محاكمة 83 متهمًا في فضيحة “الذهب” وتبييض الأموال
انطلقت الأربعاء 11 ديسمبر الجاري، على مستوى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، محاكمة 83 متهما، بينهم 22 موقوفا وعدد من تجار الجملة ومستوردون ينشطون في مجال “تجارة الذهب”، باتباع أسلوب ومنهجية دقيقة في إطار جماعة إجرامية منظمة وباستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاطهم المهني الوهمي المتمثل في البيع بالجملة للمجوهرات مما تسبب في خسائر بالملايير لخزينة الدولة.
ومثل المتهمون المتابعون في ملف الحال، أمام هيئة الفرع الثالث لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، عن تهمة ثقيلة، تراوحت بين الغش الضريبي، تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية منظمة عابرة للحدود الوطنية وباستعمال التسهيلات التي يمنحها النشاط المهني، التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية ومصرفية، ممارسة نشاطات تجارية تدليسية بتحرير فواتير وهمية ومزيفة، مخالفة التنظيم والتشريع الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج، إلى جانب جنح إساءة استغلال الوظيفة بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، الأفعال المنصوص والمعاقب عنها بالمادة 303 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، المادة 35، المادة 71 من قانون مكافحة التزوير واستعمال المزور، المادة 389 مكرر، المادة 389 مكرر 2 من قانون العقوبات، المادة 24، المادة 37 من قانون الممارسات التجارية، المادة 10 من قانون حماية المستهلك وقمع الغش المعدل والمتمم بالقانون رقم 18ـ09 المؤرخ في 10 جوان 2018 المادة 1 مكرر، المادة 2 من قانون قمع مخالفات التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من والى الخارج .
وبعد دخول المتهمين الموقوفين وغير الموقوفين إلى قاعات الجلسات، شرع القاضي في المناداة على المتهمين وجميع الأطراف المعنية بالقضية، من شهود وأطراف مدنية، ليشرع في التدقيق في الهوية الكاملة لكل متهم مع تذكيرهم بالتهم الموجهة إليهم من طرف قاضي التحقيق، ليفسح المجال لهيئة الدفاع من أجل تقديم دفوعها الشكلية.
وقد ركزت هيئة الدفاع على مطالب بطلان إجراءات المتابعة في ملف الحال، وفي هذا السياق، أكد وليد رحموني، المتأسس في حق المتهم الرئيسي في ملف الحال، كريم صالح منصور، صاحب شركة “وسام بيجو”، أن النيابة قامت بمتابعة موكله بجريمة ممارسات تدليسية، تتمثل حسبه في تحرير فواتير وهمية.
وقال إن “المشرع الجزائري نظم الممارسات التجارية بموجب قانون خاص رقم 02 ـ 04 الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية وحدد معاينة هذه الجرائم بإجراءات خاصة، لكن في ملف الحال نسجل انعدام محضر معاينة الجرائم، الذي يحدد في هوية المخالف طبقا للقوانين المنصوص عليهم، وعليه وبدون أدنى شك، فإن نيابة الحال قد تعسفت في استعمال حقها في المتابعة باسم المجتمع ضد موكلي بهذه التهمة، ومن ثم نلتمس التصريح ببطلان إجراءات المتابعة حول جريمة الغش الضريبي”.
كما طالب المحامي رحموني ببطلان إجراءات المتابعة عن جريمة الغش الضريبي لعدم احترام الإدارة الجبائية لمبدأ الوجاهية الشفهية وبالتبعية رفض تأسيسهم كطرف مدني.
وشاطرته الرأي هيئة الدفاع عن جميع المتهمين المتابعين في ملف الحال، حيث أوضح المحامي مراد خادر أن جريمة الغش الضريبي المتابع فيها جل المتهمين في قضية الحال، مخالفة لأحكام المادة 104 من قانون الإجراءات الجبائية بحكم أن مصالح الضرائب لم تقدم شكوى في هذا الصدد، على تصريحه.
وقال خادر “لا وجود لشكوى لدى مصالح الضرائب ولا سيما من مدير كبريات المؤسسات أو المدير الولائي للضرائب وهو الأمر الذي يعزز طلب بطلان إجراءات المتابعة الجبائية”.
وتجدر الإشارة إلى أن الدعوى المحالة إلى القضاء تم رفعها قبل صدور شكوى من الإدارة الضريبية، كما أنه تم رفع عدة دفوع في الشكل كمخالفات إجرائية فيما يتعلق بجرائم تبييض الأموال وجرائم الفساد.
ومن جهته، فقد التمس المحامي كمال علاق، المتأسس في حق المتهم “ت. بلقاسم” من القاضي بطلان إجراءات المتابعة في حق موكله فيما يخص جريمة قمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
وقال علاق إنه “بالرجوع إلى محضر المعاينة رقم 17 المؤرخ في 15 ماي 2023 المتعلق بالمتهمين “ت بلقاسم” و”ت. عمر” نجد أنه لم يتضمن الإشارة إلى تاريخ العمليات التي تم القيام بها وساعتها ومكانها المحدد، كما لم يتم الإشارة أصلا إلى طبيعة المعاينات التي تم القيام بها والمعلومات المحصل عليها.
وبالمقابل، فإن المحامي عبد الله هبول، المتأسس في حق المتهم “ج. عبد الرحمان” قدم 3 دفوع، الأول يتعلق بعدم دستورية المادة 161 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية التي تمنع المتهم من المنازعة في صحة الإجراءات المتخذة من طرف قاضي التحقيق أو الشرطة القضائية إذا كانت القضية قد تمت إحالتها على محكمة الجنح من طرف غرفة الاتهام.
أما الدفع الثاني فهو يتعلق بتجاوز مدة التوقيف بالنظر التي خضع لها موكله أثناء التحريات الأولوية والتي كانت 12 يوما، بينما المادة 65 من قانون الإجراءات الجزائية لا تسمح إلا بـ8 أيام بالنسبة لجرائم تبييض الأموال، في حين يتصل الدفع الثالث بعدم جواز استعانة قضاة غرفة الاتهام وقاضي التحقيق بالاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي صادقت عليها الجزائر في سنة 2002 لتطبيق المادة 389 مكرر 2 المتعلقة بتبييض الأموال في إطار الجماعة الإجرامية المنظمة.
بالمقابل، أمر القاضي بضم جميع الدفوع الشكلية للموضوع، فيما أصدر حكما بعد المداولة يقضي برفض طلب عدم دستورية المادة 161 الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية، في انتظار نقل باقي تفاصيل مجريات الاستجواب العلني للمتهمين في أعداد قادمة.