ها هو ذا الفتى “وليد” يشقّ طريقه نحو مبنى اتحاد الكرة

ها هو ذا وليد سعدي يشقّ طريقه نحو مبنى دالي إبراهيم لِكرة القدم، ثمّ يدخل إلى مقرّ الاتحاد رئيسا جديدا لِأعلى هيئة تُشرف على الرياضة الأكثر شعبية في البلاد.
ونرصد لكم في هذا التقرير بعضَ ما يُميّز خليفة جهيد زفيزف في اتحاد الكرة الجزائري، ونضع صورته في الإطار الذي يُناسبها، بِلا تلميع ولا تشويه. فضلا عن أمور أخرى.
– يبلغ وليد سعدي من العمر 44 سنة (في الـ 25 من نوفمبر المقبل، إن شاء الله)، وينتمي إلى ولاية الوادي. وبعيدا عن الحقل الرياضي، ينشط في تجارة الأعمال، ومواد البناء تحديدا.
– استعملنا لقب “سعدي”، وليس “صادي” كما يحلو للفرانكفونيين مُناداته ومَن تأثّر بِهم من المُعرّبين. وبِالمُناسبة، كان النخبويون المُتفرنسون في الجزائر بُعَيْدَ تأسيس “الجمعيات ذات السياسي” (بِلغة دستور الـ 23 من فيفري 1989)، يُنادون زعيم حزب التجمّع من أجل الثقافة والديموقراطية بـ “صادي”، ولولا الحرج لَنطقوا اسمه “سعيد” بـ “ساييد”!
– لا نُغامر بِالخوض في جدل ألقاب الجزائريين، لأن الموضوع يخصّ علماء الاجتماع ولسنا أهلا له. ولكن لا نعتقد – حتّى لا نقول يستحيل – أن “السّوفيين” يُفضّلون لسان “موليير” على “الجاحظ”. وفي هذه الولاية ينطق أهلها اللّغة العربية بِسلاسة ومرونة، وبِرنّة موسيقية تونسية! كما ينطق التونسيون (الجهة الغربية بِالضّبط) مثل الجزائريين. ومَن شاء أن ينطق أو يكتب اللّقب “صادي”، فلن نلويَ ذراعه وعنقه!
– يتكلّم وليد سعدي اللّغة العربية بِطلاقة، ولن تسمع أذن مَن يُنصت إليه ألفاظا مثل “المنتخاب” (المنتخب)، أو “مدراسة” (مدرسة)، أو “أندلوس” (الأندلس)….
– الجيل الجديد الذي ليس له مشكل مع اللغة العربية في إدارة الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، أصاب في كتابة لقب هذا المسؤول الرياضي (اللائحة المُدرجة أدناه) على نحو سليم. حينما استحوذت “سونلغاز” مُؤخّرا على أسهم نادي وفاق سطيف، وعيّنت وليد سعدي عضوا في مجلس الإدارة.
– بدأ اسم “وليد سعدي” يتردّد صداه في أرجاء الشّارع الكروي الجزائري، أواخر العقد قبل الماضي، في مجلس إدارة نادي وفاق سطيف. وتحديدا، حينما أحرز لقب البطولة الوطنية عامَي 2007 و2009، ودوري أبطال العرب نُسختَي 2007 و2008.
– في تلك الفترة، لفت الفتى “وليد” انتباه الرّئيس محمد روراوة، فجلبه إلى “الفاف”. وبقي خِلّا وفيا له، حتى غادر الرّجل هيئة دالي إبراهيم في ربيع 2017. ولا عجب في كون وليد سعدي تلميذ محمد روراوة.
– حتّى لا نبخس النّاس أشياءهم، فإن إطارات مثل شرف الدين عمارة وجهيد زفيزف تصلح للإدارة الاقتصادية. بينما يُفترض أن وليد سعدي مارس فنّ التسيير الرياضي كفاية (على مستوى الأندية، المنتخب، الفاف، الكاف، الاتحاد العربي)، بِما يسمح له بِتفكيك طلاسم هذه اللّعبة محلّيا وإقليميا وقارّيا ودوليا.
– كان رجال مهنة المتاعب لا يصطدمون بِالحواجز أو يسقطون في المطبّات، حينما يتّصلون بِوليد سعدي (نتحدّث عن سنوات 2007 و2008..). وعليه، يُأمل أن يُواصل الوافد الجديد إلى اتحاد الكرة على هذا النّسق الإيجابي، بِلا تمييز لِهذا على ذاك، وبلا متاجرة بِالمعلومات أو التسريب، هذا دون الحديث عن خلية الإعلام. ثم قُلْ لي كيف تُعيّن أهلها، حتى أعرف مَن أنتَ. فالشجرة تُعْرَفُ مِن ثمارها، والكتاب من عنوانه، والعام من خريفه (العبارة الأخيرة بِالعامّية الجزائرية)، والإدارة من طريقة إسناد المسؤوليات.
– يُمكن التساؤل – والأمر مشروع – إن كان وليد سعدي يملك قوّة الشخصية، وتلك الهالة (الكاريزما) التي تسمح له بِفرض منطقه (بِقوّة القانون لا غير). ذلك أن الحقل الكروي في العالم بِرمّته يُشبه “مُجتمع الذّئاب”، الذي تحدّث عنه فلاسفة العقد الاجتماعي.
– على وليد سعدي أن لا يقول للجمهور الجزائري بعد أن يُباشر عمله: “وجدت خزينة الفاف مُفلسة، ونحن بِصدد التطهير، وإعادة ترتيب البيت. وعليكم بِالصّبر، وشدّ الحزام، والتقشّف، و…”. لِأنّه يُفترض أن الرّجل كان يعي مُسبّقا كيف هي أحوال اتحاد الكرة، ولا يشتكي بعد انطلاق القطار.
– مِن العبث أن يخوض رئيس اتحاد الكرة معارك “دونكيشوتية”، على غرار التصادم مع الناخب الوطني جمال بلماضي، أو ينقل الجمهور الجزائري إلى انشغالات لا تهمّ سوى إطارات مبنى دالي إبراهيم، ومَن خالطهم من المُنتفعين.
– المعركة الحقيقية لِوليد سعدي هي استعادة “الفاف” لِهيبتها، والكرة الجزائرية لِاحترامها. دون إغفال التموقع مُجدّدا في المؤسسات القارّية والدولية للعبة.
– نأمل أن ينقل وليد سعدي لِزملائه في اتحاد الكرة والرابطات والأندية و…”فيروس” حبّ السّوفيين للعمل وتفانيهم فيه. فالولاية رقم “39” تكاد تتحوّل إلى قطب فلاحي، بل مصدر غذاء الجزائريين.