-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذه قصة الرّحيل الصامت والرّحيل القاتل…

هذه قصة الرّحيل الصامت والرّحيل القاتل…

يوجد في الكيان الصهيوني نحو400 ألف مختص في التكنولوجيا المتقدمة، مما جعل الصناعات العسكرية والإلكترونية فيه قادرة على المنافسة عالميا خاصة في مجال التجسّس عبر الشبكات والتلاعب بمنصات التواصل الاجتماعي والتصنت واختراق الهواتف والمنصات… إلخ، المشكلة الكبرى التي يواجهها الكيان بعد معركة “طوفان الأقصى” أنه حدث لديه نزيف في هذه النخبة العلمية والصناعية التي يعتمد عليها في بقائه وتهديده للآخرين والاستقواء عليهم، وأحيانا تقديم الوعود الكاذبة لهم لتعاون كبير في هذا المجال. هذا النزيف الذي لا يتحدث عنه سوى القليل يشكّل ضربة قاتلة للكيان، أكثر من آلاف الجنود والضباط الذين تم قتلهم أو إصابتهم بجروح أو بصدمات نفسية، تسمّي الصحف العالمية هذا النزيف بـ”الصامت” وهو في الواقع “رحيل قاتل” وبصمت!

كتبت جريدة “الغارديان” البريطانية مقالا في 6 أكتوبر 2024 تناول هذا الموضوع، وكان ذلك بمناسبة مرور سنة على “طوفان الأقصى”، كان عنوان هذا المقال الذي كتبته  Emma Graham Harrison كالتالي: “عام من الحرب يعجّل “بالرحيل الصامت” للنخبة في إسرائيل” A year of war accelerates silent departure of Israel’s elite”، ومن بين ما جاء فيه خلاصة تقول: “هجرة الأدمغة قد تقوّض اقتصاد التكنولوجيا الفائقة في البلاد، حيث تستنتج الأُسر الليبرالية أن العقد الاجتماعي قد تم كسره”. وعزّزت ذلك بالإشارة إلى النتيجة التي وصل إليها كل من أهارون تشيخانوفيرAaron Ciechanover الحائز على جائزة “نوبل” في الكيمياء سنة 2004 والاقتصادي يوجين كاندلEugene Kandel في ورقة بحثية مشتركة، حيث يقولان ما يلي: “هناك احتمال كبير بأن إسرائيل لن تكون قادرة على الوجود كدولة يهودية ذات سيادة في العقود القادمة، إذا ما استمر هذا “الرحيل الصامت”، وسمّوه كذلك لأن أغلب الذين يرحلون نحو ألمانيا أو كندا أو الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وبقية العالم، إنما يفعلون ذلك في صمت تام ودون إعلام أحد حتى يوم الرحيل! لذلك اعتبر رحيلهم قاتلا ليس فقط للاقتصاد الصهيوني إنما للكيان العبري برمته، فهو لن يصمد أكثر من عقدين بعد الآن، حسب تقديرات هؤلاء الخبراء من الداخل. ومنه، فإنه لا خوف على المقاومة من أن يعود “نتن ياهو” اليوم إلى الحرب ويفشل الصفقة أو لا يعود، لأنه في كلا الحالتين منهزم لا محالة، وفي حال عودته للحرب، ستكون هزيمته أكبر لأنه لن يبق عنده سوى صنفين من اليهود: “الحريديم” المتشدّدين الذين من جهة، يعيشون عالة على الحكومة ومن جهة أخرى، يرفضون المشاركة في الحرب! وهؤلاء أعدادهم تتزايد يوما بعد يوم، والصنف الثاني هم الجماعات اللادينية المتطرفة المتعطشة للدماء بدون أي أفق سياسي أو قواعد سلوكية تحتكم إليها من أنصار بن غفير وسموتريتش.. ومصيرهم الزوال وتخريب الكيان..

وهذا التحوّل في الداخل الصهيوني ليس تحوّلا عابرا، ولم يؤكده هذان الباحثان وحدهما، ولا هذه الصحيفة وحدها، بل هناك عناوين عدة تداولتها وسائل إعلام كبرى غربية تصب في نفس هذا الاتجاه، حتى لا نتحدث عن وسائل الإعلام المعادية للصهيونية والتي قد يشكّك في مصداقيتها بعض المتردّدين…

لقد أكدت شبكةCBS news  الأمريكية في إحدى مواضيعها ليوم 2 ديسمبر الماضي هذا الاتجاه تحت العنوان التالي: “غادر آلاف اليهود إسرائيل منذ هجمات 7 أكتوبر”، وذات الشيء فعلته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية للأنباء عندما كتبت لوري كلمان في 20 ديسمبر الماضي: “بالنسبة لآلاف اليهود، ما تزال إسرائيل لا تشعر بالأمان بعد هجمات 7 أكتوبر، لذا فهم يغادرون”…

ولا تكفي هذه المساحة لرصد هذا الرحيل الذي تحوّل من ظاهرة في السنوات الماضية إلى اتجاه بعد “الطوفان”، وما فتئت المواقف المتطرفة تغذّيه، أما الحرب، فستعجّل منه بداية النهاية الحقيقية لهذا الكيان.. وإذا ما فعلها “نتن ياهو” واستأنف العدوان على غزة، فإنه قبل أن يقضي على “حماس”، سيقضي على نفسه ومن معه…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!