هذه أبرز تحديات “الفاف” لتطهير البطولة تحسبا للموسم الجديد

توجد الاتحادية الجزائرية لكرة القدم أمام تحديات بالجملة بغية التفكير بجدية في موسم كروي جديد ينتظر منه الكثير من الناحية الفنية والتنظيمية، وهذا، يفرض آليا تقييم وتشريح مخلفات الموسم المنقضي لأخذ العبرة من مختلف السلبيات والتجاوزات التي عرفها، وكذلك تحديد الإيجابيات التي عرفها لتثمينها وتعزيز بالشكل الذي يعود بالفائدة على واقع ومستقبل الكرة الجزائرية.
يجمع أغلب المتتبعين على أن الموسم الكروي المنتهي يفرض وقفة جادة من جميع الجهات والهيئات الساهرة على الكرة الجزائرية، وفي مقدمة ذلك المكتب الفدرالي بقيادة رئيس الفاف وليد صادي، وهذا من خلال تقييم شامل وعميق يسمح بوضع النقاط على الحروف حول مختلف الجوانب الفنية والإدارية والتنظيمية والأخلاقية، وهذا بغية اتخاذ التدابير المناسبة التي تسمح بفتح صفحة جديدة وإيجابية تصب في خانة ضمان موسم كروي جديد ناجح مقارنة بالسابق. وإذا كان الكثير قد وقف على الإمكانات المادية المسخرة من طرف الدولة، خاصة في ظل توفر عدد معتبر من الأندية على شركات عمومية معروفة تتولى تمويلها من الناحية المالية، إلا أن ذلك لم ينعكس بالإيجاب على العديد من الأندية بسبب خلل في تسيير ناجم عن عددي القرارات الخاطئة أو غير المضبوطة، وفي مقدمة ذلك ملف الانتدابات الذي لا يزال يثير الكثير من الجدل حول معايير استقدام اللاعبين، ناهيك عن غياب رؤية فنية دقيقة في هذا الجانب، وهو الأمر الذي جعل عديد الأندية تصرف أموالا ضخمة في بورصة التحويلات دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي من الناحية الفنية خلال مباريات البطولة، وحتى في المواعيد القارية، بدليل فشل ممثلينا في قول كلمتهم خلال المنافسات الإفريقية، وهذا رغم الإمكانات الكبيرة المسخرة لها، والكلام هنا ينطبق على مولودية الجزائر واتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وشباب قسنطينة، حيث توقفت مسيرتهم تباعا عند الدور ربع ونصف النهائي، ما يؤكد أن الأندية الجزائرية تنتظرها الكثير من التحديات حتى تواكب الرهانات الإفريقية، وهو الكلام الذي سبق أن ذهب إليه المدرب نور الدين زكري حين نزل ضيفا على قناة “الشروق نيوز”، ما يعني آليا أن الفشل الحاصل على الصعيد القاري يجعل الكرة الجزائرية أمام حتمية مراجعة الكثير من الحسابات إذا أرادت استعادة أمجادها التي ضاعت منذ سنوات، بدليل أن الألقاب المحرزة من طرف الأندية الجزائرية أصبحت تعد على أصابع اليد الواحدة خلال مطلع الألفية الحالية.
وإذا كان المكتب الفدرالي قد أعلن عن عدة قرارات يعتزم تجسيدها خلال الموسم المقبل، وفي مقدمة ذلك تسقيف أجور اللاعبين، وكذلك القيام بفحوص طبية يتم من خلالها منع أي لاعب ثبت في حقه تناول المنشطات وكل أنواع الممنوعات، إلا أن ذلك يفرض مزيدا من الحزم بغية تطهير محيط الكرة الجزائرية التي تعفنت كثيرا في السنوات الأخيرة بسبب المشاكل المتراكمة من الناحية المالية والأخلاقية، بسبب غياب آليات رقابية فعالية أفسحت المجال للكثير من الأطراف التي عبثت بأخلاقيات الرياضة، بسبب سوء التسيير وتضخيم الفواتير وترتيب المباريات وانتشار الممنوعات، ناهيك عن ظاهرة العنف التي أصبحت تسجل حضورها بمختلف الأنواع والمستويات، ما خلف ضحايا في المدرجات وخارج الملاعب، بشكل يعكس غياب الوعي اللازم والكافي لتحويل المباريات الكروية إلى فرجة بدلا من تلطيخها بالعنف وكل أنواع الشتم والتهديد والوعيد، بسبب ممارسات تقف وراءها الكثير من الصعوبات التي تغلغلت في الملاعب وسط الأنصار وحتى داخل الهيئات المسيرة للأندية.
وبعيدا عن التحديات التي تنتظر الفاف لاتخاذ قرارا صارمة تسمح بوضع حد لمارد العنف وكذلك الممارسات الممنوعة في الشق الإداري والتسييري في زمن المصالح وإبرام الصفقات على حساب مصلحة الكرة الجزائرية، فإن الواقع يؤكد على ضرورة تشجيع مختلف الأندية التي تعمل بجد، خاصة في مجال سياسة التكوين، من خلال الاهتمام بالمواهب الكروية حتى تكون لها كلمة في المستوى العالي، بدلا من تدوير عدد كبير من اللاعبين وفق صفقات مبالغ فيها دون أن تقدم الإضافة فوق الميدان، وبالمرة السير على خطى نادي بارادو الذي أعطى درسا في الاعتماد على النفس، من خلال الاهتمام بسياسة التشبيب التي مكنته من تصدير لاعبين بارزين إلى مختلف البطولات العربية والأوروبية، ناهيك عن حضور منتَجه في عديد أندية الملايير التي تنشط في البطولة الوطنية، ما مكنه من ضمان مداخيل محترمة هي خلاصة اجتهاد مسيريه ومدربيه، وهو الأمر الذي يفرض على بقية الأندية العمل على نفس النهج لتعزيز الخزينة بمداخيل تكون من صميم اجتهاداتهم وصادراتهم بدلا من الاتكال بشكل مباشر وسلبي على الإعانات العمومية.