هذه مقترحات نقابات التربية لإنجاح مشروع “بكالوريا مهنية”

دعت نقابات التربية المستقلة القائمين على الوزارة إلى أهمية اتخاذ قرار بإصلاح مسار التعليم المهني، من خلال توجيه نسبة معينة من التلاميذ الناجحين في التعليم المتوسط إلى التعليم المهني والباقية تلتحق بالثانويات، وذلك قبل المرور لإنشاء “ثانويات مهنية” تتوج ببكالوريا مهنية.
“الأسنتيو”: استحداث “بكالوريا مهنية” مرتبط بإصلاح التعليم المهني
تقترح النقابة الوطنية لعمال التربية على مسؤولي الوزارة أهمية توسيع “خيارات التوجيه”، عند نهاية مرحلة التعليم المتوسط، لكي يتسنى للتلاميذ وأوليائهم إمكانية اختيار التعليم العام أو التعليم المهني، وذلك لمنع تسرب المتعلمين بعد انتقالهم إلى أقسام الأولى ثانوي.
وفي تعليقه على تنصيب لجنة لإنشاء ثانويات مهنية تتوج ببكالوريا مهنية، بين وزارتي التربية الوطنية والتكوين والتعليم المهنيين، دعا قويدر يحياوي، الأمين الوطني المكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية لعمال التربية، في تصريح لـ”الشروق”، إلى أهمية القيام بخطوات جد هامة، تتعلق أساسا بتنظيم اجتماعات إعلامية عن “المهن” ومختلف الفروع، بما في ذلك آفاق الحياة الوظيفية على مستوى المتوسطات، وذلك قبل المرور لاتخاذ أي قرارات أخرى تكميلية.
وفي هذا الصدد، اقترح يحياوي ضرورة توسيع ما يصطلح عليها بـ”خيارات التوجيه”، عند نهاية مرحلة التعليم المتوسط، لكي يتسنى للتلميذ وأوليائه إمكانية اختيار التعليم العام أو التعليم المهني، لأجل تحقيق عدة أهداف من أبرزها منع تسرب المتعلمين بعد انتقالهم إلى أقسام الأولى ثانوي.
وذلك على اعتبار أن التحقيقات والتقارير الميدانية تؤكد جميعها أن هناك فئة كبيرة من التلاميذ لا ترغب في إكمال مسارها الدراسي في نمطها العام، عند الانتقال إلى مرحلة دراسية جديدة، بسبب “سوء التوجيه، ذلك لأن لهم توجها ورغبة مهنية أكثر منها دراسية، وبالتالي، فإن المرور لاستحداث برامج تعليمية بديلة للتعليم العام الحالي أي “الدراسي”، سوف يعزز مرونة الانتقال من المسار الأكاديمي إلى “التعليم المهني”، لتمكين الشباب من الاستفادة من فرص التكوين والتطورات التكنولوجية الحديثة المتاحة اليوم، مثلما يوضح محدثنا.
هذه الآليات المتبناة سابقا لإصلاح التعليم المهني
وفي السياق نفسه، نبه مسؤول التنظيم بـ”الأسنتيو” إلى نقطة مهمة جدا، وهي أن مقترح إنشاء “ثانويات مهنية”، ليس بالجديد، حيث إن وزارتي التكوين والتعليم المهنيين والتربية الوطنية، كانتا منذ سنوات تريدان إصلاح مسار التعليم المهني، وليس التكوين المهني، على اعتبار أن هذا المسار الجديد قد جاء مع إصلاح المنظومة التربوية، التي أقرتها لجنة بن زاغو، وكان هدف المسار آنذاك هو إلحاق 30 بالمائة من التلاميذ الناجحين في التعليم المتوسط بالتعليم المهني، و70 بالمائة الباقية تلتحق بالثانويات.
والهدف الثاني من هذا المسار، يضيف قويدر يحياوي، هو أن يحل التعليم المهني محل التعليم التقني الذي كان موجودا في قطاع التربية الوطنية، غير أن التعليم المهني فشل ولم يعط النتائج المرجوة منه، على اعتبار أن التعليم المهني لم يعمل بمبدأ إلحاق 30 بالمائة من التلاميذ الناجحين في المتوسط بمؤسسات التعليم المهني، ولم يحل محل الثانويات التقنية.
وبالتالي، فإن هذا التعليم قد خرج عن مساره المرسوم له، لذلك وجب على الحكومة اليوم، وحتى يتسنى لها إصلاح هذا المسار، اتخاذ قرار بإنشاء “البكالوريا المهنية”، من خلال إعادة النظر في هذا النوع من التعليم المهني، ومستقبل حاملي هذا النوع من الشهادات يؤكد يحياوي. واستخلاصا لما سبق، أكد مسؤول التنظيم بالنقابة على أنه كان من المفروض تبني مشروع “البكالوريا المهنية”، منذ بداية الجيل الأول للمقاربة بالكفاءات سنة 2003، وهو الأمر الذي لطالما ناضلت لأجله النقابة، حيث طالبت في عديد المناسبات بأهمية إصلاح التعليم الثانوي خصوصا شهادة البكالوريا.
“الساتاف”: استرجاع الثانويات المهنيّة لدعم التعليم العام
ومن جهته، أفاد بوعلام عمورة، الأمين العام الوطني للنقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين، في تصريح لـ”الشروق”، بأنه منذ عشرين سنة و”الساتاف”، تطالب باسترجاع “الثانويات المهنية”، على اعتبار أن إلغاء هذه المؤسسات التربوية، لم يكن في صالح لا الدولة الجزائرية ولا في صالح وزارة التربية الوطنية.
وفي نفس الإطار، لفت المسؤول الأول عن النقابة إلى أن الجزائر قد استوردت الآلات والتجهيزات بالعملة الصعبة آنذاك، لأجل تجهيز هذه الثانويات أي “المتاقن”، في حين أن الجميع يجهل مصير هذه المعدات، وبالتالي فالأسئلة التي تطرح نفسها هل مازالت هذه الآلات في مكانها؟ وهل تم استخراجها من المؤسسات التربوية؟ وما هي حالتها؟ وهل هي في الخدمة أم لا؟
وفضلا على ذلك، اقترح بوعلام عمورة على مسؤولي وزارة التربية الوطنية، استرجاع هذه الثانويات المهنية، لأنها تقدم إضافة للبلاد وتكمل مسار التعليم العام “الدراسي”، على اعتبار أن الجزائر بحاجة ماسة إلى اليد العاملة المكونة، من أجل رفع نمو الاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة ثانية لتخفيف الضغط عن التعليم العام وتخفيف الاكتظاظ على مستوى الأقسام العادية.
وجدد محدثنا المطالبة باستحداث “شعبة الفلاحة والصيد البحري”، لتضاف لباقي الشعب السبع، لأن بلادنا الجزائر تحتاج إلى مهارات في هذا القطاع، لأجل تجسيد الهدف المبتغى على أرض الواقع وهو تحقيق الاكتفاء الغذائي.
رئيس مؤسسة إطارات التربية: الثانويات المهنية ستقضي على التسرب
أما رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، عومر بن عودة، فقد اعتبر في تصريح أدلى به لـ”الشروق”، أن إنشاء ثانويات مهنية تتوج ببكالوريا مهنية، يعد قرارا صائبا سيعطي قيمة مضافة للمنظومة التربوية، وقد جاء في الوقت المناسب جدا.
وذلك لما تم تسجليه من ارتفاع حالات التسرب المدرسي في المرحلة الثانوية خلال السنوات الأخيرة، بفعل تأثير المناهج الحالية، وكثافة البرامج وعدم ملاءمتها مع الحجم الساعي، إضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على التحصيل الدراسي من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن نسبة كبيرة من التلاميذ المتسربين يمتلكون مهارات تقنية، لذا نجدهم يقبلون على مراكز التكوين المهني، وبالتالي فإن استحداث “ثانويات مهنية” وتصميم برامج ومناهج لها، من شأنه أن يساهم في القضاء على التسرب المدرسي ولو تدريجيا.
وفي هذا الشأن، أبرز المسؤول الأول عن المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، بأن الساحة التربوية لطالما انتظرت ومنذ مدة طويلة، استحداث ما يسمى بـ”الثانويات المهنية”، ذلك لأنها تعتبر الهيكل التقني الذي تحتاجه المدرسة الجزائرية، استجابة لسوق العمل، ونظرا للتطور الحاصل في المجال التقني، وتعدد التخصصات المهنية وحاجة المجتمع إليها أكثر من أي وقت مضى.
وبالتالي أصبح لزاما إنشاء ثانويات تقنية تستقبل المنتقلين من السنة الرابعة متوسط، وتتوج ببكالوريا مهنية، حيث تتضاعف فرص اختيار الشعب المراد مواصلة الدراسة فيها، على غرار الشعب المتوفرة في التعليم الثانوي يضيف محدثنا.
مشروع “البكالوريا المهنية” لا يتحقق إلا بتجويد المدرسة
وإلى ذلك، شدد عومر بن عودة، على أن إنشاء “ثانويات مهنية”، يقتضي إصلاح المناهج التعليمية وتجويد المدرسة، لأن الملاحظ في المنظومة التربوية لدول العالم المتقدم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، هو أن الثانويات المهنية قد أخذت حصتها الكافية في التعليم، لأنهم يدركون الأهمية البالغة لمنح حرية مواصلة نمط الدراسة الثانوية بالنسبة للمتعلم، خاصة أصحاب المعدلات المتدنية، وكذا مراعاة لميول التلاميذ، من خلال تتبع مسارات الدراسة في مرحلة التعليم المتوسط وتوجيههم توجيها صحيحا وسليما.
واستنادا لما سلف، أوضح محدثنا بأنه لا يمكن تحقيق الوصول إلى جودة التعليم، وهو الهدف الذي تعكف الوصاية على تحقيقه بإشراك خبراء ومختصين، إلا بنظرة استشرافية تأخذ في الحسبان متطلبات العمل والإمكانات المتوفرة من هياكل وبرامج ووسائل تعليمية.