مغربي تزعم الجناح الإعلامي لـ”داعش” قبل دحرها من الجزائر
أرجأت مؤخرا، محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس بوهران إلى موعد لاحق، معالجة قضية المدعو “جليبيب”، مغربي الجنسية، المتابع رفقة سبعة أشخاص آخرين بارتكاب جناية دعم وتمجيد تنظيم “داعش” وعملياته الإرهابية، عن طريق عرض منشورات إعلامية وتحريضية لصالحه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وضمن شبكة كانت تنشط تحت قيادة الإرهابي (أبي مصعب)، التي كان المتهم الأول أمير جناحها الإعلامي بالغرب الجزائري، قبل أن يتم دحرها وكسر شوكتها من قبل الأجهزة الأمنية.
ويأتي تأجيل النظر مجددا في هذا الملف بسبب غياب محامي جميع أولئك المتهمين، منهم ثمانية سبق أن أدينوا ابتدائيا فيها بأربع سنوات حبسا نافذا، فيما استفاد ثلاثة متهمين آخرين من البراءة.
وعن التفاصيل، فإن وقائع قضية الحال تعود إلى تاريخ 18-03-2018، عندما قام شخص من أصل مغربي، يعرف لدى من يعرفوه ويتعاملون معه بلقب (جليبيب)، واسمه الحقيقي (أ. ش)، بإلقاء خطاب ديني علني بدون رخصة، قبل أن يتبين من خلال التحري في أمره أنه مرتكب جرائم تتعلق بتكوين جماعة إرهابية تستهدف مصالح الدولة، حيث توصلت التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية بشأن تحركات ونشاطات هذا الأخير إلى الكشف عن قيامه بتوزيع منشورات وتسجيلات على الملأ يصب محتواها في نفس السياق.
كما جاء في ذات الملف، أن الكشف عن ممارسات الجماعة التي ينشط فيها المتهم سالف الذكر ومن معه، كانت بداية بتفطن العناصر الأمنية المختصة إلى قيام شخص يدعى (ح) بوضع عدة منشورات تحريضية وممجدة للأفعال الإرهابية على مواقع التواصل، ثم اتضح أن هذا الأخير كان على تواصل مع عدة أشخاص على صفحته الفايسبوكية التي عليها صورة شخصية يظهر فيها ملثم الوجه ومرفقة بعبارة “الذئاب المنفردة” مكتوبة باللغة الروسية، إضافة إلى تناول تفسيرات عن السياسة المنتهجة من طرف عناصر تنظيم “داعش”، من خلال التطرق إلى الهجمات التي شنها هذا الأخير في حق أشخاص.
ومن خلال تعميق التحريات، تم التعرف على هوية صاحب الحساب، ويتعلق الأمر بالمدعو (ك. ح) من سكان بلدية بوهني في ولاية معسكر، كما تم التوصل إلى شخص ثان كان على اتصال به عبر الفايسبوك، يدعى (ف. ح)، وهو من نفس المنطقة، وعند تفتيش مسكنه، تم العثور على عدة أغراض مشبوهة، منها كتب إلى غير ذلك.
وعند سماعه من طرف الضبطية القضائية، اعترف المدعو (ف. ح) بقيامه بعدة اتصالات مع عناصر أخرى تنتمي إلى خلايا “داعش”، وكذلك قدم أسماء وكنيات لكثير من المتورطين مع التنظيم، منهم الإرهابي “أبو مصعب”، وهي التصريحات التي مكنت العناصر الأمنية من توقيف شخصين، تم ضبطهما داخل سيارة، وكانا على أهبة الفرار على متنها إلى خارج ولاية معسكر بعدما تفطنا إلى أنهما محل مراقبة وترصد من الأجهزة الأمنية. وكذلك تبين أن الموقوفين المنحدرين من ولاية معسكر لهم أذرع أخرى على مستوى منطقة سيق، ليتم إلقاء القبض على هؤلاء، ليصل مجموع عدد الموقوفين إلى 11 متهما.
إنجاز أمني
استجواب كافة الأطراف الموقوفة من طرف عناصر الضبطية القضائية، مكن من تحديد أدوار ومهام كل واحد من أفراد تلك الجماعة الإرهابية بدقة، حيث كان المتهم المغربي المدعو (أ. ش) يمثل أمير تلك الجماعة، فيما أوكلت للمدعو (ب. ت.ز) مسؤولية العمليات الانتحارية، بينما كانت التكليفات بالنسبة للبقية موزعة على الأمور المتعلقة بالاتصالات والجوانب المالية واللوجستية للتنظيم.
جدير بالذكر أن هذه العملية النوعية التي قامت بها المصالح الأمنية المختصة، تتعلق بتفكيك شبكة كبيرة كانت تنشط بالغرب الجزائري، مستغلة في نفث سمومها مواقع التواصل الاجتماعي لنشر منشورات تشيد بتنظيم داعش وبأفعاله الإرهابية.
يذكر أيضا أن المتهمين أثناء مثولهم في أواخر سنة 2022، أمام محكمة الجنايات الابتدائية بوهران، كانوا قد أنكروا ما نسب إليهم من أفعال، مبررين الاتصالات التي كشفت عنها الخبرة العلمية، سواء مع أمير الجماعة أو مع المجندين تحت جناحه، بقول بعضهم إن ذلك كان بدافع الفضول بالنسبة للبعض أو بمحض الصدفة حسب تصريحات البعض الآخر، مجمعين على عدم علمهم بخلفيات تلك الاتصالات ولا بمخططات أصحابها وأفكارهم المتطرفة، والتي لم تصل – حسبهم – إلى مرحلة العمل بها وتنفيذها من طرف أي واحد منهم، فيما لم تقتنع النيابة العامة بتلك الحجج، والتمست آنذاك معاقبتهم بالسجن المؤبد.