-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى نعود أمة واحدة؟

متى نعود أمة واحدة؟

قيل عن العالم اللغوي سيبويه “مات وفي نفسه شيء من حتى”، لاختلاف النحاة في إعرابها، وتعدد آراء اللغويين من كوفيين وبصريين في معانيها، حتى أشكل الأمر على جهبذ مثل سيبويه، وقد أموت أنا كما مات الأستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم – أنزل الله عليه شآبيب رحمته- وفي نفسه حسرات، وفي صدره ضيق من “داء المسلمين العضال”، وهو تفرقهم في بدء صومهم وفي نهايته، وفي يوم حجهم الأكبر بالنسبة لدولة “أمير المؤمنين” به، “حفيد رسول الله- كما يقول في تدخلاته لشعبه “العزيز””، حيث أموت- معنويا- ثلاث مرات، لاختلاف المسلمين في هذين الركنين من أركان الإسلام بدءا وختاما، وكأنهم تهوّدوا فقالوا: “سمعنا وعصينا”، كما ذكر القرآن الكريم عنهم.

وما أنس م الأشياء لا أنسى ما فعله مدير الشؤون الدينية في وزارة الداخلية الفرنسية، حيث زار ذات يوم فضيلة الشيخ العباس ابن الحسين، عميد مسجد باريس- رحمه الله- وكنت حاضرا في تلك الجلسة.

قال الشيخ العباس لذلك المسئول الفرنسي: أنتم الفرنسيين عنصريون.. فتبسّم ذلك المسؤول وأنكر أن يكون الفرنسيون عنصريين، و”غنى” على مسامعنا أغنية الفرنسيين، وهي أنهم “أول” من نادى بحقوق الإنسان، و”ثلاثيتهم المقدسة” – أخوة- مساواة- حرية-،

رد الشيخ قائلا: كيف تمنحون النصارى واليهود عطلا في أعيادهم الدينية، ولا تفعلون مثل ذلك من المسلمين، وكثير منه مواطنون فرنسيون؟

ازداد تبسم المسؤول الفرنسي اتساعا، وأخرج من جيبه ورقة أعطاها للشيخ وهو يقول: اكتب لي تواريخ أعيادكم.. فصمت الشيخ صمت ساكني القبور، وذلك لأن المسلمين في فرنسا منقسمون دينيا كانقسام بلدانهم سياسيا. ثم لا يعقل أن ننتظر حتى غروب الشمس لنعرف هل يكون الغد أول رمضان أو أول شوال.

إن الذين ما يزالون إلى الآن يبررون هذا الخلاف بـ “نحن أمة أمية”، والتعصب المذهبي، واختلاف المطالع، مهما تكن نياتهم طيبة إنما يهدمون أهم ركن وأعظم مبدإ في الإسلام بعد توحيد الله- عز وجل- وهو “وحدة الأمة”.. ولو كنا “أمة واحدة” لما صرنا كالأيتام في مأدبة اللئام، وكالقصعة تتهاوشها الأكلة من كل الجهات، ويذلنا الأعلاج، ويهيننا من كانوا يعطوننا الجزية وهم صاغرون.

إن الإسلام فرائض وسنن، وهو أصول وفروع.. وإن العصر ليوجب علينا أن نعتصم بالفرائض، ولكن أكثر المسلمين – علماء وحكاما- تشبثوا بالسنن المستحبات وأعرضوا عن الفرائض والواجبات، وتعصبوا للفروع وأهملوا الأصول.. ولنسمع لأحد العلماء المقاصديين، وهو الإمام محمد البشير الإبراهيمي – سقى الله ضريحه-: “أصبح الخلاف في الصوم والإفطار تجديدا للأحقاد الدينية فنكء لجراحها، وإثارة للفتن النائمة، ولا مبرر له من اجتهاد أو خلاف مذهبي، أو اختلاف مطالع، فكل هذه الاعتبارات لا وزن لها في باب العلم، ولا محل لها في حقيقة الدين”. (آثار الإمام ج 4، ص82) ولكن أكثر الفقهاء لا يفقهون..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!