موسمٌ كروي للنسيان

انتهى الموسم الكروي 2024-2025 بتتويج فريق مولودية الجزائر للموسم الثاني على التوالي بلقب البطولة الوطنية، وسيشارك رفقة شبيبة القبائل الذي احتل المرتبة الثانية بعد سنوات عجاف في منافسة رابطة أبطال إفريقيا، في حين سيمثل الجزائر في كأس “الكاف” شباب بلوزداد الذي تراجع مستواه كثيرا هذا الموسم، واتحاد العاصمة باعتباره منشط نهائي كأس الجزائر.
بطولة هذا الموسم تعدّ بحسب العديد من النقاد والمحللّين موسما للنسيان، أوَّلا بسبب تدني مستوى أغلب الأندية التي لم تتمكَّن من منح تشكيلة الناخب الوطني بيتكوفيتش سوى لاعبين احتياطيين فقط، وهما مدافع الشبيبة مداني وحارس اتحاد العاصمة بن بوط. وحتى مدرِّبُ المحليين، مجيد بوقرة، وجد صعوبة كبيرة في إيجاد تشكيلة ينافس بها على كأس إفريقيا للّاعبين المحليين، المقررة أوت القادم بأوغندا وكينيا وتنزانيا، وكأس العرب التي ستجرى بقطر نهاية السنة، وهذا رغم الإمكانات المادية الكبيرة التي مُنحت للفرق من طرف الدولة الجزائرية عبر شركات وطنية تصرف الملايير سنويا من دون حسيب ولا رقيب.. فالأجور الشهرية الضخمة التي تُمنح للاعبين لا يتقبّلها العقل ولا المنطق، بدليل أنها تجاوزت أكثر من مليار سنتيم، وهو ما أجبر الاتحاد الجزائري الذي اجتمع مؤخرا بمسؤولي الأندية من أجل تسقيف الأجور وفق قوانين وعقود مدروسة، وهو الأمر لم يعجب اللاعبين وبعض المسيرين الذين يفكرون في حيّل غير قانونية للبقاء في سياسة التسيّب الذي عاشته كرتنا في السنوات الأخيرة.
غير أن الذي حدث في لقاء الجولة الأخيرة من البطولة المحترفة بين مولودية الجزائر وضيفه نجم مقرة خلّف صدمة كبيرة، بعدما راح ضحيته ثلاثة مناصرين- رحمة الله عليهم وعجّل بشفاء المصابين- وهو ما أفسد أفراح عميد الأندية الجزائرية، وجعل الجميع يدقُّ ناقوس الخطر في ظل ما يحدث في ملاعبنا.. وقد نُصِّبت لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث الأليم وتحديد جوانب القصور والمسؤوليات، مع تقديم تقريرها في أقرب الآجال. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح اليوم هو: إلى متى تبقى التعليمات والقرارات تُضرب عرض الحائط؟ ومتى نحاسب من كان وراء الأحداث المأساوية التي تقع في ملاعبنا؟ في أقل من سنة على وفاة مناصر للمولودية بملعب الدويرة في مباراة مولودية الجزائر والاتحاد المنستيري التونسي، في إطار الدور التمهيدي لرابطة الأبطال الإفريقية، هاهو حادثٌ آخر يودي بحياة ثلاثة مناصرين وخلّف مصابين عديدين.
علينا اليوم أن نعاقب من تسبَّب في مأساة ملعب 5 جويلية بإهماله وتسيّبه.. هذا الملعب الذي من المفترض أن يُغلق لترميمه بطريقة حديثة، فمنذ سنة 1972 تاريخ فتح أبوابه لا يزال يحتضن أهمّ الأحداث الرياضية المحلية والدولية، وهو يحتاج إلى صيانة دقيقة وفق المعايير القانونية.
نتائج لجنة التحقيق التي نصِّبت في الساعات الأخيرة ستحدِّد من دون أدنى شك مواطن الخلل، سواء على مستوى البنية التحتية أم التدابير التنظيمية، مع تقديم تقرير مفصَّل إلى الجهات العليا قصد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ومنع تكرار مثل هذه المآسي مستقبلا.