نساء سرقن جثة رضيع من مستشفى بوهران
أصدرت محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء وهران مؤخرا، عقوبات بالسجن ما بين 5 و6 سنوات سجنا في حق ثلاث نساء، تمت إدانتهن في قضية انتزاع أعضاء من شخص ميت، إخفاء ونقل جثة طفل، في جريمة تقشعر لها الأبدان، كانت قد دارت فصولها بمصلحة الولادة التابعة لمستشفى بلاطو الجامعي، وأثارت وقت حدوثها ضجة إعلامية واستنكارا شعبيا واسعين، لاسيما وسط الحديث عن ارتباط الفعل بالشعوذة والتحضير لممارسة السحر الأسود.
تعود وقائع هذه القضية إلى تاريخ 16-04-2019، عندما تقدم شخص يدعى (د. ح) إلى مقر الأمن الحضري الثاني، للتبليغ عن اختفاء جثة ابنه الذي قيل له أنه ولد ميتا بوزن 1.5 كلغ بمصلحة التوليد وأمراض النساء على مستوى المستشفى الجامعي “الدكتور بن زرجب” بحي بلاطو في وهران، موضحا أن زوجته حين وضعت طفلهما الذي قدر له ألا يرى النور، كانت قد رأت جثته ملفوفة في غطاء سرير، ثم أخبرها الطاقم المداوم بوضعها في القاعة المجاورة لغرفة الولادة أنه سيجري تحويلها إلى مصلحة الطب الشرعي وحفظ الجثث، لكن بعد قيام الوالد بالإجراءات الإدارية اللازمة من استخراج شهادة وفاة الرضيع والتصريح بدفنه، ثم تنقله إلى المستشفى لاستعادة جثته، فوجئ بغياب أي أثر لهذه الأخيرة، مشيرا إلى أنه ظل بين غدو ورواح، متنقلا من مصلحة التوليد إلى مصلحة حفظ الجثث، لعله يجد تفسيرا للأمر من أي عامل أو مسؤول بالمستشفى، إلى أن خارت قواه، وتيقن أن في ذلك حتما شبهة جنائية، ليقرر عندها الاستنجاد بمصالح الأمن، وطلب إجراء تحقيق في قضية هذا الاختفاء الغامض والمريب والكشف عن ملابساته.
التحريات التي باشرتها الشرطة في الموضوع، بعد استجوابها مختلف الأطراف من أعلى مسؤول إلى أبسط عامل بالمصلحتين سالفتي الذكر، إلى جانب سماع زوجة المشتكي، التي أكدت بدورها علمها مسبقا من قبل الطبيب الذي تابع حملها بأنها ستنجب طفلا ميتا، وكذلك رؤيتها إياه بعد توليدها وهو ملفوف في ملاءة سرير، قد اهتدت في أهم محطة من التحقيق إلى استحضار تحركات مشبوهة لعاملة نظافة رصدتها كاميرا مراقبة أمام المستشفى، وهي تخرج بتاريخ الواقعة، وفي وقت متأخر وخارج فترة الدوام المحدد لها، من مصلحة التوليد، حاملة في يدها كيسا مكتنزا، سلمته مباشرة لامرأة تبدو طاعنة في السن كانت في انتظارها بالخارج، واستنادا لمجموعة الشكوك التي حامت حول المرأتين، تم توقيفهما، ويتعلق الأمر بالمنظفة المسماة (ب. ح)، والعجوز البالغة من العمر أنذاك 70 سنة تدعى (ط. ك)، وكذلك تم من خلال مواصلة التحريات القبض على المتهمة الثالثة المسماة (ب. و)، والتي اتضح للضبطية القضائية أنها كانت تعمل لدى هذه الأخيرة ولصالح نشاطها المريب.
كاميرا المراقبة تطيح بالمتورطات
كما سجل في ملف قضية الحال عندما كان في مرحلة التحقيقات، أن استجواب المتهمة الأخيرة (ب. و)، قد مكن من فك جزء كبير من خيوط هذا اللغز، عندما لمّحت في اعترافات ضمنية لها وأخرى صريحة بعلاقة اختفاء جثة المولود المتوفى بطقوس الشعوذة والسحر الأسود، التي كانت تمارسها السيدة المذكورة التي كانت تأويها داخل مسكنها، في مقابل نشاطها هي فقط في فتح الباب لاستقبال زبائنها، وأيضا ربط المحققون هذا الأمر بذات المتهمة السبعينية، التي عاينتها كاميرا المراقبة واقفة أمام المستشفى في وضعية استلام شيء ما من عاملة مصلحة التوليد، في نفس فترة اختفاء جثة الرضيع.
في جلسة المحاكمة، تمسك المتهمتان (ب. ح) و(ط. ك) بإنكار علاقتهما بالأفعال المنسوبة إليهما، حيث فسرت عاملة النظافة (ب. ح) تلك اللقطة التي وثّقتها الخبرة العلمية وأثارت الشبهة حولها، بالقول أنها فعلا خرجت من مصلحة التوليد لملاقاة المسماة (ط. ك) على أساس أن هذه الأخيرة عجوز محسنة، تصدقت لها بكمية من الخضر، لتبادر هي من جانبها بمدها ببعض المستلزمات الطبية ومواد صيدلانية من كمادات ومحاليل خاصة بتطهير الجروح، بداعي أنها مريضة سكري وتعاني من جروح صعبة الالتئام في رجلها، في حين تراجعت المسماة (ب. و) عن جميع أقوالها السابقة، لتصرح أنها كانت تقوم فقط بمساعدة المتهمة العجوز (ط. ك)، التي كانت تؤويها في غرفة معزولة بسطح منزلها في أشغال التنظيف، وأيضا الخروج برفقتهما في مشاوير لحمل مشترياتها وقضاء حوائجها، مشيرة إلى أنها كانت تشاهد أناسا يقصدون بيتها، لكنها لا تعرفهم ولا تعلم عن أسباب زيارتهم لها شيئا.
في المقابل، التمست النيابة العامة، إدانة المتهمات الثلاث، وتسليط نفس العقوبة الصادرة في حقهن في الحكم الابتدائي، والمقدرة بسبع سنوات سجنا نافذا، قبل أن تقرر محكمة الاستئناف إدانة المتهمتين الرئيسيتين (ب. ح) و(ط. ك) بست سنوات سجنا، وبخمس أخرى بالنسبة للشابة المسماة (ب. و).