مساحات زراعية شاسعة تؤول إلى “أشباه المستثمرين” بمستغانم

هدد، والي مستغانم أحمد بودوح، كل المستثمرين الحاصلين على قطع أرضية في المنطقة المسماة “البرجية” ببلدية الحسيان التابعة لدائرة عين النويصي، بسحب عقارات الدولة الممنوحة لهم في إطار تشجيع الاستثمار الفلاحي، قبل نهاية الشهر الجاري، وذلك بعد زيارة قادته رفقة المدير العام للإنتاج الفلاحي، ممثلا عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية وأعضاء اللجنة الأمنية، وكذا مسؤولين محليين، إلى منطقة “البرجية” أو محيط الاستثمار الفلاحي، الذي يحظى باهتمام حكومي واسع، تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية بتفعيل المحيطات الفلاحية وتوزيع عقاراتها على المستثمرين المساهمين في خلق الثروة وتوفير اليد العاملة، عملا بالبرنامج الحكومي الهادف إلى تطوير المحيطات الفلاحية الواسعة لجعلها أقطابا فلاحية بامتياز، تسهم في ضمان الأمن الغذائي والكف عن الاستيراد، مع تشجيع المنتج المحلي.
وبينت المعطيات الدقيقة، أن منطقة “البرجية” التي تعول عليها الحكومة لجعلها منصة فلاحية لتوفرها على أراض تعد من بين الأخصب في الوطن، على غرار “شرطيوة” في برج بوعريريج و”ذراع السواري” في الجلفة، قادرة على توفير أكثر من 13210 منصب شغل مباشر، في حال استغلال كل الأراضي وتوجيهها إلى الإنتاج الحقيقي وكذا التصدير لتوفير المداخيل بالعملة الصعبة.
وتفاجأ الوالي بودوح بعلمه أن محيط “البرجية” يتربع على مساحة 1799 هكتار موزعة على بلديتي سيرات والحسيان، لكن تبقى أغلب مساحاتها “مسيجة” من قبل أشخاص من دون تجسيد مشاريعهم على أرض الواقع، بسبب غياب عقود نجاعة بين الدولة والمستفيدين من عقارات واسعة منذ سنوات “2018/2019/2020”.
مهلة نصف شهر أمام المستثمرين الوهميين
على هذا، منح والي مستغانم، مهلة 15 يوما لكل المسؤولين المحليين، لاستكمال إجراءات استرجاع العقار الفلاحي وجرد كل العقارات غير المستغلة، وإعادة توزيعها على الفلاحين الجادين، مشددا على تعبئة شاملة لكامل المصالح المعنية بأخذها هذا الملف مأخذ الجد لتطهير قطاع الفلاحة من “أشباه المستثمرين”، رغبة حقيقية في إعادة الاعتبار لقطاع الفلاحة في ولاية مستغانم، التي تشكل ثقلا كبيرا في الرؤية الإستراتيجية للحكومة ووزارة الفلاحة تحديداً، لتعزيز الإنتاج الفلاحي وخاصة منتج “البطاطس” في ذات الولاية، للإسهام في الناتج المحلي الخام.
وثمن المدير العام لضبط التنمية والإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة، باعتباره مبعوثا إلى ولاية مستغانم، توجيهات الوالي، التي تأتي تنفيذا للمُقتضيات القانونية الجديدة، التي جاءت لضبط استعمال العقار الفلاحي واسترجاع العقارات غير المستغلة، ومنحها للمستثمرين الحقيقيين، بهدف الوصول إلى الأمن الغذائي والتوقف عن التبعية لتقلبات الأسعار في السوق الدولية، مفيدا في هذا الصدد، أن الوزير الأول، كان أعطى تعليمات في شهر سبتمبر من العام الماضي إلى ولاة الجمهورية، لمراعاة تحقيق هذا الهدف في آجال زمنية محددة بـ18 شهرا، كما أن هذه التعليمات تُتيح فتح الطريق أمام المستثمرين الجادين لخدمة الأراضي الزراعية وتشجيع الاستثمارات المؤدية إلى خلق الثروة.
وفي معرض حديثه عن العمل الفلاحي، قال مسعود بن دريدي، إن الخيار الإستراتيجي لوزارة الفلاحة هو ضبط الاستغلال الأمثل للعقار الزراعي وتحديث وعصرنة الفلاحة ومرافقة الفلاحين. واعتبر ممثل الوزارة الوصية، مستغانم، رائدة في الإنتاج الفلاحي لاحتلالها في السنة الفلاحية 2023، المرتبة الخامسة وطنيا من حيث قيمة الإنتاج النباتي والحيواني التي تقدر بـ120 مليار دج سنويا، وبنسبة نمو سنوية تقدر بـ3.5 بالمائة.
استعادة الثروات المنهوبة
وتشكل تعليمات والي مستغانم، بإعادة الثروات الضائعة التي وزعت بطرق شابتها العديد من المساوئ ارتبط أغلبها بالمحاباة والنفوذ قي سنوات سابقة، وولاة تعاقبوا في الفترة الأخيرة على الولاية، امتدادا لحملة استرجاع العقارات المنهوبة وغير المستغلة من قبل أشباه المستثمرين في ربوع الوطن.
وتراهن الحكومة كثيرا على هذا القطاع الاستراتيجي، لإتمام مخطط ضبط العقار الفلاحي قبل نهاية 2923 وإعادة توزيعه على مستغليه لمضاعفة الإنتاج الزراعي، للإسهام أكثر في الناتج المحلي، لكون الفلاحة تعتبر مستقبل الاقتصاد الوطني، ومن البدائل الطبيعية لتحصين ميزانها التجاري.
وتضررت ولاية مستغانم كغيرها من الولايات الكبرى في البلاد، من ظاهرة نهب العقار الفلاحي تحديدا، كان بعضها قد مُنح بغير وجه حق لرجال أعمال بدون استغلال أو إنشاء مصانع منتجة، حيث حوّلت “مافيا العقار” مساحات شاسعة من تلك الأراضي الزراعية إلى مبان سكنية أو مقرات لمشاريع استثمارية لا غير.