-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تلمسان الجوهرة أسطورة الينابيع والغنجة ولالة ستّي

ما هي قصة المذابيح السبعة؟

فاروق كداش
  • 2268
  • 0

هي جوهرة الغرب ولؤلوة المغرب العربي وبوماريا الرومانية وأم بلاد زناتة ومدينة الجدار وفردوس الماء والهواء، هي مدينة الفن والتاريخ… آه يا تلمسان اجتمعت فيك كل الألقاب وأجمعت عليك كل الألسن. الشروق العربي تأخذك في رحلة إلى مدينة تسلبك بسحرها وتبهرك بحكاياها.. أطاع لساني في مديحك إحساني وقد لهجت نفسي بتلمسان.

اقترنت العديد من المدن الجزائرية بالماء وسميت تيمنا به منها عاصمة الزيانيين تلمسان، وقد اشتق اسم المدينة من ثالة، ويعني العين ومسان ويعني اثنان، ليكون اسم تلمسان معناه مدينة الينبوعين أو زوج عيون، الاسم الذي نجده في مناطق أخرى مثل العاصمة والبليدة. وهناك اختلاف في التسمية إذ هناك من يقول إن اسم تلمسان جاء من تلمسين أو تلماس ويعني جيب الماء. وقد ذكرها ابن خلدون في كتابه “بغية الرواد في أخبار بني عبد الوادي وأيام أبي حمو الشامخة الأطواد”: “ودار مُلكهِم وسط بين الصحراء والتل تسمى بلغة البربر تلمسن؛ كلمة مركبة من تلم ومعناه تجمع، وسن ومعناه اثنان أي الصحراء والتل”.

أسطورة الغول والينابيع

ترتبط تلمسان بخرافات وأساطير كثيرة تنسج من وحي الخيال ولكنها أحيانا من وحي الواقع، وتروي الجدات أشهر أسطورات المدينة عن الغول الذي نضبت بسببه كل عيون المدينة منها الأوريت والمفروش ومويلح بوكيو وساقية النصراني وصهريج بادة.. وتصدي أحد أمراء تلمسان للغول قائلا: “لقد رحل الماء لا بد أن أعيده”، وقاتل الأمير هذا الوحش وأرداه قتيلا، فانفجرت كل هذه العيون ماء رقراقا عذبا سلسبيلا وتفجرت عيون أخرى مثل عين الوزير وبنت السلطان والكوبة والطلبة والحوت والحجل والمهاجر.

وفي أوقات القحط وشح المياه، كان التلمسانيون يلتمسون الغيث من الله عز وجل ويقيمون صلاة الاستسقاء، بينما يسارع بعض الجهلة إلى طلب العون من الأولياء أمثال سيدي داودي وسيدي بومدين وسيدي عبد القادر ولالة سيتي وسيدي بوجمعة. وكان الأطفال يجوبون الشوارع حاملين دمية من القماش أو فزاعة من خشب ترتدي جبة ويطلقون عليها الغنجة وهم ينشدون: “الغنجة الغنجة نطلبوك الرجا يا ربي اعطينا الشتا» وتنحدر كلمة

غنجة من العربية غناء، وكانوا يصدحون أيضا بقولهم: « يا شتا صبي صبي ما تصبيش عليا حتى يجي حمو خويا يغطيني بالزربية». وكانت النساء يبتهجن بعرس الديب حين يظهر قوس قزح مع المطر ويهزجن: «شريكة جات الله الله فضيلة جات الله الله» وحين تعصف العواصف يدعين: « غيثنا غيثنا يا لطيف بخلقه إذا نزل القضا يتبعه اللطف».

أسطورة لالة ستي والمذابيح السبعة

من أشهر نساء تلمسان الولية الصالحة لالة ستي، التي يقال إنها قدمت من بغداد إلى تلمسان عبر غزو المغول للمدينة، وهي ابنة الشيخ عبد القادر الجيلاتي، صاحب الطريقة القادرية، المعروف باسم قطب بغداد، وهي أول امرأة صوفية سكنت هضبة سميت باسمها وعلى ضريحها كتب:

لالة ستي هي الولية الصالحة بنت الشيخ عبد القادر الجيلالي تنحدر من سلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أصغر أخواتها قدمت من بغداد لتستقر في تلمسان، عاشت خلال القرنين السادس والسابع، كانت لها كرامات.

وعرفت لالة ستي بالكرامات، فقد كانت تعالج النساء من كل الأمراض خاصة العقم ولها بركات شهدها البادي والقاصي..

وقد اشتهرت قصة في تلك الحقبة وهي قصة المذابيح السبعة الذين امتحنهم الشيخ سيدي احمد بن يوسف الملياني الراشدي، فمن مئات الأوفياء فقد اجتاز الامتحان منهم قلة قليلة، ويقال إن لالة ستي كانت من بينهم ولكن هذا الاحتمال ضئيل جدا حسب الروايات.

ولكن ما هي قصة المذابيح السبعة؟

يروى أن الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني جمع يوما مريديه حول منزل مهجور كان يفوق عددهم 400 مريد، وقد أخذ في يده سكينا وأظهره لهم قائلا: ‘‘إنّ الله قد أمرني هذه الليلة في المنام بأن أضحّي بعشرين رجلا منكم لكي يجنّبكم مصيبة كبيرة يمكن أن تقع علينا وعلى كلّ البلاد.. أعرف أنّكم أوفياء لي وأنّ ثقتكم بي كبيرةٌ، لا أريد أن أرغم أي واحد منكم، فالّذين يحبون الله القريب، ويحبّونني يأتون ويمدّون لي رقابهم لكي أضحي بهم”.

لكن سرعان ما تفرقت الجموع من حوله، واختفى مريدوه الأوفياء الأتقياء إلاّ سبعة منهم من بينهم سيدي نائل والسهلي والفجيجي وسيدي يعقوب وسيدي بودخيل القادري والكرزازي، وأخيرا ابن أبي سماحة، الذي كان أول الملبين لنداء الشيخ فاستحق المشيخة.

لم يكن ذلك إلاّ امتحانا تخيّله الشيخ أحمد بن يوسف الّذي كان عليه أن يهب سرّ الطريقة الشاذلية، ويتطلّع إلى روح التضحية والإخلاص لدى مريديه لكي يصوّب اٍختياره.

تلمسان ملهمة الشعراء

كانت تلمسان ملهمة الشعراء على مرور الحقب والعصور فقال فيها الثغري:

تاهت تلمسان بحسن شبابها

وبدا طراز الحسن في جلبابها

ومدحها ابن عمر الحجري:

سل الريح إن لم تسعد السفن أنواء

فعند صباها من تلمسان أنباء

وكتب عنها ابن اللبانة فقال:

حيا النسيم تلمسان بواكف القطر هطال

فقد قضت كل إحسان بجودها يا ابن شملال

ومن أشهر ما قيل في تلمسان ما قاله الأمير عبد القادر:

إلى الصون مدّت تلمسان يداها

ولبّت فهذا حسن صوت نداها

وقد رفعت عنها الإزار فلج به

وبرد فؤاداً من زلال نداها

وذا روض خدّيها تفتق نَوره

فلا ترضَ من زاهي الرياض عداها

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!