نتنياهو سيتم توقيفه ويُحاكم عن جرائمه ويجب محاصرة الاحتلال قانونيا

يؤكد المتحدث باسم الفريق القانوني أمام الجنائية الدولية عبد المجيد مراري، أن توقيف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، مرتبط بمدى تعاون الدول الأعضاء في محكمة الجنايات الدولية وغير الأعضاء.
ويكشف مراري الذي يتولى منصب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “إفدي” الدولية لحقوق الإنسان، أن المعركة القانونية هي ما تخشاه اسرائيل، وذكر في هذا الحوار مع “الشروق” أنه تم رفع دعوى قضائية تشمل 15 مسؤولا إسرائيليا بينهم عسكريين وسياسيين.
ما قدرة الجنائية الدولية على ضبط وإحضار نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالنت، تطبيقا لأوامر الاعتقال الصادرة عنها؟
أعتقد أن الأمر مرتبط بمدى تعاون الدول الأعضاء في محكمة الجنايات الدولية، وأنا أتحدث عن الدول الأعضاء وتعاون الدول حتى غير الأعضاء، كما أقول دائما إن من سوء حظ إسرائيل أن كل حلفائها هم أعضاء في هذه المحكمة، فالدول الأوروبية عبرت عن رغبتها في تنفيذ أوامر الاعتقال.
ففي حال تنقل نتنياهو أو غالنت إلى هذه الدول يتم ضبطهما وإحضارهما إلى محكمة الجنايات الدولية، وبالتالي انطلاق إجراءات المحاكمة، وهذا مرتبط بتنقل وخروج نتنياهو وتحديه لمحكمة الجنايات الدولية بأن يأتي إلى الدول الأوروبية، حتى الدول الأوروبية التي لربما تتلكأ في تنفيذ الإجراءات كما قررته المحكمة، كفرنسا مثلا يمكن للقضاء الفرنسي أن يفاجئ العالم بأن يأمر باعتقال نتنياهو، لأن القضاء له موقف مخالف تماما للموقف الرسمي الفرنسي، لأن القضاء يخاطب القضاء.
لا ننسى أن محكمة الجنايات الدولية عند إصدار مذكرات التوقيف يتم عبر الوسيلة الدبلوماسية وهي تحدد بأن تلك المذكرات ينبغي أن توجه إلى وزارة العدل وعبرها إلى قضاة المحاكم.
فقضاة المحاكم ربما يضعون السياسيين في موقف حرج، خاصة وأن هنالك سوابق قضائية في عدد من الدول الأوروبية.
هل التاريخ سيعيد نفسه، يعني تجرى محاكمة كما جرت مع سلوبودان ميلوسوفيتش، تشارلز تايلور، أم أن الأوامر لا يمكن تنفيذها كما حصل مثلا مع بوتين وعمر البشير؟
بصدور هذه المذكرات مادامت تحقق شيئا تاريخيا وهو صدور هذه المذكرات التي لطالما انتظرناها ولطالما شكك فيها الآخرون، لكن يقيننا في العدالة الدولية ظل راسخا منذ البداية أنه منذ 2009 ونحن نسعى إلى مثل هذه القرارات التي تصدر من محكمة الجنايات الدولية.
فنحن لا نستبعد على الإطلاق أن تكون هنالك محاكمات تاريخية كما حصل مع ميلوزوفيتس وتايلور، فطبعا ندعو نتنياهو أن يتحدى قرار محكمة الجنايات الدولية هو ووزير دفاعه السابق غالنت، وأن يخرج إلى إحدى الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، باستثناء أمريكا وهي الحليف الإستراتيجي وليست عضوا في الجنائية الدولية، التي طبعا تتحدى المحكمة، بل تهددها بالقصف والاجتياح وغيرها من الأمور.
نحن لا نستبعد أنه إذا تجرأ نتنياهو وتنقل إلى خارج إسرائيل لا نستبعد تماما اعتقاله وإحضاره إلى المحكمة، وستكون سابقة تاريخية كبيرة جدا.
أوامر القتل والتدمير في حق المدنيين بغزة تصدر من القيادة السياسية، ويتم تنفيذها تسلسليا من رئيس الأركان إلى قادة الأجهزة ثم العسكريين، هل قانونا، يمكن توجيه الاتهام لهم لارتكاب جرائم حرب، خاصة وأن جيش الإسرائيلي طلب من العسكريين تفادي نشر جرائمهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟
توجهنا عبر الفريق القانوني بشكاية مماثلة على اعتبار أن القادة السياسيين يوجهون أوامر بالقتل وارتكاب المزيد من الفظاعات، وخاصة التي تدخل في إطار جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هذا يصعب من مأموريتهم في الدفاع عن أنفسهم عندما يقدمون أمام المحكمة.
نحن لم نقف هنا عند المذكرات الصادرة في حق نتنياهو وغالنت، ولكن نحن نطالب بإصدار مذكرات توقيف في حق هاليفي وسموتريش وبن غفير وغيرهم من الأسماء.
نحن تقدمنا بلائحة من الأسماء تشمل 15 اسما إلى محكمة الجنايات الدولية، تضم ضباطا سامين وشخصيات سياسية إسرائيلية.
بالتالي الكل متورط في هذه الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولم نكتف بالتحرك أمام الجنائية الدولية، ولكن هنالك تحركا على مستوى القضاء الدولي، هنالك دعوى أدخلت في فرنسا وعدد من الدول.
بالتالي محاصرة جيش الاحتلال ومحاصرة الحكومة الإسرائيلية قضائيا، هذا هو ديدن الفريق القانوني وباقي الزملاء المحامين في عدد من الدول الأوروبية والمناطق الأخرى.
إسرائيل تصف القرارات الصادرة بأنها تندرج تحت ما تسميه بمعاداة السامية، هل يعرقل هذا الادعاء تحرك الجنائية الدولية وغيرها من المسارات القضائية ضدها؟
كل من يخالف إسرائيل ويدين جرائمها في غزة فهو معاد للسامية، هذه تهمة سئمنا منها صراحة.
السيد الأمين العام للأمم المتحدة هو معاد للسامية عندما استعمل صلاحياته في تصنيف إسرائيل في قائمة العار أي القائمة السوداء للدول التي لا تحترم الأطفال ولا توفر لهم الحماية أثناء الصراعات المسلحة، محكمة العدل الدولية عندما أصدرت قراراتها وصفت بأنها معادية للسامية، يعني محكمة الجنايات الدولية معادية للسامية، المدعي العام بها معاد للسامية.
كل من يقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي ويفضح جرائمه وجريمة إبادته فهو معاد للسامية، هذه تهمة لا قيمة لها قانونا على اعتبار أنها أرادت أن توسعها بشكل كبير، ليس كل من يرفض الاحتلال وكل من يرفض الجرائم هو معاد للسامية.
هذا ليس هو التعريف القانوني، التعريف القانوني مختلف تماما عن ذلك، ولن نسقط في هذا الفخ طبعا.
ورغم صدور القرار قبل شهر تقريبا، لا تزال الجرائم تتواصل، بل بشكل افظع، نتحدث عن استهداف مباشر للمستشفيات ومراكز الإيواء والمدارس التي نزح إليها الآلاف، هل إسرائيل دولة فوق القانون؟
إسرائيل لا تكترث لا بقرارات مجلس الأمن ولا بقرارات القضاء الدولي، إسرائيل ضربت عرض الحائط قرارا سابقا صادرا عن مجلس الأمن بوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات، رغم أنه صادر عن مجلس الأمن بالإجماع، حيث صوتت عليه جميع الدول الأعضاء، وفيه كما نتذكر امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن استعمال حق النقض الفيتو.
كما قررت محكمة العدل الدولية، وهي قرارات ملزمة تأمر إسرائيل مباشرة بوقف الأعمال التي تدخل في إطار المادة الثانية من اتفاقية تجريم الإبادة الجماعية والمعاقب عليها، هنالك كذلك المذكرات التي صدرت عن محكمة الجنايات الدولية.
نعم، إسرائيل تضع نفسها فوق القانون، إسرائيل لا تعترف لا بقانون دولي ولا بقرارات الشرعية الدولية، إسرائيل تتصرف وكأنها في غابة، تستعمل لغة القوة وليس لغة القانون.
ولذلك ينبغي ردعها والذهاب معها بعيدا أمام مجلس الأمن، وعلى مجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته في ذلك، وعليه تفعيل المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة بالتلويح بالعقوبات أو استعمال لغة العقوبات كما استعملت مع العراق وليبيا وسوريا وروسيا.
استعملت مع عدد من الدول ومن ثم المرور إلى المادة السابعة التي تفرض قرارات الشرعية الدولية بالقوة، وهذه كذلك استعملت سابقا مع الدول المذكورة آنفا، واستعملت في العراق التي دمرته واستعملت في أفغانستان الذي تم تدميره، وفي ليبيا وغيرها والسودان ودول أخرى تم اللجوء لها إلى المادة السابعة أو الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
هل يمكن متابعة من يسمون شركاء الاحتلال في حرب الإبادة؟
بخصوص متابعة شركاء دولة الاحتلال، القانون الدولي يخول ذلك على اعتبار أن مفهوم الشريك والمساهم، وأمريكا هي فاعل أساسي في هذه الجريمة، فهي تضفي الشرعية على جرائم الإبادة الجماعية، وتمد إسرائيل بالأسلحة الكافية لارتكاب الجرائم.
كما أن عددا من الدول الأوروبية متورطة في جريمة الإبادة الجماعية عبر التسليح وإضفاء الشرعية، على اعتبار أن إسرائيل لها حق الدفاع عن النفس.
للأسف الشديد، هذه الأسطوانة التي نفتها محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر سنة 2004 والذي نص على أنه لا يحق لإسرائيل التمسك بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطي الحق للدول في الدفاع عن النفس لسبب بسيط هو أن إسرائيل لها صفة المحتل والمحتل لا يحق له أن يتذرع بالدفاع الشرعي.
جزء كبير من الحرب الإسرائيلية يتم بأسلحة يتم استيرادها من الخارج وأمريكا في الصدارة ثم أوروبا، كيف يمكن وقف تسليح إسرائيل؟
ينبغي السلوك فيه إلى القضاء، ليس هنالك أي خيار، والمتابعة القضائية، كما وقع في هولندا، حيث لجأت عدد من المنظمات والمحامون إلى دعوى قضائية لإجبار الحكومة الهولندية على وقف تسليح اسرائيل، وكذلك كان الأمر، حيث قضت المحكمة بوقف تسليح إسرائيل.
ينبغي اللجوء إلى المحاكم الألمانية والبريطانية والفرنسية وغيرها، هذه معركة قضائية مهمة جدا.
المعركة القضائية والحقوقية هي أهم معركة تفهمها إسرائيل وتحسب لها ألف حساب رغم أنها تعطي صورة أنها لا تحترمها ولكن تعطي لها ألف حساب، والدليل على ذلك تجهز لها المرافعات والفرق القانونية.
ثم كذلك محكمة العدل الدولية، ينبغي على الدول أن تنبري لها لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي التي تشتكيها بالمشاركة في جريمة الإبادة الجماعية، كما فعلت نيكاراغوا مع ألمانيا، يجب أن يكون نفس الأمر مع هولندا وبريطانيا وكل الدول المتورطة في التسليح، ولم لا أمريكا ومتابعتها أمام محكمة العدل الدولية، وأقول العدل الدولية وليس الجنائية الدولية طبعا.
إلى حين توقف الحرب، ما هي السبل والجهات الملزمة بتوفير الأمن لأزيد من 2 مليون محاصر في القطاع؟
السبيل لذلك هو سلوك عدة اجراءات، من بين ذلك إجراء أممي بتقديم مشاريع قرارات أمام مجلس الأمن لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات، والسعي إلى منع أمريكا من اللجوء إلى حق الفيتو، هذا الفيتو الذي أصبح يهدد السلم والأمن الدوليين، حيث أنه يوفر الغطاء للاحتلال الإسرائيلي ويرفض وقف إراقة الدماء في غزة.
أمريكا للأسف وضعت نفسها في موقف المشارك المباشر في إراقة دماء أطفال غزة وسكان القطاع.
بالتالي ينبغي تفعيل هذه الواجهة الأممية، وتفعيل الواجهة القضائية كذلك كما قلت سابقا عبر تكثيف المواجهة القضائية أمام محكمة العدل الدولية والجنايات الدولية، إدخال الملفات وفتح مواجهات قضائية حتى في الدول في الأوروبية.
هنالك عدة ملفات في هذا الباب ضد ضباط يحملون جنسيات دول أوروبية وغيرها من الواجهات، وهذا لتشكيل رأي عام دولي من أجل الضغط ووقف هذه المجازر.