مراد كواشي: الحروب في إفريقيا عائق لتنفيذ مبادرة “الحزام والطريق”
اختُتِمت يوم أمس الجمعة، 6 سبتمبر، في العاصمة الصينية بكين، أشغال قمة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي لعام 2024.
في هذه القمة، أعلن الرئيس الصيني عن استعداد الصين للعمل مع إفريقيا على تنفيذ 10 خطط شراكة، خصصت لها بكين أكثر من 51 مليار دولار أمريكي. كما اقترح الرئيس الصيني رفع العلاقات الثنائية بين الصين وجميع الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع بلاده إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية.
في أجوبته على أسئلة “الشروق أونلاين”، يشرح الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، البروفيسور مراد كواشي، العلاقات الصينية-الإفريقية وتحديات مبادرة “الحزام والطريق”.
الشروق أونلاين: قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن العلاقات الصينية-الإفريقية تعيش أزهى مراحلها. من الناحية الاقتصادية، كيف يظهر ذلك؟
البروفيسور مراد كواشي: العلاقات الصينية-الإفريقية تشهد أزهى مراحلها من الناحية الاقتصادية، ويتجلى ذلك خاصة في زيادة حجم الاستثمارات الصينية داخل القارة الإفريقية. فقد ارتفعت الاستثمارات الصينية من 10 مليارات دولار في سنة 2000 لتتضاعف عشرين مرة وتصل إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول سنة 2020. كما يظهر تطور العلاقات من خلال زيادة حجم التبادلات التجارية بين إفريقيا والصين، حيث أصبحت الصين الآن أول مورد وأكبر شريك تجاري لعدة دول إفريقية، من بينها الجزائر. وهي تطمح إلى تعزيز علاقاتها والحصول على حصة أكبر من السوق الإفريقية التي تقدر بأكثر من مليار و200 مليون نسمة.
تعاني مبادرة “الحزام والطريق” من مشكلة تمويل مشاريع البنى التحتية في إفريقيا. كيف يمكن مواجهة هذا التحدي؟
صحيح أن تمويل مشاريع البنى التحتية يمثل تحدياً كبيراً لمبادرة “الحزام والطريق“، لكنني أعتقد أن إنشاء بنك التنمية الجديد، الذراع المالي لمجموعة “البريكس”، قد يسهم في تمويل العديد من هذه المشاريع، خاصة في الدول الإفريقية. إلى جانب ذلك، هناك مؤسسات مالية أخرى يمكنها المساهمة. ومع ذلك، أرى أن مشكلة التمويل ليست العائق الأكبر أمام المبادرة، بل العائق الأكبر هو عدم الاستقرار السياسي والأمني في العديد من الدول الإفريقية، والحروب التي تشهدها. فالعديد من الدول الإفريقية تعاني من اضطرابات عسكرية وأمنية، وهو ما يعتبر السبب الرئيسي الذي يحول دون تحقيق تقدم أكبر للصين في القارة الإفريقية وتنفيذ المبادرة بشكل أفضل.
أعلن الرئيس الصيني عن 10 خطط شراكة مع إفريقيا. كيف يمكن للجزائر الاستفادة من هذه الخطط، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي، الصناعة الرقمية، وتعزيز الروابط التجارية؟
بالنسبة للخطط التي أعلنها الرئيس الصيني وكيف يمكن للجزائر الاستفادة منها، أعتقد أن الصين الآن هي أكبر مورد للجزائر وأكبر شريك تجاري لها. أكثر من ذلك، فهي شريك في مجال الاستثمارات. هناك مشاريع هامة حالياً تحت إشراف الصينيين في الجزائر، مثل مشروع غار جبيلات، مشروع الفوسفات المدمج، ومشاريع أخرى سابقة كالمشروع الكبير للطريق السيار شرق-غرب، جامع الجزائر الأعظم، وعدة ملاعب رياضية ومشاريع سكنية.
إذن، هناك العديد من المشاريع التي فاز بها الصينيون في الجزائر. لكن أعتقد أن الهدف الآن هو توجيه الشراكة الجزائرية-الصينية نحو قطاعات حيوية بالنسبة للجزائر، خاصة القطاع الصناعي الذي لا يزال متأخراً ويشكل فقط 5% من الاقتصاد الوطني. أتمنى رؤية مشاريع صناعية صينية في الجزائر، ولم لا إنشاء شركات صينية لصناعة السيارات تستثمر هنا. وأيضاً في مجال السياحة والزراعة، خاصة أن الجزائر تولي اهتماماً كبيراً لهذا القطاع. وهذا يعتمد إلى حد كبير على مدى فعالية الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية، خصوصاً في مفاوضاتها مع الصينيين.