من إرهاب الأرض إلى إرهاب السماء

11 سبتمبر 2001.. في هذا اليوم منذ 10 سنوات انتقلت أمريكا بالإرهاب من الأرض إلى السماء، من الإرهاب الزاحف على الأرض في أفغانستان وبؤر أخرى من العالم، خاصة في الشرق الأوسط، إلى الإرهاب الطائر الذي يضرب في السماء من السماء في نيويورك وواشنطن بالذات..
وعلى الرغم من مرور 10 سنوات كاملة على تلك الحادثة، التي كانت أقرب إلى أفلام الخيال العلمي الهوليودية منها إلى العملية الإرهابية وعلى الرغم من أن العالم كله يكاد يبتلع تماما مقولة وقوف القاعدة والراحل بن لادن والعرب والمسلمين وراء العملية، إلا أن الكثيرين من السياسيين والإعلاميين والمحللين المرموقين، ومنهم أمريكيون، كانوا ومازالوا يصرون على “نظرية المؤامرة”، وعلى أن عملية 11سبتمبر مدبرة من أولها إلى آخرها في سيناريو أمريكي محض لجملة من الأسباب منها على الخصوص أنها عملية خارقة للمنطق ولتوازن القوى بين القاعدة وبن لادن من جهة، وأمريكا من جهة أخرى، والفاعل إن لم يكن أمريكا لا يمكن أن يكون أقل مستوى في القوة من أمريكا على الأقل في مجالات الاستخبارات والتغلغل والتنظيم والتكنولوجيا، وهذا ما لم تملكه قاعدة لادن ولو امتلكته لما قضت عليه القوات الأمريكية بتلك السهولة بأحد الأكواخ في باكستان.
- ثم إن خسائر 11 سبتمبر المادية والمعنوية لم تكن بتلك الضخامة التي تروج لها الآلة الدعائية الأمريكية مقارنة بحجم الرهان الأمريكي على العالم وخطط إخضاعه للإرادة الأمريكية عبر عدد من المشاريع الجنونية كالعولمة وإقامة شرق أوسط جديد يشمل العالم العربي والإسلامي وافريقيا، وكل المناطق التي تتوفر على احتياطات الطاقة والمحروقات الضرورية لدوران عجلة الاقتصاد الأمريكي وضمان التفوق على العالم في كل المجالات تحت غطاء حماية المصالح الأمريكية والدفاع عن الأمن الأمريكي في كل مكان وبدون حدود جغرافية.
- ومنذ غداة ذلك اليوم تجري السياسات الأمريكية وخاصة العسكرية والدبلوماسية طبقا للمرغوب في نظرية المؤامرة وهو العمل خارج القانون على تحقيق تلك الأهداف باستعمال كل مل توفر من قوة وأسلحة وتوريط العالم للاعتراف بشرعية ذلك على الرغم من مخالفته الفاضحة لأحكام القوانين الدولية، بل وذهب الأمر إلى حد تسابق الدول الغربية الكبرى على الاندماج في هذا المشروع والذهاب إلى أبعد مما ذهبت إليه أمريكا في الاعتداء واستعمال القوة، كما تفعل إنجلترا وفرنسا اليوم في ليبيا وسورية واليمن وغيرها، ولا تتوانى في التصريح بأنها تدافع عن أمنها وأمن أمريكا، فيما المنطق يقول أن العولمة التي تبشر وتتذرع بها أمريكا في المجال الاقتصادي والثقافي والسياسي لا يمكن أن تتم بدون عولمة الأمن، أي أنه إذا أرادت أمريكا للعالم أن يكون على دينها في المجالات المذكورة فيجب أن يكون الأمر كذلك بالنسبة للأمن، وأنه لا يمكن حماية الأمن الداخلي لأمريكا بضرب أمن البلدان الأخرى وتعريضه للخطر كما هو جار اليوم؛ ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد استيعاب هذا الدرس.