-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اللغة والدين والتاريخ والثقافة والذاكرة على رأس الأجندة

هذه التزامات المترشحين في الحفاظ على الهوية الوطنية

صالح سعودي
  • 690
  • 0
هذه التزامات المترشحين في الحفاظ على الهوية الوطنية
أرشيف

يتطلع الشعب الجزائري إلى معرفة مزيد من التفاصيل التي تخص وعود ومشاريع المترشحين للرئاسيات في الشق الذي يخدم الهوية الوطنية، خاصة وأن الجزائر في حاجة ماسة إلى الحفاظ على مختلف الثوابت والجوانب التي تصب في البعد الهوياتي في زمن الفتن والمؤامرات التي تحاك في الداخل والخارج، ما يجعل اللغة والدين والهوية والتاريخ والذاكرة والثقافة في بعدها الهوياتي في صميم الاهتمامات والتطلعات حتى يتم تثمينها ومراعاتها بشكل جاد وايجابي من طرف المترشحين في مختلف برامجهم الانتخابية.
إذا كان المترشحون لرئاسيات السابع من سبتمبر قد خاطبوا الشعب الجزائري في مختلف خرجاتهم الميدانية خلال الحملة الانتخابية، مركزين على مختلف الجوانب التي تهم المواطن، خاصة الشق الاقتصادي والمالي، من خلال تقديم وعود وضمانات تصب في خانة تحسين القدرة الشرائية والحرص على تفعيل الاقتصاد الوطني وإصلاح التعليم وقطاع العدالة وغيرها من الوعود، إلا أن ذلك لم يمنع المرشحين الثلاثة من الإشارة إلى مختلف الجوانب التي تصب في البعد الهوياتي، خاصة ما يتعلق باللغة والدين والتاريخ والثقافة والذاكرة وغيرها من الثوابت التي لا تقبل الجدل أو المساومة في زمن كثرت فيه الفتن والمؤامرات من عدة أجندة وأطراف لا يخدمها استقرار الجزائر.
وفي هذا الجانب يؤكد عيسى بلخباط، في حديثه لـ”الشروق” بأن الخطوط العريضة لبرامج المترشحين قد تركزت حول تطوير الاقتصاد وتحسين القدرة المعيشية للمواطن وإصلاح العدالة وبناء مؤسسات قوية، وتقريب الإدارة من المواطن وغيرها من المجالات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن، إلا أنه حسب محدثنا يمكن تلمس بعض الإشارات من خطاب المترشحين للرئاسيات تشكل تصورهم لكيفية الحفاظ على الثوابت الوطنية.
وأوضح المتحدث أن المتتبع للحملة الانتخابية للمترشح عبد المجيد تبون وخاصة للتجمعات التي عقدتها الأحزاب الداعمة له، تُذكّر بحرصه الشديد على صون الثوابت الوطنية والوفاء لقيم أول نوفمبر الذي يحدد مرجعية الأمة.
وفيما يخص جوانب التاريخ والذاكرة وإن لم يستفض المترشح عبد المجيد تبون أو منافسيه خلال حملتهم الانتخابية في هذين الجانبين نظرا لضيق الوقت من جهة والاهتمام بالدرجة الأولى بالجوانب التي تشغل المواطن الجزائري، إلا أن المعروف عن تبون، في نظر عيسى بلخباط، حرصه على الحفاظ عن الذاكرة الوطنية، وهي حسب قوله من أسباب الاختلاف وبرودة العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا.
وأكد بلخباط أن مما يدل على أهمية ملف الذاكرة بالنسبة للرئيس المترشح هو حرصه في عهدته الأولى على استرجاع رفات قادة المقاومة الشعبية ومطالبته لفرنسا بإعادة سيفي الأمير عبد القادر المحفوظين في (المتحف العسكري) و(شاتو دو شانتيلي) على التوالي، مشيرا إلى أن هذا المطلب يعد من بين مطالب أخرى كجزء من الشروط لتطبيع العلاقات مع فرنسا.
من جانب آخر، فقد ثمّن عيسى بلخباط وضع المترشح يوسف أوشيش ملف الثقافة والهوية ضمن اهتماماته، سواء في تجمعاته الانتخابية أو ضمن الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي، وذلك بضرورة تفعيل الاعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية كبعد من أبعاد الهوية الوطنية عبر المصادقة على قانون عضوي يجسد ذلك.
كما التزم المترشح يوسف أوشيش بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية بصفة إلزامية للحفاظ على مكوناتها من الاندثار، كما تعهد ذات المرشح بإنشاء وكالة وطنية مكلفة بحماية وترقية التراث التاريخي الوطني.
وفي السياق ذاته، فقد أدرج أوشيش في الشق الثقافي من برنامجه الانتخابي إنشاء مدينة ذات طابع فني لتطوير الفنون والسينما.
فيما تعهد المترشح حساني شريف عبد العالي بتعزيز الثوابت الوطنية وترقية اللغة العربية وتعميم استعمالها، مؤكدا على أن قيم ومبادئ الأمة مرجعها الدين الإسلامي في إطار الهوية العربية والأمازيغية للأمة.
كما تعهد حساني شريف بإعادة بعث الدور التربوي والإصلاحي للمسجد، وذلك عبر تثمين دور الإمام ليلعب دوره المنوط به وحمايته، وتعزيز دوره في المجتمع، لأن برنامج المترشح حساني شريف مستوحى من برنامج حزبه مجتمع السلم ومرجعيته الإسلامية.
أما بخصوص ملف الذاكرة، فقد قال بخصوصه في تجمع لأنصاره بمدينة البليدة: “لا يمكننا أن ننسى بشاعة فرنسا مهما تجملت، لأن تاريخنا لا يقبل بهذا”.
والواضح أن المترشحين للرئاسيات المقبلة حريصون على خدمة وتثمين مختلف ثوابت الهوية، كل حسب رؤيته واستراتيجيته، وهذا بالشكل الذي يخدم الوطن والمواطن، وهو ما يجعل البروفيسور نور الصباح عكنوش يدعو إلى ضرورة النظر للانتخابات القادمة من منظور مشروع مجتمع شامل وليس مجرد اختيار الرئيس، لأن الموضوع حسب قوله يتعلق بإنتاج إطار عام مشترك للعيش وفق قيم وحدة وبناء تكون تأسيسية لعقد مجتمعي وتنموي.
ويرى البروفيسور نور الصباح عكنوش أنه “يجب وضع العملية السياسية في مفهوم الأمة وليس الدولة أو السلطة فقط حتى نحقق حالة معنوية من الوعي الإيجابي والنضج القيمي الذي نبني عليه منظومة أخلاقية وفكرية ووجودية أصيلة”، وهو التحدي القادم الذي يجب رفعه من خلال سيادة ثقافية ومعرفية وتكنولوجية تقوم على القوة الناعمة، لأنه حسب محدثنا فإن حروب الذكاء والعقل تهدد هويتنا وتراثنا ورموزنا وأمننا، والتصدي لها يكون عبر إجماع وطني حول المفاهيم أولا وحول الإشكاليات ثانيا وحول الذات ثالثا، وهو ما يجب أن ينمو في بنية خطاب الانتخابات بشكل حداثي يفكك أسباب الفتنة والقطيعة والشك ويعيد بناء الإنسان ونسقه وبيئته في بعد وطني جديد يقدم أجوبة للأنا داخلنا وللآخر حولنا. ولا نبقى حسب عكنوش في دائرة ماذا نفعل بالماضي وبالواقع وبالغد، بل ننتقل إلى كيف نفعل بالتراكم وبالقيم، من خلال تدبير حضاري يراعي خصوصياتنا من جهة، ويرنو إلى عالمنا من جهة أخرى على نحو عضوي يخدم الإنسانية، على حد تعبيره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!