-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد صدام؟

الشروق أونلاين
  • 1189
  • 0
ما بعد صدام؟

وإن كان الحكم بإعدام صدام حسين منتظرا منذ إلقاء القبض عليه وبدء محاكمته منذ أكثر من سنة، إلا أن يوم أول أمس، يوم إعلان الحكم رسميا، سيظل راسخا في التاريخ، ليس لأن القانون أخذ مجراه وصدام لقي جزاءه؛ ولكن لأن الحكم كان سياسيا وأمريكيا محضا وبالتالي فهو في حدّ ذاته جريمة شنعاء، ترتكبها أمريكا والشعب الأمريكي برمته الذي يختار حكامه ومسؤوليه دائما من المجرمين الذين يرفعون لواء معاداة الشعوب الأخرى ويظهرون إرادة القضاء على كل من يخالفهم الرأي أو يحاول الوقوف في وجه مخططاتهم التوسعية الإجرامية مثلما يفعل اليوم زبانية بوش أو ما يسمى صقور البيت الأبيض مع مجموع الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان.محاكمة صدام حسين، والحكم عليه بالإعدام شنقا، يعني جريمة في حق القانون ترتكبها أمريكا باسم القانون والعدالة والشرعية الدولية وتوكل تنفيذها لمافيا الأكراد وكبار المسؤولين في بقايا الدولة العراقية إلى القضاة وأعضاء الإدعاء العام الذين تداولوا على عملية إجراء المحاكمة، أي أن الدافع الأساسي لهذه المحاكمة وهذا الحكم الحقد والانتقام العرقي والسياسي وليس بدافع سيادة القانون أو عقاب صدام على جرائمه الثابتة بالدلائل والحجج البينة في حق الشعب العراقي بكل فئاته وطوائفه وانتماءاته السياسية أو على ما فعله في الكويت وإيران، ولذلك كان أول من سعد بحكم الإعدام هو الرئيس بوش الذي طالما نادى بإلغاء هذه العقوبة في بلده، متبوعا بتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا، حيث لا وجود للحكم بالإعدام.

الوجه الآخر للوحشية والهمجية الأمريكية في هذه المحاكمة وهذا الحكم، هو أن صدام لا يدفع أكثر من ثمن محاولة إنقاذ طاقم الجمهوريين الحاكم حاليا في البيت الأبيض بقيادة الرئيس بوش الذي لم يجد ما يواجه به الناخبين في الانتخابات الجزئية الأمريكية لهذا الأسبوع غير تقديم رأس صدام حسين لهؤلاء الناخبين والتغطية على فشله وفشل فريقه الذريع في مستنقع العراق وأفغانستان.

ثم إنه على الذين هللوا لهذه الجريمة الأمريكية النكراء، خاصة منهم إخواننا في إيران أن الحكم الصادر في حق الرئيس صدام، يتعلق فقط بتهمة قتل 181 مواطنا من الشيعة في الدجيل في حين أنه قتل مئات الآلاف من أبناء وطنه في كل مكان من العراق، شأنه في ذلك شأن كل الحكام العرب، في حين أهملت قضية قتل الآلاف من الأكراد باستعمال الأسلحة الكيماوية في منطقة حلابجة، مما يعني أن أمريكا قررت إسقاط هذه التهمة عن صدام والاحتفاظ بها لإيران للآت من الأيام، كما أنه لا يمكن أن يغيب عن هؤلاء المهللين والصامتين من العرب أن هذه القضية قد اتخذت كغطاء على نطاق واسع على الجرائم الحقيقية ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، حيث قتلت أكثر من 100 فلسطيني خلال الجلسة الأخيرة للمحاكمة واليوم الذي تلاها.

وإذا كان هناك من هدف أمريكي آخر من الحكم على صدام، فهو محاولة توجيه ضربة قوية للمقاومة العراقية الشرسة للإحتلال الأمريكي عبر محاولة ربط مصيرها بمصير الرئيس العراقي ونظامه السابق الذي انتهى بصدور حكم الإعدام كما عبر عن ذلك رئيس الوزراء العراقي، ولكن يبدو أن السحر قد بدأ ينقلب على الساحر من الآن، من خلال اعتبار المقاومة للحكم كـ”لا حدث” ومواصلة “مهامها”، بصورة عادية في العراق، وربما هذا مؤشر على أن ما ينتظر أمريكا في فترة ما بعد صدام هو أحلك مما مرّ عليها منذ بداية الإحتلال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!