موظّفون.. العمل في رمضان عبادة مؤجلة!

تحضر فئة من الموظفين للخروج في عطلة استثنائية، تزامنا مع شهر رمضان الفضيل، إما بتأخير عطل سابقة لم يستنفدوها، أو بإيداع عطل مرضية، قصد قضاء رمضان مع العائلة، والتفرغ للصيام، وهروبا مما يصاحب الصيام من تعب وإرهاق يدفع بالكثير إلى هجر مناصب عملهم.
“الشروق”، التقت بالعديد من الموظفين، الذين يفضلون الراحة وأخذ عطلة في رمضان. ولكل مبرراته وأسبابه في ذلك..
إبراهيم، موظف بإدارة محلية بوهران، كشف لنا أنه معتاد على صيام النصف الأول من رمضان مع العائلة، وقطع العلاقة مع العمل، قائلا: “تعب رمضان وقدسيته تدفعني إلى قطع علاقتي مع العمل. إنه شهر الصيام والعبادة.. وأتفرغ فيه للعائلة، كما أن عملي مُتعب وأعاني فيه من الضغط والقلق”. وبخصوص كيفية استفادته من تلك العطلة، يقول إنه يحرم نفسه من الكثير من العطل، حتى الرسمية، ويعمل بجهد مضاعف شهرا قبل رمضان، حتى يعوضها خلال الأيام الأولى من الشهر.
“حرمت نفسي من تعويض المداومات من أجل رمضان”
أما خديجة، وهي موظفة بأحد المستشفيات بوهران، فتقول إنها حرمت نفسها من أيام الراحة تعويضا على المداومات الليلية، باتفاق مع إدارتها، على أن تستفيد من عطلة بعدد أيام الراحة التي لم تستفد منها، “سآخذها في رمضان.. رمضان لعائلتي وأولادي” تقول، مضيفة بأنها كربّة بيت لا يمكنها أن تتحمل العمل في رمضان مع ما يقتضيه الشهر من ترتيبات وأشغال في البيت”، كاشفة أن هناك اتفاقا ضمنيا في محيط عملها مع الإدارة على تفهم وضع المرأة العاملة.
.. وآخرون يحضّرون لإيداع عطل مرضية
وبطريقة أخرى للهروب من ضغط العمل خلال شهر رمضان الفضيل، يلجأ العديد من الموظّفين إلى إيداع عطل مرضيّة، وهو ما صرّح به أحد عمال قطاع البريد، كاشفا أنه يفعل ذلك مع كل بداية لشهر رمضان، قائلا: “أنا مريض فعلا.. وأعاني خلال أيام الصيام الأولى ولا أستطيع تحمل ضغط العمل، لذلك أودع عطلة مرضية ولا ألتحق بالعمل حتى أتعود على الصيام”. موظفة أخرى بقطاع التعليم، كشفت أنها ستفعل ذلك خلال هذه السنة، لكون رمضان لن يتزامن مع العطلة مثل السنوات الماضية، مصرّحة بأنّ تعب الصيام والعمل في القسم سيمنعانها من رعاية شؤون أسرتها. بينما كشفت موظفة أخرى من القطاع ذاته، أنه لا مبرر لتلك العطل، خاصة وأن الحجم الساعي للعمل وخاصة في التعليم سيتقلص خلال رمضان، بما يسمح لها بالعمل وأداء مهامها في البيت.
“رمضان شهر العمل والعبادة وليس الكسل والنوم”
موظفون آخرون، تحدثت معهم “الشروق”، لسبر آرائهم، استهجنوا ذلك السلوك، معتبرين إياه تهربا من العمل وجنوحا نحو الكسل والخمول، وهو ما عبر عنه “محمد”، موظف بشركة خاصة قائلا: “للأسف كثيرون يحولون شهر الصيام والعمل إلى شهر للنوم”، مضيفا أنه لا مبرر لذلك التعب. وفي السياق ذاته، استدل “مصطفى” على فتوحات المسلمين وإنجازاتهم الكبرى التي كانت في شهر رمضان، موضحا أن نمط حياة الكثيرين خلال الشهر الفضيل يدفعهم إلى الكسل، بسبب السهر والإفراط في الأكل. أما “عبد القادر”، وهو موظف بقطاع الشؤون الدينية، فيقول إن النشاط والعمل الدؤوب يجعله لا يعاني من تعب الصيام، قائلا: “عملي يحتم علي النوم بانتظام والاستيقاظ مبكرا وأداء عملي طوال النهار.”
ارتفاع عدد العطل المرضيّة خلال رمضان
وفي هذا السياق، كشف مصدر من صندوق الضمان الاجتماعي بوكالة وهران، أنه يتم تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد العطل المرضية المودعة مع شهر رمضان، وهو أمر صار ملحوظا ومُعتادا عليه، مضيفا بأنّ بعض تلك الحالات هي لمرضى فعلا يحتّم عليهم الصّيام الخروج في عطل لكونهم لا يستطيعون مزاولة عملهم، ورغبة منهم في الصيام، يقومون بإيداع عطل مرضيّة، أمّا حالات أخرى، فهي مجرّد تمويه، وكثيرا ما تفتقد مبرّرات صحّيّة تستلزم خروج المعنيّ في عطلة مرضيّة.
عطلة مرضية بلا مرض لا تجوز شرعا
وبخصوص التّحايل في الحصول على تلك العطل المرضيّة، يقول الشيخ “زهير عبّاس”، وهو إمام بمسجد الإيمان في السانيا بوهران، بأنّ أخذ إجازة مرضية بلا مرض هو أمر لا يجوز شرعا، لأنه احتيال على نظام العمل، والله تعالى يقول: “يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل”، وقوله صلى الله عليهسلم : “من غشنا فليس منا”، وأضاف الشيخ زهير عباس أن “ذلك يكون بالتعاون مع الطبيب، وهذا كذب وشهادة زور منافية لشرف المهنة، والكذب من صفات النفاق، وهو يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، وشهادة الزور حذر منها نبينا- صلى الله عليه وسلم-، حتى إنه كان متكئا فجلس وهو يحذر من شهادة الزور”.
وعن ركون الكثيرين للرّاحة والنوم خلال هذا الشهر، أضاف: “ليس من مقاصد الصوم الخلود إلى النوم طيلة نهار رمضان، وإنما الواجب على المسلم إعمار يومه بذكر الله تعالى، خاصة بقراءة القرآن الكريم الذي جُعل فيه الأجر العظيم”..