-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نتفق كأفراد.. نختلف كمجتمع!

نتفق كأفراد.. نختلف كمجتمع!

على المستوى الفردي، كلنا نريد الإصلاح، نبحث عن الأحسن، نتطلع نحو الأفضل.. على المستوى الفردي، نرفض الإساءة إلى الجار، أو التلفظ بالكلام البذيء، أو عدم تربية أبنائنا على الخلق الحسن.. على المستوى الفردي، نتفق جميعنا على أنه علينا ألا نُلوِّث الطبيعة، ألا نرمي بالنفايات حيث كان، ألا نتطاول على حق الناس في العمل أو في الطريق أو في أي مستوى كان.. كلنا فُرادى نحب النظافة والنظام ونريد أن يسود القانون، ونرغب في العمل، ننتقد فوضى ركوبنا الحافلة أو الطائرة وعدم وقوفنا صفا منتظما للقيام بأي معاملة أمام الشباك..

على مستوى حديثنا اليومي، نمقت الغش والتزوير والخيانة ونفتخر بالقيم السامية ولا نتوقف عن الإشادة بغيرنا ممن يَتحلّون بها من جميع شعوب العالم، ونحب كأفراد أن نكون مثل اليابانيين وفضلا عن ذلك أن نبقى مسلمين..

في أعماقنا، نريد أن نكون أفضل ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان اليوم، بل نتطلع إلى ذلك ونأمل الحصول عليه، إلا أننا كجماعة، كمنظومة، كمجتمع، غير قادرين على أن نكون كذلك. غير قادرين على أن ننقل تطلعنا الفردي هذا إلى المستوى الجماعي، وأن نصوغ من خلاله المجتمع الذي نريد.. لماذا؟

لأننا لا نملك سياسات عامة بإمكانها تحويل تطلعاتنا الإيجابية على المستوى الفردي إلى نظام عام يسود المجتمع. ليست لدينا سياسة تربوية قائمة على أساس منظومة قيم واضحة تسعى إلى تكوين الناشئة وفق قواعد صحيحة. وليست لدينا مؤسسة دينية تقوم بهذا الدور ضمن منظور ثقافي وحضاري واضح. وعلى مستوى اتخاذ القرار، لا نمتلك نخبة لديها رؤية منسجمة تحمل مشروعا وطنيا متكاملا همُّه الأول والأخير تكوين الإنسان. كل ما لدينا هو سياسات متضاربة لمواجهة مشكلات يومية كثيرة التفاصيل، أو محاولات خفيَّة تقوم بها أطراف غير بريئة لمنعنا من أن نكون مجتمعا متجانسا تحكمه منظومة قيم واضحة المعالم.

لذلك، أصبحنا كأفراد نتصرف بالفطرة التي فطرنا الله تعالى عليها، أما كمجتمع، فكنتيجة للسياسات العامة الخاطئة التي فُرضت علينا فرضا. وعكس ما نُحب أن نكون عليه تماما.. 

هي إذن مشكلة أساسية نعيشها، وعلينا البحث عن حل لها خارج نطاق القضايا الفرعية التي كثيرا ما نعتبرها شغلنا الشاغل.

علينا أن نُدرك أننا لن نستطيع أن نصوغ مجتمعا بطريقة جديدة إذا ما واصلنا اعتبار المشكلات المادية هي الأصل حتى ولو صرفنا الملايير من الدولارات وانتظرنا قرنا بعد الآن، ولكننا نستطيع بتركيز جدِّي على نوعية السياسات العامة التي نعتمد، ونوعية النخبة التي تقررها وتنفذها، ونوعية القيم التي تحملها أن نبدأ في الانتقال، وفي المدى القريب إلى حالة من التطابق بين تطلعاتنا الفردية الفطرية، وواقع المجتمع الذي نعيش فيه.. وعندها فقط تكون البداية الصحيحة لاستعادة الأمل.. فهل نختار هذا الاتجاه؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • مسعود الطاهيري

    إذا لم نستثمر في الإنسان بطريقة صحيحة تربطه بدينه و تاريخه و عاداته و تقاليده فلن نتقدم خطوة واحدة الى الأمام ، و الآتي ربما يكون أخطر ـ ربي يجيب الخير

  • مقدار العدل

    كل شيئ له دور يلعبه في حياة الانسان سواء الجانب المعنوي او الجانب المادي
    الاصل في الاشياء هو النظام الذي ينظم هذه الاشياء
    الفكر البناء يتحقق بالمادة و المادة تتحقق بالفكر البناء
    هذا يشبه العلاقة الشاعرية التي تجمع بين القلب و العقل
    فيتحقق الانسان معنويا و ماديا +روحا و خلقيا + نفسا و جسديا
    كل هذا يتحقق بنظام مدروس تكون بدايته من الواقع الحصري
    فالواقع الحالي هو اصل المشكل فالواقع الحالي هو اصل الحل
    الماضي خبرة اليوم و اليوم هو الامس في الغد

  • بدون اسم

    حالنا اليوم كما وصفه بن نبي رحمه الله بقوله:"عندما يرتخي التوتر في خيوط "شبكة العلاقات الاجتماعية" فتصبح عاجزة عن القيام بالنشاط المشترك بصورة فعالة، فذلك أمارة على أن المجتمع مريض، و أنه ماض إلى نهايته."
    "و أما إذا تفككت الشبكة نهائيا فذلك إيذان بهلاك المجتمع، و حينئذ لا يبقى منه غير ذكرى مدفونة في كتب التاريخ." (ميلاد مجتمع، المرض الاجتماعي، ص 42).

  • franchise

    -هذا لأن الفرد يخضع لسلطة نفسه , اما المجتمع فيخضع لسلطة فافا, و العلمانيين الفرنكوش.

  • فوضيل

    عندما حصلت على تأشيرة لاستكمال دراستي في فرنسا، عشت هناك حوالي خمس سنوات كانت كلها مقارنات بين هؤلاء الناس وبين أبناء بلدي وأهلي ووطني، أول ما لفت نظري هو النظافة والعمران وكثرة البساتين والخضرة والزهور ورقي المشافي والخدمات الصحية والاجتماعية الكثيرة، لفت نظري التزامهم بالوقت بصورة كبيرة يقدسون العمل ويحترمون مواعيدهم ويقدسون الحياة، ولكن بعد عودتي لكي أخدم وطني ضاعت مني معظم القيم الرائعة التي كنت قد اكتسبتها، فلو أردت احترام الوقت وتقديس العمل فسوف تفعل ذلك وحدك مع الندرة القليلة التي تشبهك.

  • الطيب

    الشكر موصول إلى الأستاذ سليم على تطرقه لهذا الموضوع ..نحن في الجزائر كأفراد ــ و بعيدًا عن الانتفاخ و المبالغة في الوصف و المزايدة ــ و رغم ما نعانيه في واقعنا المرير و رغم نعتنا بالمتعصبين و " المتقلقين " و الفوضويين و.و... أقول نحن ذرات متفرقة و لكن كل ذرة فيها الخير الكبير الكثير و هو جوهرنا الذي يبقينا أقوياء رغم تفرقنا ! فكيف هي هذه القوة لو يتوفر لها المغناطيس الذي يجمعها في كيان واحد !؟ إنه أملنا الذي يوحدنا لنصنع من جزائر شهدائنا التحفة التي كانت حلمهم و لما لا !؟

  • يوسف

    لأننا خاضعون لفكر و نمط القبيلة ، الجهوية ، العرقية ، العائلية و كمان لا ننسى عقلية ( الدشرة ) .
    مازالت روح القبيلة و العرش و البطن الجهوي تسري في عروقنا مع الدم ، لم نتمسك بتعاليم الإسلام وهذا بعد مرور أكثر من (14) قرن ( إيمان مجوف داخلياً) . لم نتبع أثار الحضارة الأوروبية القديمة ( الرومان ) و لاالحضارة الحالية،من كلتا الحضارتين أخذنا منهما" القشور "و بقينا متمسكين ببداوتنا و تقاليدنا و مارسنا على بعضنا أسلوب الإقصاء و التهميش الممنهج و المشحون بثقافة روح القبيلة و العصبة كأفراد و كمجموعات..