-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هرج ومرج!

جمال لعلامي
  • 2512
  • 3
هرج ومرج!

أليس من العيب أن لا يتمّ طمس الحفر ونفض الغبار وتعبيد الطرقات، إلاّ إذا زار سلال هذه الولاية أو تلك؟

أليس من العار أن تـُضاء الطرقات وتـُزرع أشجار النخيل والورود وتبيّض جدران البنايات العامة والخاصة، إلاّ إذا زار الوزير الأول هذه الولاية أو تلك من ولايات الجزائر العميقة؟

أليس مثل هذه الممارسات، نصب واحتيال وخداع؟ لكن من المسؤول عن هذه الأساليب التي ليس بوسعها إلاّ فرملة المشاريع وتزويق البرامج التنموية بماكياج مغشوش؟

يُروى والعهدة على الراوي، أن “المخادعين” لجأوا قبيل زيارة سابقة من زيارات الرئيس بوتفليقة إلى إحدى الولايات، بغرس أعمدة كهرباء، على طول الطريق الذي عبره الرئيس، ليتضح ليلا أن هذه الأعمدة مجرّد ديكور، فقد غـُرست فقط دون ربطها بالتيار الكهربائي!

هذا الخداع الذي يتحمل مسؤوليته وزراء وولاة ورؤساء دوائر وأميار ورؤساء مديريات ولائية، ذكـّرني بزيارة سابقة للرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، فقد أجبرونا على الاصطفاف ونحن تلاميذ في الابتدائي، لتحية الرئيس، لكن الأخير بهدلهم عندما مرّ مرور الكرام ولم يتوقف في المدينة، فلجأ المنظمون أنذاك غضبا، إلى إعادة تجميع الأعلام وطيور الحمام التي تمّ توزيعها علينا لاستقبال و”مخادعة” الرئيس!

هكذا، هي فنون النصب والاحتيال، يتمّ استقبال الرئيس والمسؤول الكبير، بالحمام الزاجل الذي يُشترى في صفقة مشبوهة بالملايين وربما الملايير، أو يتم استقباله بـ”البوطونات” وأشجار النخيل الذي سرعان ما يذبل بمجرّد انتهاء الزيارة واختتام “الزردة”!

المصيبة، أن الوزير الأول، والكثير من الوزراء، أصبحوا يدشـّنون المدشـّن عبر الولايات، على أساس انها مشاريع جديدة، وهنا إذا كان المدشـّن على علم بذلك، فهذه مصيبة، وإذا كان لا يعلم فتلك مصيبتان!

بالمقابل، فإن مثل هذه الزيارات عادت بالفائدة على مواطني الربوات المنسية، فمنهم من انتظر طويلا تعبيد الطريق دون رجاء، ومنهم من خرج إلى الشارع للاحتجاج، على الحفر والحجر، دون أن يصغي لهم أحد، ومنهم من جفّ ريقه وعرقه بلا جدوى، لكن في الأخير تحقق جزء من المطالب المشروعة المؤجلة لعدّة سنوات، بسبب زيارة مبرمجة لصاحب الفخامة أو صاحب المعالي!

لكن، أليس من المفيد للجميع، أن تكون هذه الزيارات التفتيشية، مفاجئة وغير معلنة، وبعيدا عن الفولكلور، حتى تتجنب فنون البريكولاج و”الصابوطاج”، وحتى لا تغرق في مستنقع المخادعة والمراوغة وتضييع المزيد من الوقت؟

إن زيارات سلال أو أيّ وزير، إلى ولايات الجمهورية، تبقى مكرّرة ومستنسخة، وبلا فائدة، طالما أنها مازالت خاضعة للإعلان والتحضير المسبق، ومازالت رهن استقبال استعراضي من طرف مسؤولي الجماعات المحلية، ممّن يُبدعون في “الهفّ والتبلعيط” خدمة لمصالح شخصية ودسّا لثغراتهم وسقطاتهم وسوء تسييرهم وغضب المواطنين منهم وعليهم!

معركة محاربة التزييف والتحريف، عليها أن تكون جماعية، حتى تنجح المشاريع وتزدهر البلاد والعباد، وهذه المعركة يجب أن تسبق معركة مراقبة المشاريع المحلية، فعندما يكون “حاميها حراميها” على المستوى القاعدي، لا يكون بوسع لا الرئيس ولا الوزير الأول ولا أيّ وزير مهما حسنت نيّته، أن يفتـّش ويكشف المستور، خاصة إذا سبق الزيارة هرج ومرج يُسقط الحرج!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • اشعانبه

    قاع كيفكيف منافقون ربي يكشفهم

  • نبيل

    هل با الفعل النظام الدي يسيرنا هو نضام لا تهمه مصلحة الجزائر بقدر ما تهمه مصلحته الشخسية وان كان في كثير من الحالات يرتعد رعبا من الثورات الحاصلة وخوفه الشديد من ان تصله اليس خوفه منها هو خوفا على مركزه وليس خوفا على الجزائر العامة اليس ما يفعله من تحريض بين المجتمع واغراقه في مشاكل اجتماعية مادية لا تنتهي هي مخادعة لاستمراره قال لي ناصح كلام يصيب في الصميم وادركت حينها اني خدعت كبقية الشعب لا حول ولا قوة الا بالله.

  • عبدو الميلي

    إعلم يا سي جمال أن ما تقوله أو ما تكتبه يعلمه الصغير قبل الكبير ولا أخفيك إذ قلت أنه حتى الصبية على علم بما تقول...لكن يا سي جمال ما أسهل أن يجلس الواحد منا في غرفة مكيفة خلف شاشة حاسوبه...أو خلف درج مكتبه ليكتب ما شاء أن يكتب وأن ينتقد كيفما يحلوا له، ولكن ما أصعب أن يتحمل الواحد منا المسؤولية في بلد كالجزائر...ومع شعب كشعب الجزائر الذي لا يعجبه العجب...بل يخيل للمرء أن أغلب فئات الشعب لا همها لها إلا الإنتقاذ لأجل الإنتقاد لا أكثر...حري بالمرء أن يتخلى عن بعض السوداوية في التعاطي مع جل الأمور