مهند .. “رمية” معلم
منذ بداية العدوان “العالمي”، على غزة، والأمل في نقل المعركة، بعيدا، هناك، في الشتات وفي الضفة الغربية والقدس، يراود أصحاب القضية، ليس لفك الحصار عن أبناء المقاومة والشعب الغزاوي، وإنما لتضييق الخناق على الصهاينة، الذين حاولوا اختصار فلسطين في غزة، ومن يسمونهم بالـ “الإرهابيين” في أبناء القسام وكتائب الأقصى. وكان لا بد من انتظار قرابة سنة، حتى يشتد ساعد فلسطينيي الضفة الغربية، فتصيب رمياتهم، كما أصابت رميات أبناء غزة، في السابع من أكتوبر، وما تلاه من أيام وشهور.
ما حدث صباح الأحد في الجليل، عندما تمكن بطل من أبطال المقاومة من القضاء على ثلاثة عسكريين صهاينة، هو إعلان عن بداية المقاومة الفدائية التي هي علامة فلسطينية خالصة وعريقة، في كامل الأرض المحتلة، وكانت لها شرارات في القدس وحيفا، وستكون لها مثيلات في الأيام القادمة، وقد تتحول إلى ثورة عارمة، تعمّ فلسطين، وتصبح الحرب الفلسطينية الإسرائيلية حقيقة، ولأول مرة بهذا المسمى، منذ نكبة 1948، بعد أن كانت وبقيت حربا عربية إسرائيلية.
تمكن الشهيد مهند ابن الخليل، من نحر ثلاثة صهاينة مسلحين بما قدمته التكنولوجيا الحديثة من نار وحديد وواقيات حماية من غضب الثوار.
هم كانوا يظنون أن تواجدهم في بلدة من بلدات الضفة الغربية، أشبه بتواجدهم في تل أبيب، فشدّد الشهيد مهند الخناق على الجيش الصهيوني، الذي تعوّد على إنهاء حروبه في بضعة أيام، وقد ناهز في حربه الحالية على غزة في مواجهة أبناء فلسطين، السنة وقد تتحول ربما سنوات، بعد أن بعثر مهند الأوراق على كل الخارطة.
انضم مهند لعشرات الآلاف من المرتقين، ولكنه تميّز عنهم، بتمكنه من رقاب الصهاينة، في المكان الأمثل الذي يمثل عقدة أزلية بالنسبة لليهود بتاريخ الخليل، والتوقيت الأفضل، بعد أن بيعت القضية في مفاوضات من دون طائل، يديرها الجلاد، ليعيد مهند للخليل صفته الأولى والأبدية، وهي بلاد الشهداء.
نجح الشهيد مهند العسود في نقل الرعب إلى الطرف الصهيوني، وبعث الطمأنينة في قلوب أبناء المقاومة، وأفهم العالم بأسره بأن الذين حاولوا جعل الحرب ما بين أبناء غزة والجيش الإسرائيلي، فقط، إنما هم مخطئون، بعد أن ذاق الصهاينة بعضا من “جحيمهم”، في الخليل، وسيذوقون، ما تبقى في نابلس والقدس وبقية الأرض الفلسطينية.
ما حدث أمس الإثنين، من مظاهرات مليونية، أحرجت الصهاينة أمام العالم، وإضراب عام، زاد القتامة على سواد الاقتصاد الصهيوني المبني على عبادة الشيكل والدولار، هو آخر محاولات المؤمنين بالكيان، للخروج من الحرب، بأقل الأضرار، بعد أن جسّد السنوار ورجاله، ومهند ورفاقه حقيقة الحرب الوجودية التي تأكد خلالها ثوار فلسطين، وجلادي الكيان، بأن أرض الخليل إبراهيم والأنبياء، لن تسع الأمتين، وإنما أمة واحدة، وستكون الأمة الفلسطينية بحول الله، بعد كل هذه البطولات والتضحيات.