ملياران و600 مليون لترميم مجسم القبة السماوية

تسعى، مؤخرا، السلطات المحلية بولاية سيدي بلعباس لإعادة الاعتبار لمجسم القبة السماوية، المعروف بـ “لاكوبول”، الكائن بوسط المدينة، الذي أقفلت أبوابه في السنوات الأخيرة، بفعل الإهمال والتهميش، بعدما كانت تدب فيه الحركة من كثرة التجمعات والتظاهرات الثقافية والتجارية التي كان يحتضنها تباعا، حيث رصدت غلافا ماليا قدره ملياران و600 مليون سنتيم لعمليات إعادة تهيئته وترميمه التي انطلقت أشغالها منذ أيام على أن يسلم في غضون الشهرين القادمين.
وقد وقفت مؤخرا السلطات المحلية على الإهمال الذي لحق بهذا الصرح الثقافي خلال زيارتها الميدانية، أين جابت مختلف أروقة المجسم، هذه الوضعية الكارثية التي آل إليها، دفعت بمصالح البلدية إلى إطلاق عملية رد الاعتبار للمجسم، بإعادة إطلاق عملية كانت مسجلة منذ سنتين، إلا أن الخلافات التي عرفها المجلس المنتخب السابق أخرت انطلاقها، قبل أن يتم إعادة تفعيل هذا المشروع، الذي سيكون مرفقا باستراتيجية جديدة من شأنها إعادة رونق هذا المجسم، إذ من المنتظر أن يخصص لاحتضان التظاهرات العلمية والثقافية.
وفور انتهاء أشغال التهيئة والترميم، سيتم الغلق النهائي لجميع المحلات المحيطة بالمجسم التي تستغل لبيع الأحذية والملابس، على أن يتم نقل هؤلاء التجار إلى حي الأمير عبد القادر “القرابة”، بمنطقة “الحفرة”، أين سيتم تهيئتها هي الأخرى، لاستقبال التجار.
وتأتي هذه الالتفاتة لما يعانيه مجسم القبة السماوية من إهمال منذ سنوات، بعدما عششت العناكب داخله، خاصة وأن آخر عملية صيانة وترميم شهدها كانت سنة 2015، استجابة لدعوات المجتمع المدني بشأن إعادة استغلال هذا الهيكل الذي يتمتع بموقع استراتيجي مهم، زيادة على أنه قبلة العباسيين، ما يؤهله لأن يكون منارة علمية وثقافية وحتى سياحية تسهم في إحياء التراث الثقافي والسياحي بالمنطقة.
أصوات المجتمع المدني تساءلت أيضا عن سبب إقصاء هذا الصرح من احتضانه لمختلف التظاهرات والفعاليات التي كان في السابق مسرحا لها، خاصة وأن عملية ترميمه سنة 2015 استهلكت غلافا ماليا ضخما قيمته تجاوزت 900 مليون دينار، من الميزانية التكميلية للولاية، خصصت لإعادة ترميم سطحه الدائري، وكذا جدرانه الداخلية، مع الحفاظ على طابعه الأثري. الأمر الذي اعتبروه هدرا للمال العام.
والجدير بالذكر، أن مجسم القبة السماوية، الذي يعود تاريخ تشييده لسنة 1950 احتضن على مدار سنوات طويلة عدة أنشطة في كافة المجلات، بدءا بسوق الخضر والفواكه مرورا بسوق الطيور. قبل أن يتحول سنة 1991 إلى غاية 2005 إلى مركز إشعاع ثقافي علمي، انخرط فيه أكثر من 1000 شخص في مختلف الفئات العمرية، موزعين على النوادي التي كان يضمها، على غرار نادي الرقص الكلاسيكي، النادي الإلكتروني، نادي اللغات الحية، نادي علم الفلك، إضافة إلى العديد من الفعاليات التي كانت تحتضنها قاعة المحاضرات المتواجدة بداخله بسعة 200 مقعد، إلا أنه سرعان ما تحول هذا الصرح إلى مكان مهجور دون أي مقدمات، حيث عمدت مصالح البلدية إلى إقصائه وغلقه لمدة قاربت خمس السنوات، قبل أن تتدخل مديرية السياحة وتتكفل بتسييره، أين افتتحته كمركز توجيه سنة 2010 لمدة سنتين فقط، ليطاله الإهمال من جديد، وإلى يومنا، هذا مازالت أبوابه موصدة ولأسباب مجهولة، بالرغم من مطالب المجتمع المدني بإعادة الاعتبار لهذا الصرح التاريخي والثقافي وحتى السياحي بمدينة سيدي بلعباس.