-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حيث انحدر مفهوم الهزيمة من "نكسة" إلى "شرف"

مبروك.. الهزيمة المشرفة

حسان زهار
  • 1401
  • 1
مبروك.. الهزيمة المشرفة
فاتح بارة

أثبتت نتائج بطولة كأس العالم بالنسبة للفرق العربية المشاركة، ما ظلت تجسده السياسة ميدانيا، حيث انحدر مفهوم الهزيمة من “نكسة” إلى “شرف”، وقد رأينا وسمعنا كيف أبدع البعض في الإعلاء من شأن “الهزيمة” ووصفها بالمشرفة، على الرغم من أن جل الهزائم العربية في المونديال الروسي كانت بالخماسية، لكن إرادة الزعماء التي تفتديهم الجماهير “بالروح بالدم” شاءت أن نعيش هذه المفارقة الساخرة في وضع عربي يدعو للبكاء.

أذكر أنه في ما سمي “نكسة 1967″، والتي لم تكن في حقيقة الأمر سوى هزيمة ساحقة ماحقة، خرجت الجماهير المصرية عن بكرة أبيها تحركها عواطف جياشة، تطالب الرئيس عبد الناصر بالتراجع عن استقالته بعد النكسة، وفي اعتقاد تلك الجماهير المسحورة والمغبونة، أن الهزيمة المشرفة التي قلصها الإعلام إلى مجرد “نكسة”، تستدعي منه أن يبقى في منصبه حاكما لمصر، وأن لا يتحمل مسؤولية ما وقع.

اليوم تغير الوضع للأسوأ، ولم تعد الهزائم لها طعم المرارة على الأقل، كما كان في الماضي، بل صارت تلك الهزائم مشرفة وربما تستدعي الفخر والاعتزاز، على اعتبار أن أصحابها لديهم قدرة رهيبة في تلقي الصفعات وهم يضحكون، وهو الواقع الذي لو أسقطناه على الحياة العامة العربية، لتجسد في صور مثيرة للشفقة، حين لا نقدر على عدّ كم الهزائم العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها، إلى درجة أنها صارت من يوميات الناس، لا تستقيم الحياة من دونها.

لقد تحولت الخيانة وبيع المقدسات وعلى رأسها القدس الشريف، إلى “صفقة العصر”، على اعتبار أن بيع المقدسات، بل وتسليمها يدا بيد للأمريكان والصهاينة، على طريقة “المفتاح في اليد”، هي صفقة مربحة، يقول الإعلام الخائن، أن أصحابها عباقرة وقادة الأمة وخدام للحرمين، أما الحرم الثالث فلا بواكي عليه طبعا.

وتحول سقوط العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى، من بغداد إلى دمشق وصنعاء وبيروت، في حضن المشروع الايراني التوسعي الطائفي، شكلا من أشكال الممانعة ضد إسرائيل، والويل كل الويل لمن يعترض على هذا العهر السياسي والحضاري، لأن التهم بالخيانة والعمالة للصهاينة جاهزة.

يقول أنصار هذا المشروع أن هزيمة العرب ضد إيران شرف لهم.. وأنهم لكي يتخلصوا من الهزيمة ضد الصهاينة، عليهم أن يقبلوا بالهزيمة ضد الإيرانيين ومشرع ولاية الفقيه التوسعي الذي يرفعونه.

وعلى هذا يمكن أن تقاس الهزائم المشرفة جدا في جميع المجالات الأخرى، فصرف مئات المليارات من الدولارات، على ايفانكا ترامب تطور، وحرق ما يوازي ذلك من أموال في حفلات الرقص والمجون دليل على التحضر، واستخدام اللغة الفرنسية في الجزائر مثلا دليل انفتاح، وانتشار الدياثة بين الشعوب العربية بقرارات رسمية عبر تدمير المدرسة والمسجد والإعلام، سير مع روح العصر.

لقد تم استبدال العار بالشرف، فتحولت كل معاركنا إلى معارك خاسرة من البداية، لكن عمليات التجميل والمكيجة التي تبدع فيها النظم المستبدة تتواصل بوتيرة منقطعة النظير، وهي الوتيرة التي لا يبدو أننا في الجزائر قد تخلفنا عنها في جميع المجالات، لكنها على مستوى الرياضة وكرة القدم تحديدا تجاوزنا الأمر بمراحل، لأننا ما زلنا لم نصل بعد مرحلة “الهزيمة المشرفة” التي نتلقى عليها التبريكات، بعد أن تدحرجنا من حكمة “المهم المشاركة”، إلى حكمة “الله غالب”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ساسي جاري

    قال تعالي -الاعراب اشد كفرا ونفاقا
    العرب يتميزون بالكذب والنفاق والخيانة والغدر وسوء الاخلاق