هذه شروط وكيفيات صياغة مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية
تخضع الوزارات والهيئات المعنية بإعداد النصوص القانونية في العهدة الثانية لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى منهجية جديدة تعتمد مصطلحات أكثر دقة في النصوص الجديدة وتراعي مبدأ الأمن القانوني المنصوص عليه عبر المادة 34 من الدستور، وفق دليل جديد نشرته الأمانة العامة للحكومة في موقعها الرسمي يحدّد بدقة كيف يتم صياغة النصوص القانونية والتنظيمية المقبلة.
ويأتي ذلك في وقت ينتظر فيه البرلمان خلال دورته المقبلة التي ستفتتح قريبا، إحالة ترسانة من النصوص الجديدة التي ستناقش في هذه العهدة، على غرار مشاريع قوانين الصحة والأملاك الوقفية والقانون التوجيهي للسياحة ومشروع قانون حركة المرور والتأمينات وشروط وكيفيات ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر، بالإضافة إلى مشروعي قانوني البلدية والولاية ومراجعة ثانية لقانون الصفقات العمومية وبداية التحضير لقانون الرقمنة وغيرها من النصوص التي تتطلّب معالجة دقيقة.
وفي السياق، أعدت الحكومة الطبعة الثانية لدليل إعداد النصوص القانونية ونشرته في الموقع الرسمي للأمانة العامة للحكومة، والذي أكّدت أنه “تمت صياغته وفق مقاربة منهجية وعملية انطلاقا من تشخيص عميق للمسار المتبّع حاليا في إعداد النصوص القانونية بشكل يضمن السهولة في الفهم وحسن التطبيق”.
تدقيق المصطلحات والالتزام بمبدأ “الأمن القانوني” وضمان فعالية التطبيق
وبهذا الصدد، شدّدت الحكومة على ضرورة أن تكون النصوص القانونية مطابقة للدستور والمعاهدات الدولية والقوانين سارية المفعول ومصاغة بدقة ووضوح، لمنع عدم دستورية القوانين، وأن تمر عبر محطات وأجهزة تتمتع بالخبرة في مجال المهارات التحليلية والكتابية، واحترام القواعد المتعلقة بمسار إعداد النصوص القانونية من طرف جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات والهيئات العمومية وهذا لضمان تحكم أمثل في مسار إعداد مختلف النصوص من قبل جميع المتدخّلين.
ويكون الدليل الجديد مرجعا وطنيا في إعداد النصوص التشريعية والتنظيمية انطلاقا من بروز الحاجة إلى سن القاعدة القانونية الجديدة، إلى غاية إصدار النص القانوني وحتى في تقييم تنفيذه على كل المستويات، واعتمد هذا الدليل على الخبرة الوطنية الطويلة التي تتمتّع بها الأمانة العامة للحكومة ومختلف القطاعات المعنية بإعداد مشاريع النصوص القانونية في هذا المجال والتي تشكّل رصيدا معرفيا يتعيّن تثمينه.
ويهدف الدليل الجديد إلى إعداد النصوص القانونية بطريقة توضّح القواعد والمبادئ الواجب إتباعها في الدراسة والتحضير وأيضا النصوص التنظيمية مما يسهّل صياغة النصوص القانونية ويضمن النوعية في الصياغة والفعالية في التطبيق، وتكمن أهمية هذا الدليل في كونه عاملا أساسيا لتجسيد مبدأ الأمن القانوني المكرّس بموجب المادة 34 من الدستور والذي يقتضي أن يكون النص القانوني واضحا ودقيقا ومستقرا في أحكامه ومنسجما مع المنظومة القانونية الوطنية، وأن تراعى في إعداده لا سيما الحقوق المكتسبة وأن يكون قابلا للتوقع من طرف المخاطبين به.
ويتناول الدليل الجديد المنشور في الموقع الرسمي كل مراحل التحضير لإعداد النص القانوني بدءا من الاقتراح إلى غاية المصادقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية، ومن ثمّة تقييمه مع توضيح جميع المسائل التي يتعين فحصها وبالخصوص ملاءمة مشروع النص القانوني والأثر المتوقع من تطبيقه لاسيما من الجانب المالي والاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى توضيح عناصر الموضوع الذي يتعيّن أن تنصّب عليها دراسة المطابقة ومراحلها فضلا عن إجراءات المصادقة على النص القانوني.
كما يتناول هذا الدليل منهجية إعداد وتنظيم مشاريع النصوص القانونية وكذا تقنيات التحرير التي تضمن وضوح النص ودقته من خلال اختيار المصطلحات ومراعاة مبادئ الصياغة واحترام قواعد اللغة، ويتضمن هذا الدليل 5 فصول، حيث دعت الحكومة إلى ضرورة توفير كل العناصر التي من شأنها ضمان وضوح النص القانوني وسهولة الوصول إليه واستقراره وكذا الحد من المخاطر التي تترتب عن تطبيقه، ويقصد بمبدأ الأمن القانوني ذلك المبدأ الذي يهدف إلى ضمان الاستقرار في المراكز القانونية والثبات في العلاقات وحماية حقوق الأفراد بحيث يسمح لهم بتنظيم وتسيير أوضاعهم وفقا لما تقرّره الأطر القانونية سارية المفعول.
وتتمثل مقتضيات الأمن القانوني، وفقا للدليل الجديد، في العلم بالقاعدة القانونية ووضوح النص القانوني ودقته وعدم رجعيته وانسجامه واحترام الحقوق المكتسبة والمساواة أمام القانون واستقرار الإطار القانوني، في حين تتمثل عوارضه في التضخم القانوني والاستثناءات المتكررة أي الخروج عن القاعدة العامة.