-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ملايين الطلبة.. والثورة الرابعة!

ملايين الطلبة.. والثورة الرابعة!

بحق، أعدادُ التلاميذ والطَّلبة في بلادنا يتزايد يوما يعد يوم. ملايين في المدارس والثانويات وقريبا الملايين في الجامعات! بحق هو عددٌ هائل يُمكِنه أن يُصبِح أغلى ثروة نفتخر بها على مدى قرون من الزمن.. عددٌ هائل يُمكن أن تنبثق عنه في أي لحظة نوعية من الكفاءات نستطيع من خلالها أن نَجِدَ لنا مكانة بين الأمم في عالم الثورة الصناعية الرابعة Industrie 4.0 التي باتت تلوح في الأفق بعد الأولى والثانية اللتين جانَبْنَاهُما وقد كُنَّا مستعمَرين، والثالثة التي مَنَعَنا سوء التسيير وانعدام الرؤية والانغماس في الشعارات والفرعيات الواهمة من أن نسير خطوة فيها.
بالفعل يُمكِننا أن نُعِدَّ هذا العدد الهائل من أبنائنا للعيش في القرن الحادي والعشرين ونُمكِّنهم من أن يكونوا أبناء هذه الثورة الرابعة، كما يُمكِننا أن نجعل منهم أبناءً مُتناحرين فيما بينهم غير قادرين على تلبية حتى حاجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن وملبس. نعم بإمكاننا أن نفعل هذا وذاك بهم، من خلال السياسات الصحيحة أو الخاطئة، التي تبدأ اليوم، وكان يُفترض أن تبدأ منذ بداية استعادة السيادة الوطنية.. فهل فات الأوان؟
بكل تأكيد لم يفت الأوان.. حقا نكون قد أضعنا عقودا من الزمن في تكوين عددٍ هائل من الأبناء، من غير رؤية واضحة ولا أهداف على المستوى البعيد، ولكنه بإمكاننا أن نُعيد بناء هذه الرؤية ابتداء من الغد وتصحيح الاختلالات الكبيرة التي عرفتها، ونُعيد ضبط خياراتنا الاستراتيجية لنضعها ضمن آفاق المدى البعيد، ولِمَ لا آفاق الثورة الصناعية الرابعة!
لقد كان «كلاوس شواب»Klaus Schwab من بين الأوائل الذين شرحوا بالتفصيل خصائص هذه الثورة الرابعة في كتابه الشهير “الثورة الصناعية الرابعة” الصادر سنة 2016.. وقبله ألفين توفلر Toffler الأمريكي الذي نظَّر قبل عقود من الزمن للثورة الثالثة، والعشرات من الباحثين والعلماء الذي ما فتئوا يتحدَّثون عن مستقبل العالم، مُوجِّهين كلامهم لصناع القرار، ليس في بلدانهم فقط إنما لكل قادة العالم، إلا أننا واصلنا على خلاف بعض الشعوب التي كانت مثلنا متخلفة اقتصاديا، ثم تقدّمت (الصين، كوريا، سنغافورة، ماليزيا، تركيا…) صم آذاننا، وفضلنا الغرق في تفاصيل الصراعات الشخصية والعيش على وهم أننا دوما على الطريق الصحيح.. وعلينا اليوم أن نتدارك الأمر، من خلال العمل على تحويل هذا العدد الهائل إلى نوع، أو على الأقل تمكين النوع الغارق ضمن هذا العدد الهائل إلى مواقع القيادة الفعلية في جميع المجالات…
إننا بحق في حاجة إلى هذا، وليس هو بالحلم غير القابل للتحقيق.. ذلك أن الكل يعلم أننا نملك نوعية راقية من التلاميذ والطلبة في جميع المجالات، فلا تتركوها تموت كما التي قبلها، أو تُهاجر إلى غير رجعة بَلدًا مُنِع مَنعا من أن يضع نفسه ضمن آفاق المستقبل البعيد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • iftissen

    الحلم مشروع وليس مستحيلا إذا مكنا النوع من تولي القيادة كما تفضلتم يا أستاذ، لكنه يبقى مستحيلا عندما نسمع من يقول نحن هنا وسنبقى هنا بعد عشر سنوات و سنكون هنا بعد عشرين سنة وبعدها سنسلم البلد لأبنائنا ثم لأحفادنا ( البيولوجيين طبعا ) و ليس للكفاءات.عندها فنحن نحضر هذه الملايين من الطلبة إلى كل شيء ما عدا للثورة الصناعية الرابعة. تحياتي أستاذ.

  • ابن الجبل

    كم أتشوق لقراءة مقالاتك يا أخ سليم ، لما فيها من التحليل القيم لواقعنا المزري ، الذي نتأسف لحاله؟! . وأعود الى مقالك السابق ، كيفية الاقلاع . الجزائر وما أدراك ما الجزائر انها قارة ...؟! انها قارة بمساحتها الشاسعة ، وقارة بعدد سكانها ، وقارة بثرواتها ، تحت الأرض وفوقها ، انه قارة بشبابها الذي ينبض بالنشاط ولا يعرف المستحيل ، كل ذلك يجعل الجزائر قادرة على الانطلاق ، ولا تحتاج الا الى قائد شاب محنك مثل أردغان . فهل نعثر على هذا الفارس ؟ وان غدا لناظره قريب .

  • فتح الله

    أولا فاقد الشيء لا يعطيه، فالمسؤولون على قطاع التعليم لا يهمهم إلا العدد، و الكم لا يعوض بأي شكل الكيف.
    ثانيا تدني المستوى العام لا يخفى على عاقل ، و من الناحية "الرياضية"، مجموع الأعداد السالبة لا يأدي إلا إلى عدد أكثر سلبا،
    و بذلك فالثورة الصناعية القادمة التي ستكون نتيجة عمل وزارتي التربية و التعليم العالي الحاليين لن يكون إلا "قنبلة اجتماعية"

  • العمري

    الثورة الصناعية الرابعة تتطلب بنى اقتصادية ةاجتماعية ةثقافية متطورة, هي الذكاء الاصطناعي والروبوتات وتكنولوجيات النانو .....بالمختصر اقتصاد المعرفة . اين نحن من كل ذلك؟بينما العالم يسير الى الأمام ويدخل في عهد ما بعد "مرحلة التاريخ" نحن نسير في الاتجاه المعاكس ، اتجاه ما قبل التاريخ.

  • حسام

    شكرا يا دكتور على هدا التفكير النير ولكن ما العمل مع من لايريد لا للعلم ولا للبحث العلمي عندنا أن ينهظ ؟أزمتنا يا دكتور ليست في العدد ولا في الكم بل أزمتنا في تحديد احداثيتنا من هويتنا مثل كل شعوب العالم حينها يمكن الأقلاع ؟فرنسا لم تخرج من أرضنا عبثا ،وهل تعتقد بعد 132 سنة من الأستغلال والأستعمار تركتنا لحالنا وأن نتنمى في جميع الميادين ؟

  • الطيب / الجزائر

    بطريقة التسيير و عقلية الولاء الأعمى التي عمرت و عششت عندنا نحن في طريقنا إلى :
    1/ تضييع الإنسان و هذه نعيشها الآن بعناوين شتى منها ( التزوير ، الغش ، الرداءة ، الكذب ، الفساد ، الدجل والدروشة و الغباء ، استنزاف مقدرات البلد، التضييع المتكرر لفرص الانطلاق، غياب كلي لفكر التأسيس لنهضة حضارية تضعنا في مستوى مقدراتنا على الأقل..)
    2/ تضييع التربة التي حررها الشهداء و هذه بعد أن تعم اللامبالاة .
    الحل قبل فوات الأوان هو وضع نقطة النهاية البيولوجية الطبيعيةلجيل حرر الوطن و لكن بتقديسه تحول إلى فكر للاسترزاق و تعطيل عجلة البلد و على حساب الأجيال الجديدة ثم استبداله بشرعية جديدة هي شرعية الكفاءة