منتخب أقل من 17 سنة أخرصَ كل من يدافع عن المحليين

لم تمض أيام طويلة، على الصفعة التي تلقتها الكرة المحلية الجزائرية، عبر خسارة شباب بلوزداد في يوم عيد، وأمام أربعين ألف متفرج، وفي ملعب تفتخر به الجزائر لكونه الأجمل في القارة السمراء، برباعية جاءت بالنتيجة والأداء أمام ممثل جنوب إفريقيا..
الذي يضم محليين من بلد لم يعد يتأهل حتى إلى أمم إفريقيا، لم تمر فترة طويلة حتى حقق منتخب أقل من 17 سنة، ما لم يحققه أي منتخب في تاريخ الجزائر من خلال النتيجة والأداء على أرض الوطن، وإذا كان الجمهور الحاضر في ملعب قسنطينة قد تمالك نفسه وفي القلب ما فيه من وجع، فإن الأجدر بالمدرب وبمن عينه ووثق فيه، وحتى المشرفين على ما يمسى بالأكاديميات وهي لا ترقى إلى درجة مراكز محو الأمية الكروية، أن يستقيل أهلها ويتنحوا طواعية من عالم الكرة، ويتم توقيفها حالا.
منذ بداية الدورة الإفريقية التي جهزت لها الجزائر وصرفت الأموال والجهد لإنجاحها، ومن أول مواجهة أمام منتخب الصومال الذي لم يحدث وأن واجه الجزائر في كل الأصناف لأنه بلد إما يخسر في أول دور، أو ينسحب بسبب الفاقة، ومستوى الأداء يصدم الناس، وتحل بعد ذلك مهزلة كروية، لا ندري كيف وصلناها من دون أن يلتفت أحد إلى أعراضها الواضحة جدا، من خلال الإفلاس الكامل، حتى إنك تكاد تقسم بأن ما يسمى بالطاقم الفني واللاعبين والإداريين لم يسبق لهم وأن شاهدوا مباراة كرة واحدة، ولا نقول لعبوا مباراة واحدة، لأنهم حقا لا يتقنون اللعب.
لا أدري كيف سيقول اللاعبون والمدرب معهم لو أعيد أمامهم صور استقبالهم في مطار قسنطينة وحالة التشجيع التي تلقوها في ملعب حملاوي، فمن غير المعقول أن يصل جهل مدرب باللعبة كما حدث مع منتخب أقل من 17 سنة، إلى درجة أنه قبل الدورة تحدث بإيمان قاطع بأنه سيفوز باللقب، وفي مباراة ربع النهائي بأنه سيتأهل إلى كأس العالم، وفريقه لا يمكنه أن يقدم ثلاث تمريرات متتالية صحيحة حتى في غياب المنافس، وعندما لا يستطيع “المدرب” معرفة قدراته وتقييم منافسيه، فهو لا يختلف عن أي مناصر، بل إنه أقل شأنا فنيا منهم.
في بعض المنعرجات الكروية لا يجب إقالة المدرب أو محاسبته أو توبيخه، لأن الذين وضعوه هم الأولى بالمحاسبة، فلا يمكن للمريض أن يلوم رجلا مرتديا زيا أبيض ويطبّب الناس داخل المستشفى وهو لا يمتلك أي شهادة تعليمية من كليات الطب، لأن الذي عينه هو المسؤول الأول عن مثل هذه الكوارث.
الذين راهنوا على الكرة المحلية ويتحدثون عن مشتلة موجودة وعن كتاكيت، لا يعلمون بأن اللاعب المحترف مثل المهندس المحترف، يتنفسون علما منذ نعومة أظافرهم بإشراف من محترفين حقيقيين، لأن مدرب منتخب أقل من 17 سنة، أقسم بالله بأنه لم يستعمل “المعريفة” في اختيار اللاعبين، ولكنه لم يقسم بأن تنصيبه على رأس المنتخب لم يكن بالمعريفة؟
أشبال الخضر يفشلون في التأهل للمونديال
إخفاقات.. وتساؤلات؟
سار المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة على خطى بقية المنتخبات الوطنية الأخرى، التي فشلت جميعها في رفع الرهان في مختلف البطولات التي شاركت فيها، بداية من كأس إفريقيا، التأهل إلى المونديال أو الألعاب الأولمبية 2024 بباريس.
لم يختلف الأمر بالنسبة لأشبال المنتخب الوطني، الذين فشلوا في تحقيق الأهداف المسطرة، الذهاب بعيدا في كأس أمم إفريقيا لذات الفئة التي تجري في الجزائر وضمان التأهل على الأقل إلى كأس العالم.
وأقصي المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة، سهرة الأربعاء الماضي، بطريقة مهينة من طرف المنتخب المغربي (3-0)، الذي كان أقوى منه من جميع الجوانب، ليتجدد الحديث مرة أخرى، عن مرض كرة القدم الجزائرية، التي لم تجد هذه المرة الشجرة التي تغطي الغابة.
إخفاق التشكيلة الوطنية التي قادها المدرب رزقي رومان ليس الأول، حيث سبقته عديد الإخفاقات، التي كانت بدأت مطلع السنة الماضية بالخروج المبكر للمنتخب الوطني الأول من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم بالكاميرون، ليتبعه إخفاق أكثر مرارة أضر كثيرا بالجزائريين، وهو الفشل في التأهل إلى مونديال قطر.
بعد كارثة غياب الجزائر عن مونديال قطر، جاء فشل المنتخب الوطني المحلي في “شان” الجزائر، رغم وصوله إلى المباراة النهائية وخسارته بالضربات الترجيحية أمام منتخب السنغال.
إخفاقات الكرة الجزائرية تواصلت بعدها عن طريق إخفاق منتخب أقل من 23 سنة في التأهل لنهائيات كأس إفريقيا بالمغرب وللألعاب الأولمبية القادمة، ثم إقصاء منتخب أقل من 20 سنة من التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا بمصر.
وبالرغم من هذه الإخفاقات المتتالية لكرة القدم الجزائرية، التي ينتظر أن تتواصل لسنوات أخرى ما لم يتم استئصال الورم السرطاني الذي يبقى ينخر جسد كرة القدم الجزائرية التي تبقى بحاجة إلى عملية جراحية استعجالية يتم من خلالها طرد جميع الفاشلين.
ثورة الإصلاحات اللازمة، التي قد تتطلب قرارا سياسيا جريئا، يجب أن تمس جميع الرياضات وليس كرة القدم فقط، لأن المرض موجود أيضا في كرة اليد، الملاكمة، الجيدو ألعاب القوى والقائمة طويلة.