-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نعمة النّعم

نعمة النّعم
ح.م

نعم الله – عز وجل- على العباد – مؤمنهم وكافرهم – كثيرة، فـ”كلاّ نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا”.
ونعم الله –عز وجل- على العباد نوعان:
نعم مادية، مبثوثة فوق هذه الأرض وفي باطنها.
نعمّ معنوية، أعلاها وأجلّها نعمة الإيمان به – عز وجل- وبرسوله الكريم، وبدينه القويم..
ويا سعد من جمع الله له هذين النعمتين، وتقلّب في السعادتين، وقليل ما هم..
إن “نعمة النعم” على الجزائر والجزائريين هي – أولا وأخيرا ودائما – في هذه “الوحدة الدينية” التي تجمعنا فاللهم أدمها نعمة، وزدها قهوة وتماسكا على الأيام والأعوام، ولولاها لاستحال علينا استعادة حريتنا واستقلالنا أو لصعب علينا ذلك..
لقد تجولت في هذا الشهر الكريم في عدة مدن من شرق البلاد إلى غربها فلم تقع عيناي على كنيسة، ولا على بيعة، ولا على معبد لأي “دين”، ولم تسمع أذناي لا جرسا نصرانيا، ولا بوقا يهوديا، وإنما هي مآذن كأنها أصابع توحّد الله – عز وجل- وقباب لا تعرف بدايتها من نهايتها تجسد انسجام شعبنا المسلم، ولم تشاهد عيناي مطعما أو مقهى مفتوحين في نهار رمضان و”من غلبتو كرشو” توارى عن الأنظار، حتى لا يتعرض لـ”جنود رمضان” فيقذفونه بالحجارة، ويسخرون منه. ألم يسم الإمام الإبراهيمي، شهر رمضان “جبار الشهور”، ويسمّ الأطفال “جنود رمضان”، فعلينا نحن الجزائريين أن نشكر الله – عز وجل- قاعدين وقائمين وعلى جنوبنا على هذه النعمة.. ولعل هذه المكرمة الإلهية للجزائريين هي جزاء ما قدموا في سبيله من مجاهدين وشهداء عبر تاريخهم المديد، ألم تكن الجزائر تسمى “أرض الجهاد”؟ بل إن شاعرها الفحل مفدي زكرياء قال عنها في إلياذته الخالدة بأنها “كانت تصدّر فنّ الجهاد”.
وأود أن أذكّر بما قلته ذات يوم للشيخ محمّد الغزالي ونحن متوجهان إلى مدينة تيزي وزو: “يا شيخ، إن الله يحب الجزائر أكثر منكم !” فحدق في عيني، وقال وهو يبتسم: “إزّاي؟ّ”، فقلت: إن هذه البلاد لا يوجد من أبنائها الأصيلين لا مسيحي، ولا يهودي، ولا مجوسي، ولا درزي.. والقلة التي غلبت عليها شقوتها فاتبعت النصرانية أو الشيوعية كثير منها يعودون إلى الإسلام، وضربت له أمثلة ممن أعرف أسماءهم تنصروا أو تشيعوا. فلما تبين لهم الرشد من الغي عادوا إلى الإسلام.. صمت الشيخ لحظة ثم قال: “يمكن”.
إنني أدعو ما يسمى عندنا “الطبقة السياسية”، خاصة الذين سماهم جمال الدين الأفغاني “بقروت أن يجعلوا من المحافظة على هذه “الوحدة الدينية” للشعب الجزائري مركز أقوالهم وأعمالهم. إن دوغول كان يقول: “أخشى أن تتحول كولومبي ذات الكنيستين – وهذا هو اسم بلدته – إلى كلومبي ذات المسجدين”.
وعلى الدولة أن تنفق للمحافظة على هذه الوحدة “إنفاق من لا يخشى الفقر”، وذلك في جميع المجالات و”قد كاد الفقر أن يكون كفرا”..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • علماني

    إن هذه "الوحدة " مفروضة ومصطنعة وغير واقعية، إن مجتمعنا متنوع الأفكار فتجد فيها من حيث الجانب الديني :المسلمون وهم الأغلبية، الكثير من المثقفين والشباب هم علمانيون ، المسيحيين ينشطون في إطار قانوني حفظ الدستور الجزائري حريتهم، ملحدين ولا دينيون نراهم في وسائل التواصل الاجتماعي، في الحقيقة تعتبر منطقة القبائل أفضل نموذج للتعايش في الجزائر كان على النظام الجزائري البحث في أسباب هذا التعايش الجميل وان يعمم هذه التجربة على الجمهورية لو كان في نيته العمل لبناء الوطن.