مراهقات في طوابير الأمهات العازبات!

هن مراهقات لم تتجاوز أعمارهن الـ 18 دخلن عالم الأمومة مبكرا من أبوابها الخلفية في لحظة طيش و”غمضة” ضمير٬ فالتحقن بطوابير ما يصطلح على تسميته بـ ” الأمهات العازبات” اللواتي بلغ عددهن في الجزائر 10 آلاف، بمعدل ألف أم عازية في كل سنة، ونحو 20 بالمائة منهن تتراوح أعمارهن بين 15 و 20 سنة ” أنتجن آلاف الأطفال الذين دخلوا دائرة المنبوذين منذ أبصرت عيونهم الحياة ٬ فيما خرجن هن من “مربع” المجتمع مكسورات الخواطر والأجنحة، وبدل أن يحجزن لأنفسهن مقاعد في الثانويات والجامعات، تكفلت الدولة بحجز أسرّة لهن في مراكز الطفولة المسعفة، خوفا من انتقام عائلاتهن.
حول هذا الموضوع، تحدثنا إلى شرطة الأحداث بسطيف التي تعتبر الطرف الأول الذي يطلع على أي حالة من هذا النوع حتى يكفل لها الحماية من انتقام الأهل الذين يجدون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر٬ الأول أن يتخلوا عن بناتهم نهائيا٬ و الثاني أن ينتقموا منهن بطريقة في غاية القسوة تصل أحيانا إلى القتل، وهو ما يعرف بجرائم الشرف٬ فيما تضطر عائلات قليلة للصفح عن بناتها وإعادة إدماجها في الأسرة حتى لا تتفاقم المشكلة وتنحرف الفتاة بصورة مكشوفة ونهائية، تقول ضابطة في شرطة الأحداث: عندما تبلغنا عيادة الأم والطفل بوصول قاصر على وشك أن تضع مولودها٬ نباشر الإجراءات الروتينية التي تتخذ في مثل هذه الحالات٬ حيث نتحرى عن الشخص الذي أوصلها إلى العيادة، ثم نتواصل مع القاصر ونحاول أن نعرف منها المتسبب في حملها٬ بعدها نقوم بإخطار وكيل الجمهورية ونباشر التحقيق في القضية إلى أن نصل إلى الفاعل٬ مضيفة : إذا اعترف بما نسب إليه، ننجز ملفا حول ارتكاب جناية هتك العرض ونحيلها إلى العدالة التي تتخذ إجراءاتها، أما إذا تبين أن الفتاة الحامل تتعاطى الدعارة٬ فإننا نقوم بتحويلها إلى مركز إعادة التربية بقسنطينة أو إيداعها مركز تأهيل الأحداث.
و تضيف الضابطة: يتجلى دور شرطة الأحداث كطرف أساسي في تخفيف الصدمة على الأهل وتوفير الحماية اللازمة للقاصر ومولودها عندما يبلغ الخبر الأهل خاصة الأب، ومن خبرتنا في العمل، نستطيع أن نميز بين ولي الأمر الذي يبيّت نية القتل لابنته حين يستلمها، حيث يبدو هادئا ومستمعا جيدا، في حين أنه يخطط لارتكاب جريمة وعليه نقوم بحماية الفتاة بإيداعها حي الطفولة المسعفة مع ابنها٬ بينما يثور آباء آخرون ويغضبون ثم يستلمون بناتهم دون أن يشكلوا عليهن خطرا لذلك نسمح لهن بمرافقتهن إلى البيت٬ بينما نقوم بوضع الرضيع في حي الطفولة المسعفة في حالة إذا ما رفضت عائلة الفتاة التكفل به.
وحول تصنيف ولاية سطيف قبل سنوات في المرتبة الأولى من حيث انتشار الأمهات العازبات بنسبة 13 ٪ استغربت الضابطة لهذا التصنيف باعتبار أن هذه الولاية محافظة وتكاد تغيب فيها مظاهر الدعارة مقارنة بولايات أخرى٬ زد على ذلك فإن معظم الأمهات العازبات اللواتي تم إحصاؤهن داخل الولاية هن في الحقيقة محترفات دعارة جئن من ولايات بعيدة٬ أما فيما يتعلق بالمراهقات العازبات فتم إحصاء 7 فتيات داخل المدينة أصغرهن تبلغ من العمر 12 سنة مورس عليها الفعل المخل بالحياء أكثر من مرة٬ في حين لم تسجل أي حالة قتل المولود أو رميه على اعتبار أن سن هؤلاء المراهقات لا يسمح لهن بالتعامل بسرية مع حملهن٬ حيث ينكشف أمرهن قبل الولادة، وكمثال على ذلك٬ قالت الضابطة٬ إن قاصرا جاءت بها أمها إلى شرطة الأحداث وهي في شهرها التاسع، حيث لم تكتشف الفضيحة في أشهرها الأولى لأن الفتاة تعاني من السمنة، ولم يظهر عليها الحمل، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية في مثل هذه الحالة.
عندما تتحول مراهقة غادرت عتبات الطفولة منذ سنوات قليلة إلى أم عازبة، حتى لا نقول “زانية” فينبغي أن ندق أجراس الخطر ونرفع كل الحواجز الحمراء التي تمنعنا من أن نرى الحقيقة بدون مواد تجميل تخفي وجهها البشع٬ والواقع أن الكثير من فتيات المتوسطات والثانويات هن “مشاريع” أمهات عازبات٬ وإذا نظرنا حولنا سيتجلى ذلك واضحا، فالمراهقات اللواتي يحددن المواعيد الغرامية في دورات المياه الخاصة بالمؤسسات التربوية، وفي الشقق الفارغة وفي الغابات الموحشة، ما هو المصير الذي ينتظرهن؟! إذا كنا اليوم أحصينا نحو 20 بالمائة من المراهقات العازبات، ففي السنوات المقبلة سيتضاعف العدد، وهكذا دواليك حتى يصبح الأطفال غير الشرعيين أكثر من الأطفال الشرعيين!.