مطلوب “كومندوس” من الوزراء لا يقول تعبت!

أجمع نواب المجلس الشعبي الوطني من مختلف التشكيلات الحزبية على الطابع الاجتماعي لمشروع قانون المالية لسنة 2025، مع الميزانية الضخمة التي رُصدت لهذا المشروع، حيث فاقت 16 ألف مليار دينار، وقد وصف النواب هذه الميزانية بأنها تراعي القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، ومع ذلك، انتقدوا سلوك بعض الوزراء في الميدان وطريقة تعاطيهم مع القضايا التي تهم المواطن، مشيرين إلى تعالي البعض في الرد على استفساراته.
وتركزت معظم التدخلات حول ملفات السيارات، والاستيراد، ونشاط الوكالة الوطنية للتجارة الخارجية “ألجكس”، إضافة إلى ملف الدعم الانتقائي والموجه، والسكن، والتوظيف، حيث شدد النواب على أهمية أن يتضمن الطاقم الحكومي المقبل في حال إجراء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لتعديل وزاري مرتقب قريبا: “فريقا من الوزراء في صورة كومنودوس لا يتعب في الاستجابة لانشغالات المواطن”.
ملفات السيارات والاستيراد والدعم والتشغيل تتصدّر مداخلات البرلمانيين
وانطلقت مناقشة مشروع قانون المالية في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحًا، حيث برمج المجلس 257 تدخل لنواب من مختلف الأحزاب والتشكيلات السياسية على مدار ثلاثة أيام، في جلسات صباحية ومسائية تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، مع إصدار مذكّرة تفيد بعدم تجاوز تدخّل النائب 6 دقائق، ورؤساء الكتل 17 دقيقة، على أن يتم التصويت على مشروع القانون بتاريخ 13 نوفمبر الجاري.
وبهذا الصدد، قال النائب عن حزب جبهة المستقبل، بربارة الحاج الشيخ، في مداخلته أن الشعب يريد اليوم طاقما من الوزراء لا يردّون على أسئلة المواطن والصحفيين بكلمة “تعبت”، وذلك تعليقا على وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني علي عون الذي أجاب عن انشغال صُحفي، سابق بشأن ملف السيارات بعبارة: “تعبت من الملف” حسب قول النائب، مشدّدا على أن: “الوضع يفرض وجود كوموندوس من الوزراء في الحكومة المقبلة لا يتعبون في الرد على أسئلة المواطن ويشتغلون لأجل ذلك”.
إشادة بالطابع الاجتماعي لمشروع القانون وميزانية 2025 الضخمة
وانتقد النائب ردّ الوزير ووصفه بالاستفزازي للشعب الجزائري، الذي دفع ثمن السيارة منذ أشهر ولا يزال ينتظر استلامها، كما تساءل عن الجهود المبذولة لتحسين مناخ الأعمال داخل الوطن، وفي التصنيفات الدولية وماذا أثمرت، وعرّج أيضا على ملفات قطاع التجارة، قائلا إن الوزير مطالب ببذل الجهود لاحتواء أموال السوق الموازية التي تعادل 80 مليار دولار.
وطرح بربارة أسئلة بخصوص كيفية عمل الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية “ألجكس” ومدى التزام هذه الأخيرة بتنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي قال إن الدولة لم تمنع يوما الاستيراد وإنما تكتفي بضبطه، متسائلا عن المعايير التي تعتمدها هذه الأخيرة في قبول ملفات ورفض أخرى، واصفا إياها بغير الواضحة.
كما شدّد النائب على أن المواطن اليوم في حاجة إلى وزير قريب منه، يحس بمطالبه وليس بمسؤولين يرفضون حتى التوقيع على الملفات، لأسباب واهية، ولا يهتمون بمطالب المواطنين.
ومن جهته اعتبر النائب عن حركة البناء الوطني براء بن قرينة أن قضية ضخ الأموال للمؤسسات العمومية التي تستفيد كل سنة من الدعم مثيرة للحيرة، حيث من المفروض أن يتم هذا الضخ وفق رؤية واضحة وسقف محدّد للدعم، وجدول زمني غير مستمر، خاصة وأن هذه المؤسسات يُفترض أنها أُنشئت لتخفيف الضغط على الاقتصاد الوطني وليس لالتهام المزيد من الأموال، داعيا إلى أهمية مراجعة هذه النقطة.
وتساءل بن قرينة عن كيفية تسيير ملف الاستيراد والذي سيستهلك تقريبا نفس المقدور المالي المخصص للاستيراد السنة الماضية أي 43 مليار دولار، مع عدم تسطير كوطة لاستيراد السيارات الجديدة، حيث أوضح أن هذا الملف كان يفرض تواجد وزير الصناعة علي عون بالبرلمان للرد على هذا الانشغال، خاصة وأن الوكلاء المعتمدين استثمروا مبالغ مالية للتواجد عبر كافة الولايات وفتح نقاط بيع، لذلك كان الأجدر أن يكون واضحا معهم بشأن الحصص الممنوحة لهم منذ البداية، وانتقد هو الآخر رد الوزير حينما قال في تصريحات سابقة أنه “تعب من ملف السيارات” بالقول “المواطن تعب من انتظار استلام سيارته”.
وبالمقابل ثمّن النائب عن حركة مجتمع السلم هشام بن حداد الإجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2025 الخاصة بتشجيع المؤسسات الناشئة التي استفادت من تخفيضات في الضرائب وتثمين الاستثمار في الصناعة المالية الإسلامية لاسيما ما يتعلق بالصكوك الإسلامية ووصفها بالإيجابية، خاصة حينما يرتبط الأمر بصكوك الخزينة السيادية، وهي خطوة جديدة وهامة.
وطالب المتحدّث في سياق ذي صلة بإصلاح آليات الدعم واعتماد الدعم الانتقائي أي تحويل دعم الدولة فقط لمستحقيه، وطرح سؤالا “أين وصل الملف”؟ كما أثار ملف تغطية عجز الميزانية المستمر من سنة لأخرى، وأكّد على ضرورة إعطاء توضيحات بخصوص الإجراءات التي تتخذها الحكومة في هذا السياق.
واعتبر النائب عن كتلة الأحرار لخضر ديبة أن قرار الحكومة بتخصيص ميزانية ضخمة لسنة 2025 في حد ذاته قرار إيجابي يثبت الإجراءات المتخذة لتلبية حاجيات المواطن، إلا أنه دعا في نفس السياق إلى استكمال البرامج الاستعجالية الخاصة بالولايات المنتدبة على غرار ولاية قصر الشلالة على سبيل المثال.
من جهته أشاد النائب بهلول حمدي عن حزب جبهة المستقبل بالطابع الاجتماعي الذي يتسم به مشروع قانون المالية لسنة 2025، والذي يهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطن وخلق المزيد من مناصب الشغل للشباب الجزائري، وطالب المتحدث في نفس السياق برفع شرط الراتب أقل من 24 ألف دينار للاستفادة من سكن اجتماعي، وهذا لمنح فرص أكبر لفئات أخرى في الاستفادة من السكن هي بحاجة إلى ذلك.
وفي سياق منفصل، قال النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني أحمد ربحي أنهم كنواب يعانون مما وصفه بحق “الفيطو” في تمرير مقترحات القوانين، التي تصطدم بالمادة 147 من الدستور، والتي تشترط مبررات وإيرادات مالية لقبول مشاريع القوانين الجديدة، الأمر الذي يجعل معظم مبادرات النوّاب مرفوضة ضمنيا بسبب عدم اكتمال الشروط، وهو ما يمنع النائب من ممارسة حقه التشريعي والتغيير في المنظومة القانونية وممارسة الدور الذي انتخبه لأجله المواطن.