-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

موعظةٌ عربية لفرنسا!

حسين لقرع
  • 1514
  • 5
موعظةٌ عربية لفرنسا!

صدّقوا أو لا تصدّقوا.. البرلمانُ العربي التابع لجامعة العار العربية والذي يمثل الأنظمة الاستبدادية القمعية العربية أكثر مما يمثل شعوبها، يجتمع في القاهرة ويُصدِر بيانا ينتقد فيه لجوء الشرطة الفرنسية إلى “القمع غير المبرَّر” للمتظاهرين، و”اللجوء المفرَط إلى القوة” ويدعو فرنسا إلى “احترام حق مواطنيها في التظاهر وضمان حرية التعبير بفرنسا وكفالة حق الاحتجاج السلمي”، و”احترام حقوق الإنسان والحريات العامة وكرامة المواطنين وضمان سلامة المحتجين السلميين”!
لو صدر هذا البيانُ الناري من برلمان أيّ دولة ديمقراطية غربية لكان أمرا عاديا؛ فقد عوّدتنا هذه الدول على ديمقراطيتها وتوفيرها مناخا مثاليا لمواطنيها لممارسة حرياتهم الجماعية والفردية، ومنها الحق في التظاهر السلمي في أي وقت يشاءون واحتجاجا على أيّ سياسة أو قرار حكومي، من دون أن يخشوا يوما أن تقابلهم شرطة بلدانهم بالهراوات والقمع، وحتى فرنسا لم تلجأ إلى القمع إلا بعد اندلاع أعمال تخريبٍ واسعة للممتلكات العامة والخاصة.. أما أن يصدر هذا البيان من برلمان يمثل الدول العربية المعروفة عالميا باستبدادها وقهرها لشعوبها ومصادرة حريات مواطنيها الجماعية والفردية، فذلك هو العجب العجاب.
في مصر، قابلت قواتُ الأمن يوم 14 أوت 2013 المتظاهرين سلميا بميدانيْ رابعة والنهضة بالرصاص الحي وقتلت أزيد من 3 آلاف متظاهر أعزل بدم بارد في يوم واحد وأحرقت جثث بعضهم وجرفتها بالجرافات.. وتحرّك العالم كله وندّد بالمذبحة الوحشية، لكن البرلمان العربي الهُمام لزم صمت الأموات ولم يرَ في هذه الجريمة ضد الإنسانية ما يستحق التنديد.. كما اعتقِلَ عشراتُ الآلاف من المتظاهرين سلميا وتعرّض بعضُهم للتعذيب حتى الموت داخل السجون، ولم ير البرلمان العربي في ذلك أي انتهاك لحقوق الإنسان.. وفي دول الخليج تُمنع المظاهراتُ تماما وتُعدّ من الكبائر السياسية التي تقود “مرتكبيها” إلى السجن سنوات طويلة، وبلا محاكمة في الكثير من الحالات، كما يعدّها فقهاءُ السلطان هناك كبيرة دينية و”خروجا على أولي الأمر”.. وفي الجزائر تُمنع المظاهراتُ تماما في عاصمة البلاد منذ 14 جوان 2001، وكل من حاول الخروج عن هذا الحظر غير الدستوري، يتعرّض لهراوات الشرطة ومطاردتِها وللاعتقال ولو ساعات معدودة، كما تغلق ولايةٌ كبرى بحجم قسنطينة ساحة عمومية بشاحنات القمامة لمنع مظاهرة سلمية لناشطين سياسيين.. ومع ذلك لا يدعو البرلمان العربي هذه الدول إلى كفالة حق مواطنيها في التظاهر السلمي وضمان سلامتهم!
وضعُ حقوق الإنسان والحريات في الوطن العربي، باستثناء دول قليلة، يندى له الجبين، فهي من بين أسوإ دول العالم في سجلّ حقوق الإنسان وانتهاك حقوق مواطنيها وكرامتهم، مع التفاوت من بلدٍ عربي إلى آخر.. لذلك، فإن البرلمان العربي المدجّن هو آخرُ من يحقّ له الحديث عما يدور في فرنسا منذ خمسة أسابيع بين الأمن و”السترات الصفراء”، حتى لا يبدو كالفاجرة التي تقدّم موعظة عن الشرف والعفّة، والمزوِّر الذي يتبجّح بالنزاهة والشفافية، والسارق الفاسد الذي يروِّج لنظافة اليد !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • جزائري حر

    يقولون فاقد الشيئ لا يعطيه ثم من قال لك أن أنهم عرب . عليك بالبحث في أصلوهم أما إدا كنت تعلم وتلعبها فيها ماعلابالكش فانت مجنون مثلهم لأن هؤلاء القوم يؤمنون بالمثل القائل: ألعبها مهبول تشبع لكسور.

  • صالح بوقدير

    أن يأتي القمع للحريات من مستبد فذلك ديدنه وطبعه ومصدر وجوده إنما الغريب والغير مقبول تماما أن يصدر القمع للحريات من يدعي أن الديموقراطية نبتت عنده وأن حقوق الانسان مكفولة لديه بما فيها حق التظاهر والمسيرات والاعتصامات السلمية للمطالبة بحقوق أهدرها من ولوه أمرهم ويستنسخ ماكان ينكره على الانظمة الشمولية والمستبدين ويبعث بخلاياه وسط المتظاهرين ليحدثواخرابا ويزهقوا أرواحاليلبس على الرأي العام الامر ويشوه المظاهرات السلمية لتبرير قمعها وإنهائها فحذار ياعبد الناصر من تبرير غير المبرر تحت أي ذريعة كانت فإذا أردت أن تنتقد الجامعة العربية فلك ذلك ولكن ليس على حساب الحقيقة ولاوجه للمقارنة,فنعم الموعظة.

  • شاوي

    تبسيط للمقال
    دعا وطالب العرب القائمين على تعريب الأمازيغ و تغيير هويتهم وسلوكهم و... فرنسا إلى إحترام حقوق المواطن
    القاتلين لبعضهم أكدو هذا في إجتماع لهم
    القاتلين لأولادهم إن تكلموا الأمازيغية قرروا الضغط على فرنسا الرئاسة والحكومة إلى تجنب إستعمال العنف نحو السترات الصفراء
    المنبطحون لمغتصيبيهم يعطون دروسا لأروبا في مجال حق المواطن في التعبير عن رأيه
    نتمنى من العرب أو أحفادهم بشمال إفريقيا أن يفسرو ويوضحو للشعوب الأخرى مقاصد موعظتهم

  • عبد النور

    "وحتى فرنسا لم تلجأ إلى القمع إلا بعد اندلاع أعمال تخريبٍ واسعة للممتلكات العامة والخاصة.."
    لايا سيدي الكريم ، فرنسا لجأت إلى إرسال بلطجيتها (Agents Provocateurs) للحرق والتخريب وسط المظاهرات السلمية لتبرير القمع والضرب والإعتداء وإيقاف المسيرات ..هناك ثلاث قتلى والعشرات من الجرحى ..على أقل تقدير.
    المظاهرات في الغرب لم تكن أبدا ضد من يحكم حقيقة ، أما التظاهر ضد الواجهة فلايضر ، أما هذه الأيام فالأمر بدأ بالإختلاف ..
    المظاهرات في الدول العربية ، زامنها تمويل وتدخل أجنبي غربي متعدد الأطراف وحتى إرسال خبراء ومرتزقة قتلوا من كلا الطرفين ...وكلا الطرفين كانا على خطأ ، فكلاهما محرك لامتحرك.

  • Samir

    شكرا لك، احسن مقال قرأته ورد في المستوى.