-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا وقد تغيرت جغرافية جسدك؟!

فريدة بن سليم
  • 2655
  • 6
ماذا وقد تغيرت جغرافية جسدك؟!
ح.م

جبلت الأنثى على الاهتمام بجمالها وشكلها، والرغبة في الظهور بشكل مثالي، وتصبو جاهدة نحو  الكمال في الجمال، حتى ذلك الجمال الذي لا يدرك.

فتجدها حريصة على معالمها الأنثوية من اتباع حمية ونظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة واللهث وراء صالونات التجميل لتغيير تسريحات الشعر، وتلوينه، ورسم الحواجب، وتركيب الرموش وحتى الشعر. فهوسها للوصول إلى مبتغى الجمال يدفعها حتى للجوء إلى عمليات نحت الجسم والتكبير أو التصغير أحيانا .لتظهر دائما أمام مرآتها في أبهى حلة، معجبة بنفسها وجمالها.

فالاهتمام بكل منطقة، وعضو في جسدها من الوجه حتى القدم هو واجهه معبرة عن جمالها وأنوثتها. ولكن ماذا لو فتك مرض خبيث بإحدى أعضائها، وغير من جغرافية جسدها وزلزل معالم أنوثتها لدرجة أن أجبرها على التخلي عن جزء من جسدها؟!

ماذا لو استؤصل ما يعبر عن هويتها الأنثوية سواء كان الرحم أو الثديين لتهتز ثقتها بنفسها، وأنوثتها؟ لتتساءل هل ما زلت أنثى اليوم؟ هل سأبقى امرأة في نظر نفسي، وفي نظر الرجل والمجتمع أم أنا نصف أنثى، ونصف امرأة. ولست بأنثى كاملة؟

أسئلة كثيرة تطاردها المرأة المصابة بسرطان الثدي أو الرحم. وما إن تمسك بها، حتى تنفلت منها مجددا.لتعيش في دوامة من الحيرة، وفقدان الثقة بالنفس، والاكتئاب وحتى الوحدة والشعور بالدونية والنقص إزاء ذاتها.

ويكون لعملية الاستئصال تبعات نفسية من حزن ووجع  تعانيه المرأة بصمت خاصة عندما يبادر الكثيرون بالشفقة، ويتخلى عنها الأقربون إليها، وينظرون إليها بعين الازدراء، وحتى الاشمئزاز، وخاصة الرجل الذي سواء كان قد ارتبطت به أو سترتبط به. فالكثير ممن يفسخون خطبتهم،وهناك من يهجر زوجته، التي لا يتقبل شكلها بعد الاستئصال، ولا تعود مرغوبة من قبله حتى لا يعود بمقدوره الاقتراب منها، ولا رؤية  جسدها، وما طرأ عليها من تغيير، ليحسسها بنقصها. حتى هناك من يصل إلى درجة الانفصال، وتطليق زوجته لتخوض مريضة سرطان الثدي والرحم معركة من مختلف الجبهات، تلك المعركة التي إن لم تنه حياتها، خرجت منها بعطب لازمها مدى الحياة. ففي معركة مجابهة السرطان أقل الخسائر التي نخرج بها هو التخلي عن جزء من الجسد في محاولة لإنقاذ باقي الجسد.

ويبقى للعطوب الجسدية تبعات نفسية ليس بالأمر الهين أن تتجاوزها المرأة المصابة  حتى تمضي قدما في الحياة، إذ تحتاج لدعم نفسي، واستعادة ثقتها في نفسها، والتأقلم مع الوضع الجديد، و الأهم الرضا.

وقد يكون لنجاحها في محاربة هذا المرض الخبيث استشعار بلذة انتصار عليه لكنها تبقى لذة ممزوجة بوجع و ندوب جسدية، وأصعبها الندوب النفسية التي تعيشها المصابة بعد رحلة العودة من الموت والتعافي. فالرحلة التي كللت بالنجاح خلفت خسائر يصعب تداركها. وهنا العزاء لن يكون ذو فائدة لمريض تجلس بجانبه لتبكي معه أو تبكيه. ومهما نمقنا في كلمات المواساة إلا أن وقع الوجع في نفس المرأة يتعدى صداه قدراتنا على سماعه واستيعابه والشعور به لأننا لم نمر بذات الألم، لنشعر بما تشعر بها لحظتها.

وفي الخسارة والابتلاء قد نتسلح بإيماننا  وعزائنا في عوض الله لكن هناك خسارات غير قابلة للتعويض، فقد يتمكن أطباء التجميل والعلم بتطوره الجبار من إجراء عمليات الترميم للثدي، لكن عمليات الترميم هل ستعيد شعور الأمومة التي قد تحرم منه المرأة التي استؤصل رحمها خاصة إذا كانت لم ترتبط بعد. تلك النعمة التي خصت الطبيعة النساء بها، ولا يستشعرن بكمالهن إلا من خلالها؟

إن استئصال أي عضو أنثوي بالنسبة للمرأة هو خسارة لأنوثتها، وشعورها الدائم بأنها مشوهة وناقصة. والمرأة المصابة بسرطان الثدي أو الرحم بعد الاستئصال لا ترجو سوى الاحتواء وكلمات حب صادقة يخبرونها: “إن كل شيء بخير ولم يتغير فقط لتطمئن وتعود ثقتها بنفسها”.
وسواء أنت مصابة بالسرطان أو استؤصلت إحدى أعضائك،سواء تساقط شعرك، تغيرت ملامحك، عانيت من النحافة المفرطة، شحب وجهك..أنت جميلة. والأهم أنت أنثى، وستبقين أنثى وجميلة، فالأنوثة بحد ذاتها جمال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • شخص

    (( بل تؤثرون الحياة الدنيا و الآخرة خير و أبقى )) [صدق الله العظيم]

  • خليفة

    من طبيعة المرأة ان تهتم بشكلها و جمالها ،و تعمل كل ما تستطيع للحفاظ على ذلك الجمال ،و لكن اذا تعرضت لحادث او مرض و تشوهت بعض اعضاءها الجسدية،فقد تصاب بالقلق و تشعر بالحزن،و قد يبدو غير مرغوب فيها من طرف زوجها او محيطها الاجتماعي،و لكن هذه عادات اجتماعية غير مرضية ،ذلك لان الجمال الحقيقي للانسان اخلاقه ،فاذا ذهب جمال الجسد و المظهر يبقى جمال الاخلاق و المخبر،فالناس عندما يموت شخص عزيز ،لا يذكرون جمال جسده و انما يذكرون مكارم افعاله و اخلاقه ،فجمال الجسد يزول و لا يبقى الا جمال الاخلاق و الافعال،و لذلك ،فرب جميل الوجه قبيح القلب،و رب قبيح الوجه طيب القلب ،و هكذا فالعبرة بالقلب و ليس بالقالب.

  • شبعتونا خرشف

    ولما التعليق

  • مستغرب

    نصيحتي للنساء وهي بسيطة حافظوا على اشكالكم كما خلقكم الله حتى لا يمل منكم اي طرف اخر
    التصنع ومحاولة تغيير خلق الله نتائجه وخيمة وابسط مثال ما جاء بالمقال
    تصبحوا مثل السيارات الجديدة ادنى خدش و تضرر يظهر عليكم يمل منكم اقرب الناس اليكم
    لهذا لا يوجد افضل من ان يبقى الانسان على حاله حتى يعتاده المحيطون به ويتقبلوه كما هو
    وان لم يتقبلوه لن يكون له اضرار نفسية كبيرة
    باستثناء من تعرضوا لحوادث او يعانوا من تشوهات خلقية اكيد لهم مبررات منطقية وحتى شرعية بعمليات التجميل واعادة شكلهم للوضع الطبيعي
    من غير هذا لم افهم سبب الحاح بقية البشر على تغيير اشكالهم و نحت اجسادهم بدل نحت عقولهم ؟!

  • محمد ب

    **)يا خادمَ الجسمِ كمْ تَشقَى بِخِدْمَتِهِ .. أتَطلُبُ الرِّبْـحَ فيما فيه خُسـرانُ
    أقْبِلْ على النفسِ واسْتكمِلْ فَضائِلَها..فَأَنْتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إنسـانُ
    **)ﻋﺠــﻮﺯٌ ﺗُـﺮﺟِّـﻲ ﺃﻥ ﺗﻜـﻮﻥ ﻓﺘـﻴـَّﺔً ** ﻭﻗﺪ ﻧﺤﻞَ ﺍﻟﺠﻨﺒﺎﻥِ ﻭﺍﺣﺪﻭﺩﺏَ ﺍﻟﻈﻬْـر
    ﺗﺪﺱُّ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻄَّﺎﺭ ﺳﻠﻌـﺔَ ﺃﻫﻠِﻬﺎ ** ﻭﻫﻞ ﻳﺼﻠﺢُ ﺍﻟﻌﻄـَّﺎﺭ ﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪَ ﺍﻟﺪَّﻫْﺮُ
    **{روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".}.
    ** وكلّ ما على التراب تراب.

  • محمد التنسي

    موضوع ذو اهمية والاهم منه العبارة الاخيرة من المقال ،لو تاملته كل امراة وعملت به فكثير اماخربت بيوت وشردت ذرية بهذا السبب فبعضهن ترجلت لان هوس العصرنة انساها حقيقتها .