مُصنّعون “يحتالون” في الأوزان والأسعار

فقدت الكثير من المنتجات المحلية أحجامها التي تعوّدنا عليها، وصارت أشكالها أصغر وأوزانها أقلّ، وهي ظاهرة انتبه لها المواطنون مؤخرا، فمن عُلب الحلويات الجافة و”القوفريط” إلى حبات الحلوى و”العلك”، وصولا إلى حجم الخبزة ومواد التنظيف، وبعض الأجبان.. جميعها باتت بأحجام أصغر ولكن بأسعار مستقرة، فالمُنتج أنقص من وزنها وأبقى على سعرها الأوّل، وهي حسب المختصين ظاهرة غير منطقية، وتدخل في “التحايل”..
انتبه مواطنون خلال الفترة الأخيرة إلى أنّ أحجاما كثير من المنتجات باتت أصغر من السابق، على غير العادة، كما أن قارورات السوائل من عصائر وسوائل التنظيف والمياه، لم تعد مملوءة تماما.
وفي هذا الصدد، أكّد لنا مواطن من العاصمة، أنه اشترى مؤخرا نوعا من الحلويات المعروفة منذ زمان، وكان كلما يفتح حبة حلوى يتفاجأ لحجمها الصغير جدّا، في البداية ظن بأن المُنتِج ربما صنع حبة بالحجم الصغير خطأ، ليكتشف أن الـ10 حبات التي فتحها جميعها ذات حجم صغير، وعندما استفسر الأمر من صاحب محل لبيع المواد الغذائية، أخبره بأنّ هذا النوع من الحلوى بات يأتيهم بهذه الأحجام الصغيرة، ولكن أسعارها لم تتغير، وقال بأنّ كثيرا من المنتجات الغذائية المُصنّعة محليا، باتت أحجامها أو أوزانها أقلّ من السابق.
منتجات بوزن 900 غ تباع بسعر 1 كلغ !
والأمر نفسه لاحظناه في أشكال الخبز، الذي بات “يصغر” سنة بعد أخرى. وفي بعض علامات مواد التنظيف، باتت تبيع علب 4 لتر بسعر 5 لتر..! وبعض المنتجات التي كانت تباع بوزن 1 كلغ، تهاوت أوزانها إلى 800غ و900غ، وبقيت بسعر 1 كلغ، من دون أن ينتبه الزبون. وهو ما يحتم علينا ضرورة الإطلاع على وسم أي منتج، لمعرفة وزنه الحقيقي، هذا في حال قام المنتج بكتابة الأوزان الحقيقية.
ويؤكد مواطنون أن علب الياوورت بدورها، لم تعد تملأ كاملة، فكثيرون اشتروا أنواعا من علامات معينة، ووجدوها مملوءة للنصف فقط.
كأس شاي تملأ للنصف فقط..!
وفي تعليق طريف لشاب، أكّد بأنه حتى عند شراء كأس شاي من الخارج، يعطيك بائعه كوبا مملوءا للمنتصف فقط “وأخشى أننا قريبا سنشتري الكأس فارغة” على حدّ قوله، وحسب العديد من المواطنين يبدو أنّ غلاء تكاليف الإنتاج، جعل المنتجين يلجأون لوسيلة تقليل الأوزان، حفاظا على هامش الربح. والسؤال المطروح، حسبهم، هل من القانوني أو الجائز إنقاص وزن أو حجم المنتج، مع الإبقاء على سعره السابق، ومن دون إعلام المستهلك؟
سجال: السّلوك مناف لأخلاقيات المنافسة التجارية
أكّد الخبير في التنمية الاقتصادية، عبد المجيد سجال في اتصال مع “الشروق”، بأن عديدا من المنتجات الغذائية وغيرها المصنعة محليا، لجأ منتجوها إلى “حيلة التقليص من الحجم والوزن، لعلمهم بأن المستهلك عادة لا يجادل في هذه التفاصيل.
وقال الخبير بأن الظاهرة لاحظناها في علب المصبرات ومواد التنظيف، وحتى في حجم الحلويات والمرطبات “الباتيسري”، وأنواع من “القوفريط”.
وأشار سجال، بأنّ الثغرة التي يستند إليها المصنّعون في هذا الأمر، هي عدم وجود مقياس لدى سلطة ضبط الإنتاج، لتحديد أحجام وأوزان مرجعية يلتزم بها المنتجون، لأن سلطة ضبط الإنتاج لا تتضمن ذلك في قوانينها، أما الأسعار “فهم أحرار في التنافس بينهم”.
ويرى المتحدث، بأنّ هذا السلوك يعتبر “منافيا لأخلاقيات المنافسة التجارية، ومثلا لاحظنا إنتاج علبة طماطم مصبّرة بوزن صاف يقدر بـ350 غ، لتنافس علبة 400غ بنفس حجم العلبة ونفس السّعر، لعلم المنتجين المسبق بأن أغلبية المستهلكين لا يطّلعون على وسم الوزن”.
وأكّد سجال، أنه في بعض الدول كتركيا مثلا، تفطنت مصالح حماية المستهلك لهذا الأمر أو الخدعة، واتخذت ضدها الإجراءات اللاّزمة. ويدعو سجال، لتدخل وزارة التجارة، ومراقبتها للمنتجات المصنعة محليا، خاصة من حيث الأوزان والأحجام.
زبدي: سلوكات “استغبائية” تضر المستهلك بهدف الربح
وبدوره اعتبر رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك “أبوس” مصطفى زبدي بأن ظاهرة انقاص أوزان منتجات غذائية محلية أصبحت “منتشرة ومتكررة مؤخرا”، مشيرا إلى أن بعض المتعاملين الاقتصاديين ومع غلاء تكاليف الإنتاج، يريدون الحفاظ على نفس سعر منتجاتهم، لكن مع إنقاص أوزانها، والاستفادة من هامش ربح وفير، وذلك تجنبا لخسائر مالية.
وقال محدثنا، بأن هذه الظاهرة لاحظناها مثلا في علب الصابون، والبسكويت، وبعض أنواع الشوكولاطة التي أنقص مصنعوها كمية المكسرات التي كانت موجودة بها سابقا مثلا أو تلاعبوا ببعض مكوناتها الأساسية ما جعل الذوق المعتاد والنوعية تتغير.
وكشف زبدي أنه لا يوجد قانون يعاقب مثل هذه السلوكيات التجارية، التي وصفها بالسلوكيات “الاستغبائية التي يلجا إليها أصحابها، متوهمين بأنّ المستهلك لن يلحظ الأمر”.
ويكمن الحل حسب رئيس منظمة “أبوس” في تعامل المستهلك “وبحزم” مع العلامات التجارية التي أنقصت الأوزان وحافظت على السعر نفسه.