-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
توقّعات بارتفاع الطلب على النفط والغاز واستثمارات للاستكشاف والاسترجاع

هذه خارطة طريق مشاريع الطاقة خلال العهدة الثانية

إيمان كيموش
  • 4506
  • 0
هذه خارطة طريق مشاريع الطاقة خلال العهدة الثانية
أرشيف

يُولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، اهتماما واسعا في برنامج العهدة الثانية بقطاع الطاقة والمناجم، لاسيما ما يتعلّق بمواصلة إنجاز المشاريع العملاقة لإنتاج الحديد الخام والفوسفات والزنك، في كل من غار جبيلات وبجاية ومنطقة الهدبة بولاية تبسة، من أجل تبوأ الريادة العالمية في مجال استغلال المعادن والأتربة النادرة، كما يتصدّر البرنامج إنجاز مشروع الربط الكهربائي مع أوروبا، لأول مرة في تاريخ القارة الإفريقية واستكمال أهم مشروع عابر للقارات في تاريخ الجزائر، مع الشريك النيجيري في مجال الغاز، الذي سيربط قلب إفريقيا بأوروبا.
وستتجه الجزائر إلى إنتاج طاقات جديدة خارج الطاقات الأحفورية التقليدية، ومنها الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر مستقبل الطاقات المتجددة مع استغلال الجيوب الشمسية الضخمة في الصحراء الجزائرية باعتبارها أكبر احتياطي في العالم، وتوجيه جزء من الإنتاج نحو التصدير ومواصلة تشجيع الدولة لاستعمال الطاقات النظيفة وتشجيع وتحفيز صناعة السيارات ذات المحرك الكهربائي، ويتقاطع ذلك مع مواصلة الاستكشاف في مجالي النفط والغاز واللذان سيظلان الطاقة الأكثر طلبا في العالم للمرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق يجزم الخبير الدولي في مجال الطاقة بغداد مندوش في إفادة لـ”الشروق” أن قطاع الطاقة في العالم سيستند في المرحلة القادمة على الفحم والبترول والغاز التي ستبقى أهم المواد المساهمة في تموين الاحتياجات العالمية، وتندرج أيضا ضمن أهم المواد الأولية التي تقوم عليها أكبر الصناعات بشهادة تقارير الوكالات العالمية الصادرة سنة 2023 والتي تؤكّد أن الفحم والبترول والغاز تساهم في تموين العالم بالطاقة بنسبة 82 بالمائة والغاز والبترول لوحدهما بنسبة 63 بالمائة.


ويعتبر الخبير الدولي أنه بعد تصنيف الغاز كطاقة نظيفة في الندوة العالمية للمناخ شهر نوفمبر 2022 بالقاهرة، يُمكن اعتبار هذا المورد صديقا للبيئة، بعد اعتماد تقنيات جديدة تقلّص نسبة أكسيد الكاربون في الغاز، مع العلم أن كل الإحصائيات اليوم تشير إلى استمرار زيادة الطلب على الغاز إلى غاية سنة 2060 بنسبة تصل إلى 26 بالمائة، وهو ما يتراوح بين 2 إلى 3 بالمائة كل سنة.
أما بالنسبة للبترول، فمن الملاحظ يقول مندوش خلال السنوات العشر الأخيرة أنه رغم كل الجهود المبذولة للانتقال من الاعتماد على لطاقات التقليدية إلى الطاقات المتجددة المنتجة من الشمس والرياح، إلا أن تكلفتها الآنية الجد ضخمة والمشاريع التي لم تنجز في وقتها، والأهداف التي تزال تنتظر التجسيد، تُبقي البترول والغاز يتصدّران قائمة أهم المواد المولّدة للطاقة من جهة، ويستمر استغلالهما كمواد أولية في الصناعة البتروكيمياوية التي شهدت تطورا كبيرا من جهة أخرى، خاصة صناعة البلاستيك الذي هو مستعمل بنسبة 60 بالمائة في إنتاج السيارات وبنسب معتبرة في الصناعات الصيدلانية والأثاث وغيرها.
أما بالنسبة للطاقات المتجددة، يقول الخبير الدولي أن الدول التي باشرت مشاريع كبرى في هذا المجال مثل إسبانيا وألمانيا والنرويج وفنلندا لا يزال معدّل اعتمادها على هذه الطاقة يعادل 30 بالمائة خاصة تلك المولّدة من الشمس والرياح والماء، أما في الجزائر فهي تعادل تقريبا 4 بالمائة مع إحصاء مشاريع انطلقت مع شركاء سوناطراك لتمكين الجزائر من تعويض تدريجيا الطاقة التقليدية الآتية من الغاز والنفط، والانتقال إلى الطاقة الشمسية، وهو ما سيساهم في اقتصاد الغاز المستهلك وتوجيهه للتصدير.
وبخصوص قطاع المناجم، يعتبره بغداد مندوش مهمّ جدا للجزائر التي اعتمدت قانونا جديدا في المجال ليكون بمثابة انطلاقة جديدة لقطاع المناجم، مع التركيز على الأتربة والمواد النادرة مثلا الليثيوم، التي تستعمل في إنتاج البطاريات الكهربائية للسيارات الكهربائية والتي ستكون البديل للوقود في المستقبل.

10 مليار دولار سنويا لاستثمارات سوناطراك وهذه أولوياتها
وبحديثه عن أولويات الحكومة الجزائرية في قطاع الطاقة للخماسي المقبل، يشدّد الخبير على أن هذه الأولويات مسطّرة ضمن المخطط الخماسي لسوناطراك الممتد بين سنتي 2024 و2028 والذي رصد استثمارات تعادل 50 مليار دولار، بمعدل 10 مليار دولار سنويا، حيث ستكون الأولوية للاستكشاف وتطوير الحقول والاسترجاع، باعتبار أن هذا المخطط في الجانب الاستكشافي يهدف لضم حقول جديدة وتجديد خزان الحقول الموجودة، والذي يعادل بالنسبة للبترول 12 مليار برميل وبالنسبة للغاز 400 مليار متر مكعّب.
وفي هذا الإطار، أبرمت سوناطراك في السنتين الأخيرتين عقودا مع شركاء دوليين هامين في مجال الخدمات البترولية على غرار شراكة أمريكية في حقل حاسي الرمل وعين أميناس، وكذا شراكة صينية في حقل أدرار، بهدف استعمال تقنيات للاسترجاع لتقوية إنتاج الغاز.
ويهدف ذلك لرفع قدرات الإنتاج والاستجابة للحاجيات الوطنية للغاز التي ترتفع كل سنة بما يصل 7 بالمائة وأيضا بهدف ضمان احترام العقود مع الزبائن الأجانب وعلى رأسها الدول الأوروبية، إضافة إلى الزبائن الجدد يتقدمهم الدول الآسيوية على رأسها الصين.
ويهدف هذا المخطط إلى رفع الإنتاج من 130 مليار متر مكعب إلى 200 مليار متر مكعب وهذا لرفع التصدير بضعفين خلال الأربع أو الخمس سنوات المقبلة.

أنبوب الهيدروجين وخط الغاز نيجيريا.. مشروعان ضخمان على طاولة التنفيذ
ومن جهة أخرى، سجّلت سوناطراك مشروعين آخرين، ويتعلّق الأمر بأنبوب الهيدروجين العابر من الجزائر إلى تونس، ثم إيطاليا، حيث أن عقد هذا المشروع أبرم مسبقا مع الشريك سوناطراك ومركب إيني لإنتاج الهيدروجين الذي يعتبر غاز المستقبل، مع إمكانية تزويد بعض الدول كألمانيا والنمسا وهي دول راغبة في هذا المشروع وكذلك دول أوروبية جنوبية، وهو مشروع كبير انطلقت دراساته سنة 2024.
ويتمثل المشروع الثاني في أنبوب الغاز نيجيريا والنيجر والجزائر ثم تونس وإيطاليا، التي ستكون معبرا لتزويد الغاز لأوروبا وخاصة أوروبا الجنوبية والبلدان التي تجاورها كألمانيا والنمسا وهو مشروع طوله 4300 كيلومتر وبطاقة 30 مليار متر مكعب من الغاز عابر عبر الجزائر، ويصنّف هذا الأخير كمشروع مهم واستراتيجي، حيث توليه أوروبا أهمية كبرى، خاصة في ظل بحثها عن مصادر أخرى لتنويع استيراد الغاز، نظرا للمشكل المطروح بعد الحرب الروسية الأوكرانية وانقطاع الغاز الروسي عن الدول الأوروبية.
ومن جهة ثالثة، تسعى سوناطراك للتحكّم أكثر في عقود الشراكة في ميدان الاسترجاع ويتعلق الأمر بالحقول القديمة التي يتجاوز عمرها 40 أو 50 سنة، والتي يمكن أن تنتج أكثر، إذا اعتمدت على التكنولوجيات الجديدة التي تستعملها أمريكا على سبيل المثال، فالاستعانة بالتجربة الأمريكية في هذا المجال، يمكن أن يرفع الإنتاج بهذه الحقول بنسب تتراوح بين 2 أو 3 بالمائة مقارنة مع الإنتاج الحالي.

إجماع على زيادة الطلب على الغاز والنفط في المرحلة المقبلة
وبالنسبة للاتجاه المستقبلي للطاقة، يقول مندوش أن كل التحاليل للبلدان العالمية والمحللين من مختلف الدول المُصدّرة للغاز ومحللي الأوبك والأوبك بلوس، تجزم أن الغاز سوف يبقى كطاقة ومادة أولية مع ارتفاع مستمر لسعر الغاز، حيث أن البروبان المُصدّر على سبيل المثال ارتفع سعره من 160 دولار للطن إلى 700 دولار للطن، إذ يُستعمل هذا الأخير في الصناعة البتروكيماوية خاصة في إنتاج مادة البروبيلين والتي هي تصنع بها المواد البلاستيكية والأثاث ومنتجات اخرى.
أما بخصوص البترول، فيتوقّع مندوش حسب الإحصائيات المتداولة، أن الاستهلاك او الطلب الذي يبلغ حاليا 100 مليون برميل يوميا، سيزداد سنة 2025 بمليوني برميل ليصل 102 مليون برميل، ثم خلال سنة 2026 سيرتفع إلى 104 مليون برميل وسنة 2027 سيصل إلى 106 مليون برميل، في حين أن العرض سيبقى في المستوى الحالي أو يرتفع نسبيا وبالمقابل سترتفع الأسعار، وهذا في حال عدم تسجيل أي حدث جيوستراتيجي يمكن أن يؤثر على سعر البرميل.
ويختم مندوش حديثه عن الطاقات الجديدة والمتجددة خاصة الشمسية، قائلا أن نسبة استعمالها سيرتفع في كل البلدان، خاصة الطاقات المنتجة من الرياح والشمس للحفاظ على البيئة تطبيقا لكل التوصيات المتعلقة بالمناخ تحت رعاية الأمم المتحدة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!