مرحبًا بالحزن في أوروبا بعد لقاء السعودية!

ألقى الرئيس دونالد ترامب يوم الثلاثاء 18 فيفري 2025 باللوم على كييف في بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا إذ اختتم كبار مساعديه المحادثات الأولية في السعودية بشأن إنهاء الصراع الذي شمل روسيا لكنه استبعد المسؤولين الأوكرانيين والأوروبيين.
جاءت التصريحات وسط شكاوى من حلفاء الولايات المتحدة بشأن تعامل ترامب بالدبلوماسية الجديدة وغير المفهومة، والتي استبعدت عضوية الناتو لأوكرانيا وأقرت بأنه سيتعين على كييف تقديم تنازلات عن الأراضي مع ترك العديد من القادة الأوروبيين في الظلام الدامس. واجتمعت مجموعة منهم في قصر الإليزي بباريس مؤخرا، ولكنهم تفرقوا من دون إصدار بيان ختامي.
ويعدّ لقاء السعودية، أول اجتماع رفيع المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ العملية الروسية في أوكرانيا في 24 فيفري 2022. وجاء هذا اللقاء على حساب الاجتماع الطارئ للجامعة العربية حول فلسطين، والذي أجّل إلى 4 مارس، مما يبين بأن الجامعة العربية أصبحت غير صالحة، وهي تسيير تحت الهيمنة الأمريكية.
ها هو دونالد ترامب، وبعد عودته إلى البيت الأبيض، وأمام العالم كله يحتقر أوروبا وزعماءها، وفي مقدمتهم ماكرون، رئيس فرنسا، والذي يعيش الويلات داخليا وخارجيا، فهذا “السنفور”، كانت أمنيته هي ألا تنتصر روسيا في حربها على أوكرانيا، وقد كرر هذه المقولة عشرات المرات، ولكن بعد لقاء السعودية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أصبح كلامه مثل “بول الرضيع” لا ينقض الوضوء.
نعم، جيران فلسطين العرب لم يهتموا بالقدس لا في الماضي ولا اليوم، والتاريخ يخبرنا، بأن الوحيد الذي حرر القدس من الصليبيين، الذين قتلوا أكثر من 70000 مسلم وقتها، لم يكن مسلم عربيا، بل كان مسلما كرديا وهو البطل صلاح الدين الأيوبي، فلا دمشق، ولا بغداد ولا القاهرة ولا المدينة المنورة تحرّكت لتحرير القدس وقتها، ولا اليوم أيضا. وكأن التاريخ يعيد نفسه.
قلت لقد أسفر اجتماع السعودية، عن تشكيل فرق تفاوضية وإمكانية “الفرص الاقتصادية والاستثمارية” لروسيا إذا أنهي الصراع بنجاح.
وقال روبيو، الذي انضم إليه مستشار الأمن القومي مايكل والتز ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن هدف ترامب هو تحقيق صفقة «عادلة ودائمة ومستدامة ومقبولة للجميع». وقال للصحافيين بعد المحادثات «اليوم هو الخطوة الأولى في رحلة طويلة وصعبة لكنها مهمة».
كما أن المسؤولين الأمريكيين لم يحددوا الدور الذي ستؤديه الحكومة الأوكرانية، التي لم تدع لحضور هذا الاجتماع الذي استمر أربع ساعات ونصف ساعة في الرياض، وهو الحلقة الأولى من المفاوضات.
وأثارت محادثات الرياض قلق أوكرانيا، إذ تتزايد المخاوف من أن المسؤولين الأمريكيين مرتاحين للغاية لمناقشة مستقبل البلاد من دون مشاركة كييف. كما أثارت هذه المحادثات قلق الحلفاء الأوروبيين الذين يخشون أنه من دون مساهماتهم، سيتبنى ترامب صفقة تشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما يخشون تمامًا أن واشنطن مستعدة لسحب مظلتها الأمنية من القارة العجوز. وهو التخوف الذي عبر عنه ماكرون في حصة نشطها لوحده على “اليوتوب” و”التيك توك” مؤخرا، ودامت أكثر من ساعة.
في غضون ذلك، يدعم مساعدو ترامب الاجتماع كوسيلة لاستكشاف آفاق مفاوضات لاحقة أكثر شمولاً وتمهيد الطريق لقمة متوقعة بين ترامب وبوتين.
لقد كان بمثابة انفصال حاد وكبير عن الشعار السابق: «لا شيء عن أوكرانيا ومن دون أوكرانيا» الذي تبناه الرئيس بايدن وحلفاؤه الغربيون. وبدا أن المسؤولين الروس ركزوا بشكل رئيسي على خطوات تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وعندما تناولوا مسألة الحرب، كرروا مطالب الكرملين طويل الأمد وبدا أنهم يهددون بمطالب جديدة. وقال لافروف لوسائل إعلام روسية «لديّ اعتقاد بأن الجانب الأمريكي أصبح أكثر وعيا بموقفنا». و«اتفقت روسيا والولايات المتحدة على أنه عندما لا تتطابق مصالحهما، فإنهما بحاجة إلى حل المشاكل بدلاً من إثارة الصراع».
وتأتي المناقشات بعد أيام فقط من الصدمة التي أثارها كبار مساعدي ترامب للقادة الأوروبيين باستبعاد عضوية الناتو لأوكرانيا وإعلان أن كييف يجب أن تتخلى عن استعادة جميع الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وطالما أعرب ترامب، وحده من بين الغالبية العظمى من قادة الناتو، عن آراء إيجابية حول بوتين؛ إذ أجرى الرجلان مؤخرا مكالمة مطولة، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، حيث تسيطر روسيا اليوم على ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا. بينما زادت وتيرة المكاسب الروسية في الأسابيع الأخيرة. كما أثرت الحرب بشكل كبير على الاقتصاد الأوكراني وأيضا الأوروبي.
وتناقش اليوم الدول الأوروبية كيفية إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا إذا أمكن التوصّل إلى اتفاق، لكنها لم تقدّم أي التزامات.
ورفض روبيو الإفصاح عما إذا كان سيجري رفع أي من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكنه قال إن جميع الأطراف ستحتاج إلى تقديم تنازلات، ونفى تهميش أي طرف وقال إنه سيكون هناك «مشاركة وتشاور» مع أوكرانيا والدول الأوروبية إذا توقفت محادثات السلام. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه تحقيقا لهذه الغاية، أطلع روبيو نظراءه من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي بهذه المحادثات. كما أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن واشنطن تحدثت على نطاق واسع مع أوكرانيا لكنها لم تتعامل بعمق مع روسيا منذ ثلاث سنوات.
وقال والتز إن ترامب لا يزال مصمّما على «التحرك بسرعة كبيرة» وأن المحادثات المستقبلية ستحدّد ما إذا كانت روسيا ستكون قادرة على الاحتفاظ بالأراضي التي تحتلها. وأضاف: «ما لم يجده الرئيس مقبولاً هو حرب لا نهاية لها في أوروبا كانت ستتحوّل إلى مطحنة للحوم البشر».
بينما تقوم إدارة ترامب بالتخطيط، واجتماع المستحيل أو كما قالها ترامب “اجتماع الشيطان”، كخطوة أولى، وصف المسؤولون الروس بأنه فرصة لإنهاء فترة من العزلة الاقتصادية والسياسية، وتحقيق المزيد من العلاقات الوظيفية مع القوة النووية العظمى الأخرى في العالم.
ووسط مخاوف أوروبية من انسحاب القوات الأمريكية من القارة العجوز، خاصة وأن أغلب الدول تعاني من مشاكل داخلية، مثل فرنسا وألمانيا، أعاد الكرملين يوم الثلاثاء 18 فيفري 2025 تأكيد مطالبه بإعادة التفاوض بشأن الهيكل الأمني للناتو في أوروبا كشرط لاتفاق لوقف القتال في أوكرانيا. وقال لافروف إن إدراج أوكرانيا في الناتو – والذي تم تحديده لفترة طويلة، على الرغم من أنه بعيد، وهو هدف أوكرانيا ودول التحالف الغربي- هو غير مقبول لروسيا، إذ وضعت قوات الناتو على الأراضي الأوكرانية، مما يشير إلى أن موسكو لم تتزحزح عن مطالبها القديمة.
في حين أن غالبية أعضاء الناتو يؤيدون مفهوم الانضمام الأوكراني، إلا أنهم يختلفون حول السرعة التي يمكن أن يحدث بها ذلك. لكن حتى عودة ترامب إلى منصبه، كان الموقف الرسمي لواشنطن يدعم بشدة هذه الخطوة الأوروبية.
كما أن الدول الأوروبية وفي مقدمتهم فرنسا، تعتبر من الخاسرين الكبار في هذه العملية، والتي أعطت لدولة عربية ومسلمة حق تنظيم على أراضيها مثل هذه الصفقة، والتي تبين للنظام الفرنسي الذي وضع نصب أعينه الإسلام والمهاجرين المسلمين، أو ما يعرف عندهم بـ”الإسلاموفوبيا”، قصد وضع كل المصائب التي تعيشها فرنسا اليوم داخليا وخارجيا هي بسبب الإسلام والمهاجرين المسلمين.
فها هو دونالد ترامب، وبعد عودته إلى البيت الأبيض، وأمام العالم كله يحتقر أوروبا وزعماءها، وفي مقدمتهم ماكرون، رئيس فرنسا، والذي يعيش الويلات داخليا وخارجيا، فهذا “السنفور”، كانت أمنيته هي ألا تنتصر روسيا في حربها على أوكرانيا، وقد كرر هذه المقولة عشرات المرات، ولكن بعد لقاء السعودية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أصبح كلامه مثل “بول الرضيع” لا ينقض الوضوء.
فهل عرفتم لماذا اخترت عنوان هذه المقالة: مرحبا بالحزن في أوروبا بعد لقاء السعودية؟!