-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معركة كورونا وحرب اللقاح

معركة كورونا وحرب اللقاح
ح,م

تأكد العالم بأن تسمية مواجهة الشعوب والحكومات، لجائحة كورونا، خلال الأشهر التسعة الماضية بـ”الحرب”، إنما كان في محله؛ فعدد الإصابات والخسائر البشرية والانهيار الاقتصادي والإفلاس الذي أصاب الكثير من بلدان العالم، لا يحدث في العادة سوى في الحروب الكبرى، ومنها الحربان العالميتان الأولى والثانية، إذ طغى مشهد التوابيت التي تحمل الموتى، والسواد الذي صبغ البشرية والشلل الذي أوقف دواليب الاقتصاد عن الدوران. لكن مع مرور الأشهر واقتراب الجائحة من دخول سنتها الأولى، منح الناس لهذا الواقع المليء بالمواجهات الطاحنة، اسم المعارك، لأن الحرب الحقيقية تكمن في اللقاح الذي باشرت فيه بعض البلدان عملية جني الغنائم، بعد معارك أثقلت كاهل الأفراد والمجتمعات والدول، وخرّت بمعنوياتهم إلى الحضيض.

سجلت أمريكا حسب إحصائياتها الصحية الخاصة الخميس، رقم الوفيات الأعلى، إذ بلغ 2800 ضحية في يوم واحد بسبب جائحة كورونا، وقارب رقم الإصابات في الهند المائتي ألف في يوم واحد، ومازالت أرقام الإصابات والوفيات تحطم السقف القياسي بشكل يومي في الكثير من البلدان والقارات، ومع ذلك خفت حديث معارك كورونا وما تسبِّبه من خراب أمام حرب اللقاحات. والذي يتابع شريط الأخبار في كبرى القنوات العالمية سيتأكد بأن كلمة لقاح تتفوق على كورونا بشكل يوحي بأننا سنعيش في الأشهر القادمة على حكاية الجرعات والملايين والملايير منها، وعلى الصفقات الكبرى التي سترمّم اقتصادات بلد على حساب آخر، كما حدث في بداية الجائحة عندما كان الأمريكيون في زمن دونالد ترامب يُصبحون ويُمسون على نخب برميل النفط الذي اشتروه بثمن التراب، بل ومن دون ثمن، ليُكملوا “حفلتهم” مع اللقاح الذي سيجعل مصائب الأقوام عند “قوميتهم”.. فوائد.

في كل الحروب المدمِّرة والأوبئة الفتّاكة، يغيّر التاريخ مساره، والبلاد التي ستشعر بأنها هي المساهِمة في عودة الناس إلى حياتهم الطبيعية بعد أشهر عجاف، وقرابة سنة من الخوف من الكائن المجهري والمصير المجهول، قد ترى بأنها هي من أحيت الأرض الميتة، وأخرجت الناس من سجون الحجر وردَّتهم إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بين اللهو والجد، أما البلاد التي تشعر بأنها مُدينة للذين قدّموا لها الأمل بعد أشهر من الألم، فقد تبقى تحت سيطرة من منحوها الغذاء والدواء والصناعة والزراعة وجرعات اللقاح.

يقول شارل ديغول: “من لا يستطيع أن يكسب الحرب لا يستطيع أن يكسب السلام”، وهي فلسفة الغرب في مختلف الأزمات، إذ يريدونها حربا ضروسا، وهم أحد الأطراف الفاعلين فيها ولو من خلف ستار، وفي النهاية التي يختارون لها الزمن المحدد، يظهرون كمنقذ الناس من الدمار، ويبيحون لأنفسهم ويأمرون الآخرين على ضرورة دفع الفدية والتنازل عن كل غنيمة من الحرب، ليتواصل مسلسل السيطرة على العالم تحت تأثير الداء والدواء والحرب والسلام، فتختلف الأزمات وتصبّ جميعها في مزيد من القوة للقوي ومزيد من الهوان للضعيف، بعد معارك فتاكة مع الجائحة وحرب أفتك مع اللقاح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!