-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا ترك لنا عبد الكادر؟

عمار يزلي
  • 1599
  • 0
ماذا ترك لنا عبد الكادر؟

كم من مرة أتساءل: هل يعلم أو يدرك بوتفليقة ماذا خلَّف وراءه؟ وهل يشفع له مرضُه وينجيه من المحاسبة والمحاكمة السياسية لنظامه الفاسد؟ ألم يكن مطلعا على كل كبيرة وصغيرة وفي كامل قواه العقلية وأكثر حسب زعم رؤوس الفساد السياسي والإداري والمالي في نظام عبد الكادر المالي؟ ألم يكن يسكت عن كل التقارير التي تصل إليه لكي يستعملها لابتزاز الخصوم والضغط وتركيع واستعمال الأصدقاء الخدم، كونه لم يكن يملك أصدقاء بالمطلق؟ هل كان مجرّد صورة وكادر خاضع لسلطة الأخ الأصغر والباندي الأكبر؟.. لا أعتقد.. لأنه كان مسؤولا عن كل صغيرة وكبيرة..

هكذا رحتُ أعيد رسكلة تلك الأيام من خلال شريطٍ مصوَّر باللونين الأبيض والأسود.. شريط حلمٍ.. تحقق فيما بعد.
كان الإخراج التلفزيوني يزيد جمالا على جمال الصورةَ الواقعية والحقيقية لتطوُّر الجزائر والشعب الجزائري: لقد قضينا على البطالة “هذا شحال من عام”، التضخُّم قلَّعنا له جدّ والديه، الأسعار؟ خلاص.. ثلاثة كيلو بعشرين.. انتهت السرقات.. المرأة تمشي من باب.. العمال كلهم زدنالهم في الخلصة حتى بداو يردُّوا اللي شاط عليهم للدولة.. الاستيراد قلّ، والإنتاج الوطني زاد.. لا دواء واحد يدخل، بل نصدِّر (المرض.. ربما). الجوائز؟ كل مرة نتحصل على المراتب الأولى (.. في ذيل القائمة).. أرقام مُدهشة.. ما كان لا ربيع عربي ولا أمازيغي.. الشعب دخل الجنة، واللي بغى يدخل للنار، ها هي الحدود والطراباندو والمازوت.. وليسانس والماء استر!
هذا، ما قُدِّم لي في التقارير المكبوتة والمكتوبة.

كان عليَّ أن أستقبل على مضض مجاهداً كان معي في وجدة، ولم أره منذ ثلاثين سنة.. لا يزال فلاحا في قريته النائية، لم يستفد من أي شيء ولم يسجِّل نفسه حتى مجاهدا.. رفض أن يتاجر بالجهاد.. متعلم وحافظ للقرآن، كل أبنائه صاروا أطباء ومهندسين وطيارين، وبقي هو فلاحا يفلح قطعة أرض عائلية.. منعوه من الدخول أكثر من مرة، فصرت أنا الآخر أتمنّع عن استقباله.. لكن هذه المرة، قرَّرت أن استقبله.. فقد أخبرهم أن المسألة عائلية، لكنهم اشترطوا عليه ألا تتجاوز مدة الاستقبال 10 دقائق، بحجَّة أني مريض ولي أعمالٌ شاقة وأجندة مليئة حدّ الحلقوم، وهذا قبل أن يدخل عليّ ليروي لي الحقائق، وبالملفات التي كنت أعرفها وأسكت عنها.. كان قد دخل بـ”مفظحة”، لم يسمحوا له بإدخالها، فعادة ما يدخل عندي أحد من غير الشخصيات أن يجرَّد من ثيابه ويستحمّ حتى لا ينقل لي مرض أنفلوانزا الخنازير، لكني طلبت منه إحضارها فجاءوني بها.

استقبلتُه واعتذرت له تحت عدة أعذار قبل أن ينقل إليَّ الأخبار كلها عن الجنة على الأرض “التي كانوا يوعدون” وعن “جنتان عن يمين وشمال” كما كانوا يدّعون.. أطلعني في ظرف ساعتين على كل الأشياء (نهرتُ البروتوكول أربع مرات، والذي جاء كل مرة ليطلب منه التفضُّل لأنَّ وقت الاستقبال قد انتهى).. أطلعني أيضا على الملفات التي حمَّلها إياه بعضُ من يعرفون أنَّ لي معه قرابة عائلية ونضالية.. وكانت الكارثة معروفة.. فساد عام وجهنَّم على الأرض.

لم أتمالك، وهويتُ مغشيا عليَّ بعد أن شعرتُ أن بركانا انفجر في دماغي، ولا أتذكَّر سوى أن عمي عمر، كان يقول لهم: والله ما أنا.. أنا خاطيني، وهو يقاد بالضرب والسبّ خارج المكتب.. يعلم الله ماذا جرى له فيما بعد.. سأرى ذلك عندما أتمكَّن من الكلام.

عندما أفقت، كانت الأخبار عن الحراش والبليدة والمنجل والعصابة تغزو القنوات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!