-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من الباك إلى لافاك

عمار يزلي
  • 1566
  • 1
من الباك إلى لافاك
ح.م

نسبة النجاح في الباكالوريا هذا العام، بلغت 54.56 في المائة.. نسبة لا تزال منخفضة قياسا بما هو مطلوب ومرتفعة قياسا بانخفاض المستوى التعليمي. هذا الرقم سيضاف إلى الأرقام الأخرى التي ستدخل الجامعة لتخرج منها بعد 3 سنوات بليسانس شبيه بالسنة الأولى ثانوي. كل هذا لأن المظلومة التغبوية قد عانت كل الأمراض مع العصابة ومشروعها التدميري الإلحاقي بالمستعمِر القديم حتى إننا وجدنا أنفسنا ضعفاء في كل المواد بما فيها المواد الدينية والمدنية والتاريخية إضافة إلى اللغات.

ولأن الباك فقد قيمته التنافسية والعلمية بتحويله إلى شبه “امتحان مرور إلى الجامعة” لتخريج عاطلين وبطَّالين، فقد صار الباك “مطلبا” للجميع، حتى من لم يدخل المدرسة قط.. ولا فأر! بمعنى أن ما كان يراد له من قبل مع العصابة أنه سيصبح في ما بعد “حقا” وواجبا يُمنح لكل مواطن على اعتبار أنه “جزائري” مثله مثل بطاقة التعريف وجواز السفر والبيرمي.. هذا ما يسمح بالقضاء على “محو الأمية”، ما دام التعليم نفسه، ومن خلال كل الأطوار مرورا بالجامعة، صار عبارة عن دروس لمحو الأمية، المهم للمتعلم الجزائري أن يتعلم القراءة والكتابة وفك الأحرف والهدرة كثيرا والعمل قليلا!

أما التعريب للعلم وللمتعلمين، فلا نستطيع فعله، بل لا نريد فعله، والأكثر دقة أننا غير مخولين لفعله، فنحن لا نزال في ركب اتفاقيات إيفيان الكريمة التي منحتنا الاستقلال عن فرنسا وربطتنا ثقافيا واقتصاديا وعلميا بها، ولا يمكننا الفكاك منها. والنُّخب التي كونتها فرنسا بعد مشروع قسنطينة (مشروع ديغول) لا تزال تُنتج وتتوالد ثقافيا ومكانة واستوزارا وإدارة وصناع القرار. لهذا، ولأنه لا يُسمح لنا باتخاذ قرار مستقلّ عن فرنسا المستقلة عنا (ولسنا نحن المستقلين عنها)، وحتى نتفادى الاستغراب والبقاء تحت رحمة ثقافة وفكر وممارسات وسيطرة وتأثير الأقلية الساحقة المفرنَسة اللسان والعقل، من الأحسن أن “نحمي محو الأمية” حتى نبقى أصلاء في أميتنا!

وجدتُ نفسي فجأة رئيس حكومة بني أمِّية وقد جمعت حولي كومة من الأمِّيين والأمِّيات كوزراء ورحت أردّد اسم كل واحد في وزارته التي تتناسب مع أمّيته:

وزير التربية، أبو جهل. وزير الثقافة، أبو أمية. وزير الطاقة، أبو لهب. وزير الجامعات، أبوريكو. وزير الدفاع، أبومبة. وزير التجارة، أبابور. وزير الداخلية، أبوليس. وزير الصناعات الثقيلة، أبولون. وزير الصناعات الخفيفة، أبوشون. وزير التخطيط، أبو بري. وزير الشؤون الدينية، أبوكاليبس، وزير البناء، أبو Lot. وزير الصحة، أبوماضة. وزير الرياضة، أبوكراع. وزير المالية، أبوفريك. وزير الفلاحة، أبو بقرة. وزير السياحة، أبوصيف. وزير الخارجية، أبوبرّة. وزير النقل، أبوركبة. وزير المجاهدين، أبوعلام.

هذه الحكومة، يمكن لها أن تؤدي بالبلاد إلى 60 داهية (كل داهية معناها حزب)، وهكذا، سنضطرّ إلى إعادة النظر في ممارساتنا السياسية السابقة المبنية على “المعارف النكرة” و”الزبائلية” التي أرهقت البلاد والعباد ونكون قد أحدثنا قطيعة مع ماجر لصالح بلماضي. هكذا، وكما كنت قد كتبت في 2015 في عمود عمار بوزوار بالشروق: “سيعرف الشارع حقيقة ما يجري في شوارع السلطة الضيقة وزقاقها، وسيتعقبون هؤلاء الفاسدين زنقة زنقة، دار دار، بيت بيت. فالشارع سينتفض طال الأمد أم قصر، وسيخرج جهارا نهارا طالبا حكامه ونهّابه ومسؤوليه بإعادة الأموال المنهوبة وإعادة الحق لمن ظُلم، ومحاكمة كل بيروقراطي فاسد وكل مسؤول عديم المسؤولية وكل راش ومرتش وكل من استغنى على ظهر الخزينة العمومية وصار من كبار برجوازية البنوك الوطنية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    ليلة انعقاد أول مؤتمر للطلبة الجزائريين ببن عكنون شاهدت الصدام الكلامي بين حاملي الشهادات العربية الوافدين من خارج الوطن والحاملين للشهادت بالفرنسية الذين تتلمذوا في الجامعة الوحيدة آنذاك بالجزائر.الشعارات المدوية بين الطرفين كانت ترفع صوت التحرر إما بالنسبة لفرنسا أو ضد التخلف والتزمت.الحقيقة أن الطرفين أرادا لنفسهما الانفراد بالسلطة التي لم تقم إلا بعد يومين حين وصل الرئيس بن بلة إلى العاصمة لينهي الصراع القائم بين الولاية الرابعة وجيش بومدين.منذ ذلك الحين لم تتغير شعارات الوطنية وألقينا عرض الحائط تكوين الإنسان الجزائري فكريا.الفساد القائم له جذور عميقة ولم تقم العصابة إلا بتعزيز طبيعتنا.