامنا

ومع ذلك سيكون المشروع بحاجة إلى مداخيل مالية في وقت من الأوقات..

في الواقع نحن بصدد إطلاق مؤسسة ثقافية وعلمية تهتمّ بتنظيم التظاهرات العلمية والثقافية في الجزائر، فضلا عن صناعة المحتوى. سيبقى هدفنا غير ربحي دائما، لكننا سنلجأ إلى بعض الموارد مثل عقود الرعاية، من أجل مواصلة العمل.

فنموذج التطوّع في أيامنا أصبح مختلفا عمّا كان عليه في السابق، ولم يعد يقتصر على المساهمة بجزء من الوقت والجهد في أعمال خيرية، بل أصبح في حاجة إلى متطوّعين متفرّغين للمشروع.

ماذا عن “تليد +”؟

“تليد +” هي منصة للفيديو، ونحن بصدد التحضير للدخول بقوة في هذا الميدان، عبر سلاسل متنوّعة نأمل أن تحظى بإعجاب متابعينا.

تقومون بمبادرات ميدانية كثيرة مثل الحملات التطوّعية، وجلسات تعليم اللغات. كيف هي العلاقة بين محتوى “تليد” وهذه المبادرات؟ هل يقدّم المحتوى جمهورا للخرجات الميدانية، أم أن النشاطات الخارجية هي التي تنقل المحتوى إلى جمهور أوسع؟

في “تليد” نمنح كلّ الاهتمام لمتابعي صفحاتنا، فهم أصحاب الفضل في ما وصل إليه المشروع، وفي تجسيد نشاطات كثيرة على أرض الواقع.

من جهة أخرى، تساعدنا النشاطات الميدانية على بناء علاقات جديدة، وهذا عنصر مهمّ. وقد تعرّفنا بالفعل على أشخاص رائعين، في مجال التطوّع والحملات الخيرية بشكل خاص.

مطلع فيفري 2023، نظّمت “Easy peasy” إحدى صفحات “تليد”، ملتقى شبابيا لهواة تعلّم الإنجليزية في قالمة

وما يشغلنا في هذه النشاطات، ليس مجرد أن تكون لنا نشاطات ميدانية يتحدث عنها الناس، وإنما هو الأثر الذي تتركه في حياة الأشخاص، سواء كانت حملات خيرية، أو فعاليات ثقافية وعلمية.

نشّطنا مؤخرا فعالية لتعليم الإنجليزية في قالمة، أين تعرّف المشاركون على طرق وأفكار جديدة في هذا السياق. كما حصلنا على عروض كثيرة للمساهمة في نشاطاتنا أو لتمويلها، ويسعدنا كثيرا هذا الاهتمام.

أخبرنا الآن عن خطوات “تليد” القادمة

حاليا نحن في مرحلة الانتقال من المواقع إلى الواقع. سيتطلّب هذا وقتا، وإجراءات رسمية قبل إطلاق المؤسسة التي تحدثت عنها آنفا.

نفكّر أيضا في التوجّه إلى الجمهور العربي، في مصر والأردن وسوريا والسعودية، حيث نحظى بمتابعين كثر من هذه البلدان. فالسعوديون من أوائل متابعي محتوانا الصوتي على منصات البودكاست. وهناك سوريون كثيرون بين متابعي صفحتنا “انصحني بكتاب”.

سيكون موقعنا الإلكتروني كذلك، أول موقع عربي يوفّر قراءة صوتية لكلّ محتوياته المكتوبة. وقد وصلنا إلى نشر 300 قراءة صوتية لمقالاتنا، من بين 500 مقالا منشورا على الموقع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!