-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من صفّر لنهاية المقابلة؟

عمار يزلي
  • 1187
  • 0
من صفّر لنهاية المقابلة؟

تأتي التغييرات الدرامية في سورية، لتُخلط أوراق المنطقة من جديد، وتنذر بتحوّلات عميقة على بنية الجغرافيا السياسية للعالم العربي والإسلامي، وهذا في ظل الصراع بالشرق الأوسط والأزمة الفلسطينية المزمنة، وما يحصل في غزة.

ما حصل في سورية، إن لم يكن متوقعا عاجلا، كان منتظرا آجلا، على أساس أن سورية، بمكانتها ومكانها وموقفها من الصراع العربي الإسرائيلي تاريخيًّا، كانت مهدَّدة في كيانها، داخليا وخارجيا وهذا منذ انتفاضة 2011 التي أخمُدت بتدخُّل روسي وإيراني وعناصر حزب الله.

وجود أكثر من لاعب ومؤثر داخل سوريا وخارجها، جعلها تعيش سنوات طويلة تحت الحصار وقانون قيصر الأمريكي، ولولا وقوف روسيا وإيران إلى جنبها لمنعها من السقوط تحت ضربات المجاميع المسلحة الأصيلة والقادمة من خارج سورية، والتحالف العالمي ضد النظام في دمشق، لكانت دمشق قد سقطت قبل 13 سنة.

لهذا، كان متوقعا ذلك، لكن ليس بهذه السرعة، لكون لاعبين جددا، قد دخلوا على خط خلط الأوراق، لاسيما منذ سنة، بعد “طوفان الأقصى” والحرب على لبنان التي انتهت بتفاهمات وقف إطلاق النار. هذا، في الوقت الذي كان فيه التجهيز لحدث ما، ساريا على قدم وساق، خارجيا وداخليا، على الحدود السورية التركية الشمالية، في منطقة خفض التصعيد في إدلب بالأساس.

الدور التركي كان كبيرا وحاسما، على اعتبار أنه يملك مفاتيح الصراع في سورية أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة وخارجها، لوجود قوات على الأرض وعلى حدوده، لها علاقات تاريخية بتركية تعاطفا وتنظيما وتسليحا.

محاولة التقارب التركي السوري مؤخرا، كانت تشبه إلى حد ما “تبرئة الذمة” تجاه ما كان يُحضَّر له: رفض الأسد التعامل بجدية مع مطلب تركيا وبنود أستانا، لكون هذه البنود كانت تنص على فتح المجال السياسي لقوى المعارضة وتهوية النظام من الداخل. غير أن هذا كان يعني ضمنيا، التخلي عن السلطة والقبول بأوراق لعبة جديدة لن يكون فيها الأسد عنوانا لسورية بعدها. كان الرفض، وكان التحرُّك سريعا، تتحكم فيه أكثر من عاصمة، وتتعاطى معه أكثر من قوة، بمن فيها الكيان.

رئيس وزراء الكيان، الذي عادة ما يسارع لينسب إلى نفسه ما ليس له، سارع ليهدِّد الأسد، قبل يومين من بدء العملية باتجاه حلب، وكأنه كان هو من يملك مفتاحها وأنه هو حكم المقابلة الذي صفَّر لنهاية المقابلة، مع أنه لم يكن على علم بذلك إلا من خلال قنوات التجسُّس مع الولايات المتحدة وداعميها على الأرض من “قوات سورية الديمقراطية” وفصائل أخرى علمانية، تعمل على تأسيس دولة كردية داخل فضاء جيوسياسي كبير: إيران، تركيا، سوية والعراق، ما يسمح لها بموطئ قدم قادم لها وللغرب جميعا وأمريكا خصوصا.

الكيان الصهيوني، لا يبدو مرتاحا لما حدث، وإن كان منتشيا لسقوط نظام بشار، لأن هذا سيمنع سورية بالنسبة له من أن تكون منطقة عبور للأسلحة والعتاد لحزب الله من إيران إلى لبنان، وأنه لا يريد أن يرى سورية بلدا موحَّدا قويا على حدوده. لهذا، سارع ليقصف مواقع عسكرية في العاصمة دمشق في خضمِّ الأحداث، التي بدت إلى حد الآن سلمية ومنضبطة إلى حد ما. كما سارع إلى احتلال المنطقة العازلة في الجولان المحتل: الكيان يتصرَّف دائما بلا أخلاق كحيوان الضبع: يأكل الجيفة. في عزّ الفوضى، ينهش الكيان الخصم ويلهث وراء مطامح ترابية ليتسنَّى له التفاوض بشروط على الانسحاب منها فيما بعد، مقابل مواقف وتطبيع: حسابات خاطئة أخرى للكيان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!