-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما أكثر ما يجمعنا لو أمْعَنَّا النظر!

ما أكثر ما يجمعنا لو أمْعَنَّا النظر!
أرشيف

سواء كان بين الأجيال أو بين القطاعات أو الهيئات، يبقى البحث عن نقاط التكامل وتعويض نقائص كل طرف أفضل من البحث عن الفروق والصراعات والخلافات لطرح أي تصور للمستقبل.

كل الدول التي تمكنت من التقدم، إنما وجدت لنفسها صيغة من صيغ التكامل الداخلي.. وكل الدول التي استمرَّت تُراوح مكانها إنما أَقحمت نفسها، أو أُقحِمَت، في صراعات بَينية لم تتمكن من الخروج منها.

على صعيد التكامل بين الأجيال، بإمكاننا أن نجد نقطة التوازن بين الجميع التي تُمكِّن من خلق الديناميكية المطلوبة.. لكلٍّ دوره ومكانته. الخطأ يكون عندما تنقلب الأدوار أو يحاول جيلٌ احتكار جميع الأدوار على حساب غيره، أو الادِّعاء بأنه الأقدر على القيام بالبناء دون الحاجة إلى الآخرين، أو أن غيره قد استنفد ما في جعبته ولا مكانة له في صناعة المستقبل.

وذات الشيء ينطبق على التكامل بين القطاعات العامة والخاصة، التابعة للدولة والتي يمتلكها الأفراد، لا نستطيع أبدا بناء مؤسسات قوية كلها للخواص أو كلها للدولة. لم يعد ذلك ممكنا لا في الصين الشيوعية ولا في الولايات المتحدة الأمريكية الليبرالية. كلٌّ أوجد لنفسه صيغة للتكامل انطلاقا من خصائصه التاريخية وظروفه المادية وتجربته الاقتصادية، ونَجح في ذلك.

وما ينطبق على المجال الاقتصادي ينطبق على التعليم والتربية وتنظيم المجتمع، وعلى كافة القطاعات الحسّاسة في مجال الأبحاث المتقدّمة والعلوم التطبيقية والدفاع الوطني.

لقد أصبحنا اليوم نعيش ظاهرة الاندماج والتعاون أكثر من ظاهرة الانقسام والتفكك. وما ينطبق على الجوانب الاقتصادية والتعليمية والأمنية ينطبق على الجوانب الفكرية والثقافية.

إن كل الخطابات التي مازالت تعتقد أنها تستطيع تعبئة الرأي العام، تحت عنوان الصراع، إنما تَتْبع طريقا بلا مخرج لأنه لم يعد بإمكان تحقيق أي من أهداف التنمية أو البناء دون البحث فيما يجمع لا فيما يُفرِّق. لقد وَلَّى زمن الخطابات العصماء، الحماسية، التي ترى نفسها على صواب وغيرها على خطأ، لأنها تكون قد أغفلت تلك المساحة الواسعة بين الخطأ والصواب التي تتسع للجميع. وكم هي حاملة للأمل تلك المساحة.

لقد ولّى أيضا زمن تضييق الرؤية والحركة ضمن القناعات الشخصية، أو اعتبار أنه لا يوجد سوى حل واحد ووحيد لما نعرف من مشكلات…

لم يعد في العالم اليوم حل واحد ووحيد في المسائل المتعلق بأمور الدنيا، ولا نموذج واحد يصلح للاتِّباع، كلٌّ أعلم بأمور دنياه وكلٌّ أعلم بأمور بلده. كل دولة، وكل مجتمع بإمكانه ابتكار نموذجه انطلاقا من صيغة للتكامل بين خصائصه الذاتية وخبرته التاريخية وتقاليد شعبه. وهذا الذي ينبغي لنا إبرازُه والعمل على تحقيقه في الميدان. انتهى زمن الشعارات والنماذج الجاهزة. تكاد كل دولة أن يكون له نموذجُها الخاص وخياراتها، كما لكل دولة صعوباتها ومشكلاتها. المقارنات لم تعد تصلح. لنجلس معا، لنتحاور معا، وبدل أن نبحث عن عناصر الخلاف التي بيننا، لنبحث عن عناصر التكامل، وما أكثرها لو أَمْعَنَّا النظر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الجديده

    لايجب البحث عن ما يجمعنا ..يجب تحفيز الكفء والتسابق نحو الافضل والبقاء للصالح الدي يفيد المجتمع ميدانيا

  • ناجي بن العيد الطريفي

    ان العنصر الوحيد الذي وحدنا و به انصهرت مكونات مجتمعنا و اعراقنا في بوثقة االاخوة والالفة هو الاسلام وليس هناك شيء آخر يوحدنا غير الاسلام مهما حاولنا