“من كان بيته من زجاج فلا يرمي الآخرين بالحجارة”

في موقف مثير للسخرية، أقدم الوزير المغربي السابق والسيناتور الحالي، لحسن حداد، على مهاجمة الجزائر بسبب إيقافها الكاتب ، بوعلام صنصال، واصفة نظامها بـ “الديكتاتوري”، في مشهد مضحك مبك، يوحي من منظوره، بأن المملكة المغربية واحة غنّاء لحرية التعبير والديمقراطية وحقوق الإنسان.
ونشر السيناتور المغربي، المعروف بقربه من النظام العلوي، تغريدة على حسابه في منصة “إكس”، يتضامن فيها مع الكاتب الفرنسي، الذي خان وطنه وشعبه في نظر الغالبية الساحقة للجزائريين، معتبرا ما حصل “هجوما على حرية التعبير في الجزائر”، على حد زعمه.
لحسن حداد الذي يقدم نفسه على أنه رئيس للجنة المختلطة البرلمانية المغربية الأوروبية، استفاق على “غياب حرية التعبير في الجزائر”، وكأن النظام المغربي الذي يعمل عنده “خماسا”، ينافس الدول الأسكندنافية في الحرية والديمقراطية، وهو الغارق في ظلام نظام ملكي ثيوقراطي موروث من القرون الوسطى، لا يوجد مثله على الأرض، كل السلطات مركزة بيد شخص مريض غائب عن المغرب، منحرف في كل شيء حتى في لباسه.
قبل أيام قلائل سئلت نائب فرنسي، هي ماتيلد بانو، عن موقفها من إيقاف الكاتب بوعلام صنصال، الذي يحمل الجنسية ذاتها التي تحملها بانو، فلم تنساق وراء الإجابات المعلبة على شاكلة تلك التي عبر عنها السيناتور المغربي المهووس بالجزائر، فردت بوعي كبير دون أن تهاجم الجزائر، بل هاجمت بلادها فرنسا، التي قالت إنها تحتفظ بسجناء سياسيين من كاليدونيا الجديدة في “الميتروبول” على بعد 17 ألف كلم من وطنه.
ولم تتوقف ماتيلد بانو عند ذلك، بل خاطبت الصحفي بكل تجرد ومسؤولية، قائلة إنه يتعين على كل واحد أن ينظف باب مسكنه قبل أن يتهجم على الآخرين. هذا بالنسبة لفرنسا، التي لا يمكن مقارنة نظامها بالنظام العلوي في الرباط، والذي لا أوجه للمقارنة بينهما، على الأقل فيما يتعلق بمعاملة البلدين لشعبيهما في مسائل الحرية وحقوق الإنسان.
في المملكة المغربية حيث يعمل لحسن حداد لصالح نظام ملكي لم يعد له وصف في الوقت الراهن، يقبع عميد الحقوقيين المغربيين خلف جدران السجن بعد ما يناهز السنة والنصف، وهو العجوز الذي يتجاوز سنه الثمانين من عمره، لمجرد أنه أدلى بتصريح سياسي يردده جميع المغاربة، بمن فيهم لحسن حداد، الذي قد لا يتجرأ على قول ذلك علنا خوفا من البطش به، ولكنه يردده في قرارة نفسه.
لقد قال محمد زيان بكل أدب ومسؤولية: “إذا كان الملك محمد السادس، يريد أن يعيش حياته وأنه مل من لعب دوره كملك، يتعين عليه أن يتخلى عن المنصب لابنه أو لغيره، ويمكنه بعد ذلك فعل ما يحلو له”، وكان ذك عندما غاب الملك المغربي عن بلاده لمدة قاربت الستة أشهر قبل أزيد من سنة، متنقلا بين قصره قرب العاصمة الفرنسية باريس، ومنتجعاته في الغابون وزنجبار في جمهورية تنزاينا، فتم إيداعه السجن وحكم على المحامي والحقوقي الثمانيني بالسجن خمس سنوات في قضية ملفقة، في انتظار قضايا أخرى.
ولم يحرك لحسن حداد ساكنا على سجن عجوز في الثمانينيات، كما لم يتجرأ على قول كلمة واحد بخصوص سجن الصفيين توفيق بوعشرين ومحمد الراضي وسليمان الريسوني 15 و6 وخمس سنوات على التوالي، كما أصابه البكم وهو يقف على إدانة الناشطين من أجل الحرية، ناصر الزفزافي وأصدقائه، بعقوبات سجن وصلت عقدين من الزمن، لمجرد أنهم انتفضوا ضد سحق بائع السمك، محسن فكري، في شاحنة زبالة أمام أنظار الجميع، بينما كان يسعى لتوفير حاجيات عائلة الفقيرة.
يقول المثل العربي السائر: “من كان بيته من زجاج فلا يرمي الآخرين بالحجارة”. لا شك أن السيناتور المغربي لحسن حداد، وهو الأستاذ الجامعي، يدرك جيدا مدلول هذا المثل جيدا. فعلى من تضحك أيها السيناتور؟ قليلا من الحياء حفظا لسمعتك.