منطق مقلوب !
-
-
1814
-
0
منطق الغالب والمغلوب في كل الحروب يفرض على المغلوب منطق الغالب، وعلى المهزوم شروط المنتصر، ولأن حزب الله ألحق بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية هزيمة تاريخية واستراتيجية، فإن منطق الحروب يعطي لحزب الله ومن ورائه الأمة العربية الإسلامية حق إعادة صياغة خريطة المنطقة بشكل جديد، وهذه هي المعركة الحقيقية والحاسمة مع العدو الصهيوني وراعيته الولايات المتحدة الأمريكية.
نسيم لكحل
وفق هذه الرؤيا لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تتحدث بعد الآن عن ضرورة إقامة شرق أوسط جديد في المنطقة، لأنها تكبّدت هزيمة مذلّة خلال هذه الحرب السادسة، تجعل منها مطالبة على الأقل بالتزام الصمت والرجوع خطوات إلى الوراء، تماما كما يجب على قياديي الكيان الإسرائيلي غرس رؤوسهم في التراب وأن يستقيلوا من مناصبهم هروبا من فضيحة لبنان ودرس حزب الله الذي سيبقى يُقضّ مضاجعهم في كل مكان وفي كل زمان، وفي كل مرة يفكروا فيها أن جذوة المقاومة قد خمدت عند شعوب المنطقة، التي تؤمن أن إسرائيل إلى زوال اليوم أو غدا.
عندما تنتهي هذه الحرب بتحطم (أسطورة الجيش الذي لا يقهر) على صخرة المقاومة، يكون الرئيس الإيراني أحمدي نجاد دقيقا جدا عندما يدعو في خطابه الأخير إلى إقامة شرق أوسط جديد ليس فيه إسرائيل وليس فيه الولايات المتحدة الأمريكية التي تحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة من شؤون المنطقة، ودعوة نجاد هي الترجمة الحرفية والنصية لمنطق الغالب والمغلوب في مثل هذه الظروف. ومعلوم أن هذه الدعوة تأتي ردا على الدعوة الأمريكية في بداية العدوان حول ضرورة صياغة خريطة المنطقة في قالب شرق أوسط جديد ليس فيه حزب الله وليس فيه رائحة العروبة والإسلام.
قبل أن يفرض الغالب منطقه على المغلوب، يجب أن تقوم في المنطقة العربية حروبا جديدة ومن نوع آخر ليس فيها قنابل أو صواريخ، وقبل أن يفرض المنتصر شروطه على المهزوم يجب أن تتغير الخريطة السياسية في كل المنطقة العربية ويجب أن يسود حكم الشعوب، لأن حكامهم لن ينحازوا إليهم حتى وقد دعاهم الرئيس السوري بشار الأسد إلى ذلك في خطابه، وحتى ولو وصفهم بأنصاف الرجال (!)، لأنهم يعتقدون أن المنطقة العربية لا يجب أن يحكمها الرجال، ودون هذا وذاك لن يكون لنصر حزب الله على إسرائيل طعم ولا رائحة، والخوف كل الخوف أن يتحول الغالب إلى مغلوب، وأن يتحول هذا المنطق، إلى منطق مقلوب؟!
