-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مغرّدون خارج السرب!

جمال لعلامي
  • 423
  • 0
مغرّدون خارج السرب!

عندما تتجاوز نسبة قراءة موضوع حول توقعات الأحوال الجوّية، بعشرات أو مئات المرّات، عدد قراءات مواضيع تخصّ نشاطات وتصريحات الأحزاب، وحتى أخبار السكن والنفط، فهذا يستدعي قيادات الأحزاب ومعشر الوزراء والمسؤولين، إلى التوقّف والبحث عن أسباب الخلل ومكامن هذه المفارقة العجيبة، المستنبطة في غالب الظن من غياب الثقة!
فعلا، أخبار “جات الشتا وجاو لرياح”، أهمّ ممّا قاله قادة أحزاب يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون، وأهمّ من خرجات الوزراء، وتمثيليات ولاة وأميار ونواب، لا يظهرون وقت الشدّة والعسر، وإذا ظهروا وقت اليسر، فاعلم أن الانتخابات وصلت، وأن الموعد قاب قوسين أو أدنى من حملة ستـُطلق فيها الوعود والعهود وفنون الهفّ والتبلعيط!
لقد قال الساسة الكثير، خلال تجمعات الأحزاب، في البرلمان، في الفايسبوك، وقالوا أكثر أثناء الحملات السابقة، لكنهم لم يفعلوا إلاّ القليل، ولذلك، أصبحت الأغلبية المسحوقة من القرّاء تتابع باهتمام التوقعات الجوية، ولا يهمها كثيرا التوقعات الحزبية والسياسية والاقتصادية والمالية والرياضية والثقافية، رغم أنها قد تكون أولوية وتنعكس عليهم إمّا إيجابا أو سلبا!
تفريخ الوعود الكاذبة، هي التي قتلت الثقة بين الناخب والمنتخب، وأفقدت العلاقة بين المواطن والمسؤول، وبين المناضل وحزبه، بريقها وحيويّتها، ولذلك لم يعد الناس مكترثين لكلّ ما هو قادم من وزير أو مدير أو وال أو رئيس دائرة أو مير أو رئيس حزب أو نائب أو سيناتور، فقد جرّبوهم مرارا وتكرارا، وأثبتت التجارب أن “مول الطبع ما ينطبع”!
تفاقم مشاكل المواطنين والمزلوطين والموظفين و”المهرودين”، هو الذي حرّض هؤلاء على الانشغال بأمور أخرى، فأصبح العموم والخواص منغمسين في العوالم الافتراضية، وغرق الفرد والجماعات في لوحات إلكترونية وهواتف ذكية، فعمّت الأفكار الغبية، وغابت الهدية، وانقطعت المزية، وزادت حدّة البليّة، وانتشرت الأحقاد مثل الخليّة، وسط أجواء من السرّية!
فشل الطبقة السياسية وعجز قياداتها ونوّابها ومنتخبيها وأميارها، في مهمّة حلحلة المشاكل الحقيقية واليومية للمواطنين في الربوات المنسية، وحتى الاهتمام المنقطع النظير بتنبّؤات الأحوال الجوية، نابع في الأصل والفصل، من مرارة تجارب قديمة، كانت فيها الكوارث حتما مقضيا، حيث كشفت “البريكولاج” وعرّت أكاذيب مسؤولين هزمتهم زخات أمطار!
من الطبيعي أن لا يكترث القرّاء بخزعبلات أحزاب لا تقدر حتى على ملء قاعة سينما بالمناضلين والمناصرين والمؤيّدين والمتعاطفين، وتختفي بالمستفيدين منها، لعدّة سنوات، ثم لا تظهر إلاّ إذا تعلق الأمر بموسم الجني والحصاد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!