مختصون: هكذا تؤثر الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية على الطفل
كثيرًا ما يقوم الأولياء بوضع الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية في أيدي أطفالهم لإتاحة اللعب لهم من جهة، وإشغالهم للسماح للأولياء بالاهتمام بأمورهم من جهة أخرى.
الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت، بما توفره من محتويات رقمية متنوعة، تتيح للأطفال الاطلاع والتعلم. لكن استخدام الأطفال لهذه الأجهزة وتعرضهم لشاشاتها لمدة طويلة يمكن أن يكون له انعكاسات سلبية على نمو الطفل وصحته. تقول الأخصائية النفسية والأرطوفونية وردة عادل لـ”الشروق أونلاين” أن تعرض الطفل للشاشات لمدة طويلة يمكن أن يسبب له مشاكل تؤثر على صحته العقلية، فـ”يمكن أن ينعكس ذلك سلبًا على نمو مخ الطفل وتعلمه للمهارات الأساسية. كما أن الأطفال المتعرضين بشكل كبير للشاشات هم الأكثر عرضة لتأخر اللغة، والتوحد، وغيرها من الاضطرابات السلوكية كفرط النشاط، واضطرابات النوم، ونقص الانتباه، والقلق.”
تضيف الأخصائية أن هذه الشاشات يمكن أن تسبب للطفل “مشاكل التعب البصري، مما يؤدي إلى الشعور بثقل في مقلة العين، واحمرار، ووخز في العينين، وعدم وضوح الرؤية المؤقتة، ومتلازمة جفاف العين”. وتوضح أن قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشة يزيد من خطر إصابة الطفل بالاضطرابات المعرفية، وخاصة مشاكل التركيز.
تحديات
أما الباحث في مجال علوم الإعلام والاتصال والأستاذ بجامعة أم البواقي، بلال جعفر، فيقول إنه بالرغم مما تتيحه هذه الشاشات من إيجابيات وفرص لتعلم الطفل، إلا أنها في نفس الوقت تشكل تحديات كبيرة، وأبرزها ابتعاد الطفل عن محيطه الطبيعي خصوصًا الأسرة والمجتمع. ويضيف: “كلما انغمس الطفل في هذه الأجهزة، ابتعد عن محيطه الطبيعي خصوصًا الأسرة والمجتمع، وصار أقرب إلى الثقافة الرقمية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية والخصوصية الثقافية”.
الباحث المهتم بشبكات التواصل وتأثيرها على المستخدمين يلاحظ أن الكثير من الأولياء يشتكون من صعوبات في التواصل مع أطفالهم أثناء استخدامهم هذه الأجهزة، إضافة إلى ظهور علامات الإدمان عليها من طرف الأطفال الذين يقاومون أولياءهم بشدة عند حرمانهم من هذه الأجهزة. يقول: “هذا كله يخلق أجواء القلق والاضطراب في الأوساط الأسرية، ولذلك وجب التنبيه إلى ضرورة تنظيم استخدام الشاشات الرقمية في الوسط الأسري”.
“الوالدية الرقمية”
يقترح بلال جعفر كحل “زرع ثقافة الوالدية الرقمية”، والتي يقصد بها “مجموعة المهارات والمعارف والأساليب والاستراتيجيات التي يعتمدها الوالدان لمتابعة أنشطة أبنائهم على شبكة الإنترنت وتنظيم استخدامهم لأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية لحفظ حقوقهم الرقمية، والتي منها التعليم والترفيه وإشباع الحاجات المختلفة وكذلك الحفاظ على أمنهم وسلامتهم”.
وفي إجابته على سؤال “الشروق أونلاين” حول العمر الذي يمكن فيه للوالدين السماح لأبنائهم باستخدام الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية، يقول الباحث إنه في مرحلة الطفولة المبكرة، أي من بداية العام الثالث وحتى نهاية العام السادس من عمر الطفل، يُسمح باستخدام الشاشات الرقمية في زمن لا يتعدى الساعة تحت إشراف الوالدين، مع التركيز على المحتوى التعليمي والتفاعلي. أما في مرحلة الطفولة المتوسطة والمتأخرة، من بداية العام السابع للطفل وحتى تمام الثامنة عشرة، فيُنصح بساعتين في اليوم على الأكثر.
أما بالنسبة للأطفال ما دون الثالثة فلا يُنصح تمامًا باستخدام الشاشات الرقمية نظرًا لأضرارها على صحة وسلامة الطفل الجسدية.
إرشادات
كما ينصح الباحث في مجال علوم الإعلام والاتصال الأولياء، لضمان استخدام سليم للأطفال للهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، “بضرورة اتباع إرشادات السلامة الصادرة عن الهيئات الموثوقة مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، والاتحاد الدولي للاتصالات. كما يوجد دليل أصدرته وزارة البريد والمواصلات بالجزائر. فأول خطوة ضرورية هي أن يتمتع الأولياء بثقافة رقمية تمكنهم من التصرف الصحيح، لأن الأولياء يتأرجحون بين الإهمال والرقابة الشديدة، وهذا في اعتقادي ليس فعلاً فعالًا. كما ننصح الأولياء بضبط إعدادات الهواتف وتحميل تطبيقات وبرامج الحماية، للوقاية من المحتوى المؤذي للطفل، وضرورة تنويع برنامج الطفل اليومي كتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة واللعب العفوي.”
ليضيف: “هنا ننبه إلى ضرورة توفير مساحات اللعب للأطفال، فاللعب الافتراضي اليوم صار بديلاً عن اللعب العفوي، وهذا يضر بالصحة الجسدية للطفل مسببًا مشاكل صحية مثل السمنة والكسل وفرط الحركة. كما ندعو السلطات في الجزائر إلى ضرورة وضع قوانين لحماية الطفل من المخاطر الرقمية.”