-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مستقبل العالم على المحك

عمار يزلي
  • 657
  • 0
مستقبل العالم على المحك

فوز ترمب في الانتخابات الأمريكية، دفع البعض إلى التفاؤل باقتراب انفراج في الساحات الملتهبة في الشرق الأوسط وشرق وأوكرانيا، قابله فرح عارم في وسط اليمين المتطرف داخل حكومة الكيان الصهيوني وعلى رأسهم رئيس وزرائه: الحكومة المتطرّفة العنصرية، التي صارت أكثر انسجاما بعد أن تخلّص كبيرهم من وزير حربه في أتون العدوان المتواصل على غزة والضفة ولبنان والتهديد المتواصل لإيران.

في المقابل، بدأ الغرب الأوروبي يتحسّب لتغيرات قد تطال كثيرا منه لاسيما “الناتو” الذي كثيرا ما دعاه ترمب إلى انخراط أوروبي أكبر في الدعم المالي له وعدم ترك الأمر للولايات المتحدة وحدها في مسألة التمويل. يضاف إلى ذلك تخوّف أوروبا من سياسة ترمب المتمثّلة في “أمريكا أوّلا”، واحتمال كبير في رفع الرسوم على الواردات الأوروبية بما يزيد عن 10%.

بالنسبة للصين، التي يعتقد أن الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع، ستشدّد على “احتواء” اقتصادها الطاغي في النموّ عبر ضغوط اقتصادية قد تصل إلى حرب اقتصادية معلنة، معزّزة بتعزيز نفوذ تايوان واستقلالها. هذا الأمر قد يعكّر صفو العلاقات التي لا تبدو صافية لا من قبل ولا من بعد بين التكتلين الاقتصاديتين العالميتين الضخمتين. غير أن الصين، التي تسعى مع روسيا وحتى الهند وكل دول “البريكس” ومنظمة شنغهاي للتعاون، إلى تجاوز ضغوط النظام الاقتصادي العالمي أحادي القطبية، قد تدفع أمريكا خلال السنوات الأربع المقبلة، إلى “التشدّد من أجل الانفراج”: تشدّد لا يذهب إلى حد إعلان حرب لا مع الصين ولا مع روسيا ولا ضد إيران: على العكس، ستستمرّ الضغوط من أجل مكاسب اقتصادية لفائدة الاقتصاد الأمريكي المتضعضع بعد تجربة الديمقراطيين في عهد بايدن، التي تسبّب فيها حرب الغرب الجماعي برئاسة الولايات المتحدة الديمقراطية على روسيا بعد حرب هذه الأخيرة على أوكرانيا. الاقتصاد الأمريكي، الذي سيعمل ترمب على تعزيزه داخليا عبر التشدّد في الهجرة نحو الولايات المتحدة وطرد المهاجرين غير النّظاميين ومنع بعض رعايا الدول من تأشيرة الدخول والإقامة، ومحاولة جلب رؤوس أموال أوروبية إمعانا في تقوية الولايات المتحدة على حساب إضعاف الغرب والشرق على حد سواء.

بعقلية المصالح والتاجر، سيعمد ترمب إلى حل مشكل الشرق الأوسط في لبنان وفلسطين، بطريقة ابتزازية ربحية مواصلا مشروع “صفقته القرن” التي أفسدها “طوفان الأقصى”. لقد منحه رئيس وزراء الكيان الحالي كل الدعم، مع شيك أبيض حين غامر وقامر بالدم والخسارة والفضائح والسمعة من أجل التهرب من إبرام أيّ صفقة تحسب لغريمه بايدن والديمقراطيين ككل في الانتخابات، وساهم في إسقاط مرشحة الحزب، تماما كما ساهم العنصر العربي والإسلامي والأمريكيون الملوّنون في هزيمة هاريس بسبب مجازر غزة وصور الإبادة الجماعية. صورة، سيحاول ترمب ترميمها، ليس حبّا في الأخلاق ولا السمعة الطيّبة، بل فقط في مصالح أمريكا ولو على حساب الجميع.. شرقا وغربا وجنوبا.

سوف يعود للضغط من جديد من أجل مواصلة الدفع نحو التطبيع: لكن هذا سيقابله إبرام صفقة: دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية على الأقل، هذا فيما يعدّ فريق ترمب مقترحات أخرى من بينها صفقة ضمّ الضفة للكيان. هذا السيناريو سيكون غير قابل للتطبيق مهما كانت الضغوط على الدول العربية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، خاصة وأنها اليوم، اقتصاديا أكثر تطورا واستقلالية. ومع انضمامها إلى “بريكس”، فلن يكون مجدّيا الضغط السابق، لاسيما وأن علاقتها مع إيران قد تحسّنت ولا جدوى من التخويف بعد اليوم من البعبع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!