-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الفنان الملتزم عبد الرحمن عزيز

مبدع في فن عالج به المرضى وهذب به النفوس

صالح عزوز
  • 1448
  • 1
مبدع في فن عالج به المرضى وهذب به النفوس
ح.م
الفنان عبد الرحمن عزيز

حنجرة تمرست في الفن الهادف والأغنية الملتزمة من أناشيد ومدائح دينية منذ الصغر لا يزال صوته صداحا إلى حد الساعة في الكثير من المناسبات الدينية على غرار المولد النبوي الشريف.. فقد ارتبط اسمه بهذه الأغنية التي تتكرر مع كل سنة، مع مولد الحبيب عليه الصلاة والسلام، فعرفه من خلالها السابقون واللاحقون، وحفظها الكبير والصغير منا عن ظهر قلب، وبقي صداها يسير بين الأجيال، وأضيفت إلى مكتبة الأغنية الملتزمة في الثقافة الجزائرية.. نقف في ركن أسماء من الذاكرة لهذا العدد، مع الفنان الملتزم عبد الرحمان عزيز.

نشأ في أسرة بسيطة محافظة متدينة وملتزمة، وهذا ما يظهر جليا في ما قدم من فن في ما بعد. ولد في الجزائر العاصمة، وبالضبط في الحي العتيق القصبة، سنة 1920 م، ونشأ بين المدارس الحرة، وشاء القدر أن يتوفى والده وهو في سن 15 سنة، لذا، لم يستطع إكمال مشواره الدراسي، وتفرغ للعمل وإعالة أسرة متكونة من 7 أفراد، كان هو أكبرهم.

كان تلميذا نجيبا وذكيا، ظهرت عليه ملامح فنان منذ الصغر، فكان يقوم بتلحين الأناشيد للشيح محمد الخليفة، فشاع صيته وسمعته، ووصلت إلى الشيخ “عبد الحميد بن باديس”، الذي اقترح عليه توزيع الموسيقى للكثير من الأناشيد.

ورغم أنه لم تكن هناك مدارس للموسيقى في تلك الفترة، إلا أنه لحن أفضلها وهذا لموهبة ربانية.

اشتغل في نفس الوقت بمصنع للأحذية، غير أنه كان يحمل بداخله صوتا يناديه إلى ضرورة التفرغ لموهبته، ومنها دخل إلى الإذاعة بعد الحرب العالمية الثانية، وامتهن التعليق وتجويد القرآن.. ونتيجة للصوت الحسن الرنان، اتصل به “محيي الدين بشطارزي”، وكانت بداية ولوجه عالم التمثيل، وفي نفس الوقت، كانت له مساحة زمنية من أجل الغناء.

ورغم الاستعمار الفرنسي، إلا أن عبد الرحمن لم يتخل عن حبه للفن الملتزم والأناشيد، وخصص لنفسه ساعة من مساء كل خميس من أجل التمرن على ” الجيلايلة” أو الأناشيد الدينية، وكل اثنين من الأسبوع، ينتقل إلى التمرن على الفن العصري، وكان قبل هذا كله رياضيا في الكشافة الإسلامية.

كان حلمه أن يصبح طبيبا للأمراض العقلية، فقد عرض عليه الذهاب إلى القاهرة من أجل إكمال دراسته، لكن القدر أراد له غير هذا، اتصل به في ما بعد الطبيب ” فرانز فانون” لتقديم أول حفل موسيقى للمرضى في المستشفى، بحضور نخبة كبيرة من الفنانين على غرار الهاشمي قروابي، وعندما صعد على المنصة لاحظ عليه الطبيب “فرانز فانون” تجاوبه مع الجمهور وكيفية العمل ومحاولة زرع البهجة بينهم، وهو ما كان يبحث عنه هذا الطبيب، أي لغة التواصل مع المرضى في هذا المستشفى، لذا عرض عليه العمل معه، ووافق الفنان عبد الرحمان عزيز دون تردد.. وأصبح في ما بعد، مساعدا على الإدماج لاجتماعي للمرضى بالمستشفى عن طريق الموسيقى، وببعض الأشياء الاجتماعية الأخرى، مثل العمل بالأيدي من أجل النسيان، طريقة ساعدت كثيرا من المرضى على تجاوز هذه الحالات، فقد كان يقوم بكتابة نصوص لكل مريض وإعطائه دورا مناسبا له، ثم يقوم هذا الأخير بحفظ النص، وعرضه فوق المنصة لاحقا، وسيلة عالجت كثيرا من المرضى من هذه الأزمات النفسية فرجعوا إلى بيوتهم سالمين، بشهادة من عاصروه.

وافته المنية سنة 1992 م، تاركا وراءه مجموعة من الأناشيد، التي تعتبر اليوم باقة ورد يشم عطرها كل من يحن إلى الفن الهادف الملتزم، في ظل فوضى الحس والذوق الذي نشهده اليوم. فقد غنى لأرض الوطن، فحدثنا بـ “عليك مني السلام يا أرض أجدادي”، وكذلك لاستقلال الجزائر فأبدع في “يا محمد مبروك عليك”، أخذنا إلى البيت الحرام في “يا كعبة يا بيت ربي محلاك”، وغنى لمولد الحبيب فجاءت “زاد النبي وفرحنا به” التي بقيت صداحة إلى يومنا هذا، وغيرها من الأناشيد والأغاني الملتزمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عامر

    رحمه الله برحمته الواسعة.....لقد تربينا و نحن صغار على اغانيه الشجية ...ما اجلاها و ما اروعها ....حقيقة انه الزمن الجميل....دهب دلك الجيل العظيم...رحمه الله...