مدمنون في قلب معركة الإقلاع عن المخدرات

دعا المشاركون في حفل تكريم 100 شاب وشابة، من الذين داوموا على العلاج بالمركز الوطني لإنقاذ الشباب من آفة المخدرات ببوشاوي، إلى ضرورة تفعيل متطلبات التحاليل الطبية، التي تحدث عنها القانون الجديد، وإخضاع التلاميذ لتحاليل دورية مع موافقة الأولياء كعمل استباقي، إلى جانب سن قانون مستقل يخص حماية المبلغين، وكذا تخصيص سجل خاص بالمؤثرات العقلية والمدمنين تابع لوزارة الصحة تستفيد منه الجهات القضائية والأمنية.
وشهد تكريم المدمنين على المخدرات الذين خضعوا للعلاج، لحظات مؤثرة حين عبر بعضهم عن مأساتهم التي بدأت منذ تعاطيهم للجرعة الأولى من سموم، قلبت حياتهم رأسا على عقب.. فقد قال تاجر من العاصمة، يبلغ من العمر 28 سنة، وأب لأطفال، إن مدة 6 أشهر التي خضع فيها للعلاج، كانت بمثابة ثورة حقيقية ضد سم الهيروين، بعد أن تعاطاه لمدة سنة كاملة.
وأكد أن الخطأ بدأ بمحاولة تجربة، عندما كان في جلسة مع أحد أصدقائه، لكنه، وقع في شباك هذه الآفة، وأصبح شخصا منعزلا ويبذر أمواله لأجل جرعة هيروين، إلا أن مركز العلاج من الإدمان ببوشاوي، أخرجه من دوامة الإدمان وبصعوبة وشجاعة.
قصص كثيرة، وأعمار مختلفة من الجنسين، فقد خضعت 30 فتاة للعلاج من المخدرات، بعضهن تلميذات وطالبات، من مختلف الولايات، بعد تكريم المداومين على العلاج، راح أغلبهم يقبلون أرجل أمهاتهم وآبائهم، على ما ارتكبوه من أخطاء في حق ذويهم، وهم تحت وطأة تأثير الإدمان على المخدرات.
1300 مدمن بالمركز وتخليص 100 من المخدرات
وبالمناسبة، قال عبد الكريم عبيدات، رئيس المركز الوطني لإنقاذ الشباب من المخدرات، ورئيس المنظمة الوطنية لرعاية الشباب، في تصريح لـ”الشروق”، إن معركة العلاج التي تدوم غالبا 6 أشهر يخضع لها المدمن على المخدرات بجميع أنواعها، لعدة أساليب نفسية ورياضية وتوعوية، خارج الأدوية، صعبة جدا وهي تحد حقيقي، وتكون السباحة والركض في الغابة من بين أهم ما يخلص المدمن من الشعور بالتوتر والرغبة في العودة إلى تعاطي المخدرات.
عبيدات: علاج المدمن معركة صعبة للغاية
وقال: “يجب أن نعي وندرك الخطر الهدام للمخدرات على الأشخاص والعائلات والمجتمع الصغير والقرى والمجتمع ككل”، وأردف أن الجميع يتكلم عن العلاج والوقاية، ونحن نعلم أن بلدا مجاورا يعتبر أكبر دول العالم المصدر لهذه السموم، بحيث 60 بالمائة من القنب مزروع في هذه الدولة، وبالتالي، فإن إغراق الجزائر بمادة القنب الهندي الذي جاء من هذه الدول المجاورة يتطلب التصدي لهذه الآفة بتجنيد المجتمع، وعلى أن تشمل الوقاية المدرسة والمسجد والأسرة وكل الجمعيات التي مهمتها المساهمة في بناء المجتمع بمحاربة جميع الآفات المضرة به.
دعوة إلى إنشاء خلية لليقظة الاجتماعية متعددة القطاعات
ومن جانبه، أكد رئيس المؤسسة الجزائرية صناعة الغد، البروفسور بشير مصيطفى، خلال حفل تكريم 100 شاب من الخاضعين للعلاج من المخدرات، على إنشاء خلية لليقظة الاجتماعية مشتركة ما بين قطاعات وهي التضامن وقضايا المرأة والأسرة، وقطاع الصحة والتربية والثقافة والداخلية، على أن يكون برنامج الخلية، يتضمن تشخيص المشكلات الاجتماعية في الجزائر حاضرا ومستقبلا.
ودعا مصيطفى إلى الخروج من أسلوب الردع إلى أسلوب المعالجة عبر المرافقة النفسية والثقافية والإعلامية، مقترحا في سياق ذاته، إنشاء مراكز متخصصة في نجاعة معالجة الإدمان على المخدرات خارج المستشفيات مزودة بأنظمة رياضية ونفسية أي تضم الترفيه والأجواء الأسرية مثل مركز رعاية الشباب وعلاج المدمنين ببوشاوي.
ويرى ذات المتحدث أن فكرة تبني رؤية استشرافية مدروسة لاستقبال إشارات المستقبل وذلك آفاق 2050 مكن خلال دراسات لسياسات معينة وبناء قواعد البيانات وتحليلها وتكثيف الحملات الجوارية والإعلامية للتحسيس بخطورة الظاهرة والتوجيه الاجتماعي والثقافي والنفسي والديني للعائلات وفئة الشباب.
وإلى جانب كل ذلك، أكد مصيطفى على ضرورة تكثيف الندوات الدراسية والبحثية عبر مخابر الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني على نحو منظومة (اليقظة الاجتماعية) التي اعتمدتها المؤسسة الجزائرية صناعة الغد عبر برنامجها العشريني (2025 – 2044).
مطالب برفع التجميد عن عقوبة الإعدام
وقال الحقوقي والبرلماني السابق موسى بودهان، إننا بصدد إحياء اليوم العالمي للوقاية من المخدرات ومكافحتها، ومشاركة مؤسسات وجمعيات في هذا الحدث، هو بداية تضافر الجهود للحد من خطورة المخدرات. فبحسبه، ليس من السهل القضاء عليها، والجزائر على غرار كل دول العالم، تجتهد من أجل تضافر جهود الجميع والآليات المؤسساتية الدولية والاتفاقيات من أجل تجنيد أفضل للحد أكثر من هذه الظواهر التي تهدد الصحة.
ويرى أن القوانين وحدها لا تكفي رغم أن الجزائر لديها ترسانة من القوانين، كقانون 04.18 المعدل 2023 بموجب قانون 23.05 والمنتظر المصادقة من مجلس الأمة، حيث قال إن الإشكالية تتمثل في ترجمة هذه القوانين وتجسيدها على أرض الواقع.
وأكد الحقوقي بودهان، أن المطلوب اليوم، رفع التجميد عن عقوبة الإعدام، خاصة بالنسبة للعصابات الكبيرة الذين يتاجرون في هذه المواد السامة، مع انتظار تفعيل قانون مكافحة التهريب وهو قانون 05.06 الذي يتحدث عن ديوان وطني للوقاية من التهريب ومكافحة الذي صدر في 2005 ولم يطبق في جانب الديوان.
وأشار إلى أن من بين المستجدات، التي يجب أن تفرض نفسها لمكافحة المخدرات، تفعيل متطلبات التحاليل الطبية التي تحدث عنها القانون الجديد، فبالنسبة للتلاميذ مطلوب تحليل دوري مع موافقة الأولياء كعمل استباقي، وأن نفعل ما نص عليه القانون، في ما يخص توسيع دائرة التحقيقات التي تشمل التحقيقات المالية، وإلى جانب التحقيقات الخاصة بالمؤثرات العقلية، حتى تكتشف جرائم أخرى مرتبطة بالمخدرات كجرائم الإرهاب والتهريب.
واقترح بودهان، تعزيز صلاحية رجال القضاء إلى جانب قضاة النيابة وقضاة التحقيق في ما يخص التحري في الجوانب الأخرى والإشراف على تحريات الخاصة مع تحفيز المبلغين ماديا أي مكافأتهم من أجل التبليغ، ومعاقبة كل من لا يبلغ، كما أنه لابد، بحسبه، من سن قانون مستقل يخص حماية المبلغين.
وبحسب الحقوقي والبرلماني السابق، موسى بودهان، فإنه من الضرورة رفع التجميد عن الإعدام ضد تجار المخدرات والمؤثرات العقلية الذين يثبت القانون أنهم متورطون في هذه الجرائم، مع تخصيص سجل وطني على مستوى وزارة الصحة تزود به مصالح الأمن لأغراض متعلقة بذلك، وتجريد الأجانب من الجنسية الجزائرية وطردهم في حال ثبوت مشاركة في قضايا المخدرات.