-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من يزيد الطين “بلة”؟

عمار يزلي
  • 1822
  • 1
من يزيد الطين “بلة”؟

لم تعد الأمطار عندنا “رحمة ربي” فرحمته، صارت تحارَب بكل السبل، أيام قليلة كانت كافية لكشف سوءات الجماعات “المحلية” (بسكّر زيادة) حتى إننا صرنا نتطيَّر من أهواء “الأنواء” وما تحمله من خير للناس، حوَّله المسؤولون عن التسيير والعمران والحُفر والتحفير وتشريع الشوارع وتحفير الطرقات وتقزيز الأزقة و”ترفيص” الأرصفة، إلى نقمة.. رؤساء البلديات والولاة والوزارات، أكيد أنهم هم أحرص الناس على حياة شعب بدون مطر. الأمطار عندنا، صارت هي المراقِب للأشغال العمومية، المطر والثلج والريح والعواصف على قلتها، هي من صارت تقوم بدور الرقابة على الإنجازات المغشوشة والمشاريع المرشوشة، والبناءات المهشوشة، ولولا المطر لما تفطن الشعب إلى نهب الأموال في مشاريع “فالصو”، لم نكن نعلم أننا عندما نخط شارعا في الصيف إنما لنحوِّله إلى نهر في الشتاء، الشوارع تتحول إلى أنهار عندما تتساقط الأمطار: تقطع الطرقات، تتوقف الحافلات والطرامات والسيارات!

في وهران، دائرة السانيا التي يعبرها الطرام وحده، تحوّل طريق الطرام لعدة كيلومترات إلى وداي، الطرام توقف طبعا، لأن المسؤولين نسوا أن يكيِّفوا الطرام عندنا، ليتحول بعد سقوط الأمطار إلى “فلك مشحون”، إلى طرام برمائي، باطو، عبارة، بينيش..! لأن السكة الحديدية بالفعل تحولت إلى قناة “تشويش”، لم نكن نعلم أننا فتحنا قنوات السويس وبناما عندنا، نفتح القنوات التلفزيونية فنفتح أفواهنا! مستشفى في معسكر اضطر المسؤولون إلى إخراج مرضاه في قوارب! عندما تسقط الأمطار ليوم وليلة، علينا أن نعلن حالة الطوارئ، رجال الإطفاء والنجدة المساكين يشتغلون في شفط مياه الأمطار بالأنابيب والمحركات، لأن الأميار والولاة لم يتفطنوا لكيفية صرف المياه، فحوَّلوا الطرقات إلى برك مياه، قاطعة للطرقات مانعة الناس من التنقل والدراسة والعمل.. أي همٍّ هذا؟ مع ذلك لو تسأل أي مسؤول، يقول لك “خاطيني”، مع أن الأموال التي صرفت لا تقدر بقِدْر، العيب عندهم ليس في الأرض، بل في السماء، ولو وجدوا سبيلاً لمنعوا الناس من صلاة الاستسقاء، بل لأمروا بصلاة الاستنشاف! 

نمتُ على هذا “التكرفيس” الذي يحصل لنا مع كل قطرة من رحمة الله، لأجد نفسي أحضر اجتماعا محليا: الوالي، رؤساء الدوائر، الأميار، المديرون، مسؤولو الأشغال العمومية، من ليس له شغل غير الهدرة، المشغولون بجمع المال والشكارة والانتخابات والأحزاب وكثرة الحساب لصالح الجيب والأحباب: تعرفون ماذا قال لهم أحدهم؟ قال لهم: “هذوا جماعة الأحمدية أولاد الحرام صلاوْ صلاة الاستسقاء نتاعهم، بطرقهم غير شرعية غير إسلامية! صلاة الاستسقاء نتاع الإسلام، نتاع الصح، نتاعنا يابن عمي ما تديرش بعدة قاع هكذا! آآه راها دارت الرافاج، يخصنا نديروا لها حل!” واحد ردّ عليه: “نمنع صلاة الاستسقاء ولو بقي الجفاف 10 سنوات، أو نطلب صلاة الاستسقاء فقط في مساجد الريف والبادية، في المدن، نطلب صلاة الاستنشاف والاسجفاف”! رد عليهم مير: “هذا الأحمدية نتاع شكوبي، يخصنا نحاكموهم بتهم الخيانة العظمى والمساس باستقرار وأمن البلد والتخريب والفساد! هذا فساد “دوبل فصاد”! هذا المصيبة نتاع الأحمدية، داعش وما دارش هذا الخدمة”! 

الوالي بقي ساكتا قبل أن يقرر في الأخير: قررنا أن نمنع فصل الشتاء عندنا، ولابد من قانون برلماني ومرسوم تنفيذي يقضي بأن فصول السنة في الجزائر هي ثلاثة فقط، أي اثنان: الربيع والصيف، وهذا القانون يجب أن يضمنه تعديلٌ دستوري باش حتى واحد ما يزايد علينا.

وأفيق وأنا أبكي من الضحك من الهمّ!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • هههههه

    هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه....انت وحدك يا عمار....شر البلية ما يقرقرك من الضحك