-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نوّابُ الخردة!

نوّابُ الخردة!
أرشيف

على بُعد بضعة أسابيع من مغادرتهم البرلمان، وكانوا جزءا من الواقع المرير الذي تعيشه الجزائر، أبى نواب البرلمان الذين دخلوه بطرق “المزاد العلني” إلا أن يتركوا لصيحاتهم صدى، بعد أن علموا بأن وزير الصناعة فرحات آيت علي يريد إلغاء قانون استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات.

وجاءت الانتفاضة من الذين من عادتهم ألا ينتفضوا ويتقنون عملية تحريك الأيادي مثل الفرقة الموسيقية التي تحفظ المقطوعة، وهذه المرة بالصورة والصوت عندما تساءلوا: كيف يلغي الوزير قرارا صوّتوا عليه سابقا قبل أن يفعلها الرئيس؟

وبدا بعض أعضاء لجنة المالية والميزانية بالبرلمان أكثر جرأة وحدّة وهم يقصفون الوزير، ليس بسبب بعض وجوه الفساد التي مازالت في وزارة الصناعة وتعطل عجلة هذا القطاع الهامّ، وإنما بسبب السيارات العتيقة التي يريدون أن يقتنوها من فرنسا طبعا، بعد أن يخرجوا من أضيق أبواب البرلمان الذي دخلوا من نوافذه ومن سقفه، وحتى من ثقب جدرانه ولا أحد منهم دخل من الباب.

وبغضِّ النظر إن كان ما قاله وزير الصناعة هو الأصح أو ما قاله وزير المالية، فإن ظهور البرلمانيين وهم يتحدَّثون عن السيارات المستعمَلة، كعارفين بأسواقها بل ومن روادها الدائمين، يزيد من سواد هذه الكتلة الداكنة التي جثمت على صدور الجزائريين، خاصة منذ أن صارت تشتري مقاعدها بالمال والتنازلات والولاءات، وليس بالكفاءة والشهادة الجامعية وبحبّ العمل والعطاء لصالح المجلس والشعب والوطن.. أبدا.

نشعر بالأسى ونحن نتابع أداء ما يسمى بالبرلمان الجزائري، ويزداد حزننا عندما نقارن بين هؤلاء النواب، ونوابٍ في دول كثيرة يقدّمون العون ويخدمون مصالح شعوبهم وليس مصالحهم الخاصة؛ فمنذ أن هبت عاصفة الجائحة التي قتلت وأصابت ويتّمت ورمّلت وأرسلت عائلات إلى الفقر والجوع ودمرت المجتمعات والاقتصادات والمعنويات، لم نسمع عن أيِّ مقترح أو محاولة على الأقل لمساعدة الدولة والشعب على تخطي المحنة الكبرى، بينما تسابقت برلماناتٌ في دول كبيرة وحتى صغيرة، إلى تقديم أفكارها وما تمتلك من أموال ومن رجال طبّ وعلم نفس واجتماع واقتصاد، للملمة الجراح على أقل تقدير.

المؤلم في الحكاية، أن بناء برلمان يتطلب وجود أحزاب، والجزائر منذ الاستقلال عجزت أو -كما أراد حكامُها- منعت التشكيلات السياسية من العمل، ومنحت الضوء الأخضر لمن يذود عن النظام، حتى أولئك الذين ظهروا كمعارضة شرسة، ونقلوا نشاطهم إلى الخارج كانوا في غالبيتهم أسوأ من الحاكم نفسه، فكانت تمرّ المحن على الشعب الجزائري بألوانها الداكنة السواد، فلا يجد منها على الأقل تعزية ومواساة، وكلما هلّ موعد انتخابات أو مُسّت مصالحُها، صاحت مثل ديك الصباح، فلا هي قوّمت ولا هي أصلحت، فكان بنيانها مثل خمّ الدجاج، يبيض وهو لا يدري ونحن لا ندري إن كانت البيضة من الدجاج أم الدجاج من البيض، فتشابه النظام والمعارضة في كل شيء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!