هكذا أمضى مترشحو “البيام” اليوم الأخير في جوّ حار جدا

ختم حوالي 800 ألف تلميذ، الثلاثاء، آخر يوم من امتحانات شهادة التعليم المتوسط، في أجواء حارة جدا لا تختلف عن أيام الصيف في أوت، ولكنها تفاؤلية على العموم، لتبدأ عطلتهم الصيفية التي ستتخللها النتائج، التي سيُكرم فيها هذا ويُهان ذلك، حسب الجهد المبذول طوال السنة.
مناخ اليوم الأخير، كان شبيها بمناخ اليوم الثاني من الامتحان، حيث تميز بحرارة شديدة قاربت الأربعين في الكثير من الولايات الشمالية والساحلية، فما بالك بالجنوبية وهو ما أفرز بعض الممارسات والاستعجالات التي لجأ إليها الأولياء لحماية أبنائهم من ضربة شمس ممكنة أو جفاف محتمل بسبب العطش، متزوّدين بأسلحة تقليدية مثل القبعات والمظلات، وأخرى صيدلانية مثل بعض الأدوية والمكملات الغذائية التي تقوّي أجساد التلاميذ.
تحذير من المكيّفات!
بعض الأولياء عن حسن نية في المدن الشمالية، حاولوا وضع أبنائهم في أجواء غير صيفية منعشة، من خلال تشغيل المكيفات سواء في البيت أو في السيارة وهو خطأ، حسب الدكتور عبد الحكيم بشلم، الذي رأى بأن التشغيل المفاجئ ولأول مرة للمكيّف كثيرا ما يكون خطرا على أفراد العائلة، فما بالك أن يعني طفلا دون الرابعة عشر من العمر، لأن المكيفات أصلا غائبة عن أقسام الامتحانات، فمن غير المعقول أن يخرج التلميذ من قسم حار إلى مكان مبرّد من سيارة أو مسكن، فالحرارة بالرغم من أنها قاربت الأربعين في الكثير من الولايات، إلا أنها بقيت محتملة ومقدور التكيف معها، ولا تشكّل أي خطر، وثمّن الدكتور عبد الحكيم ما قام به الأولياء من وقاية وتفادي ضربات الجسم بدلا عن “التفلسف” على حدّ تعبيره في تحويل الأجواء إلى باردة أو منعشة.
ففي متوسطة “عمر عيساوي” الكائنة بالحي المسمى الحي الشعبي بوسط مدينة تبسة، اصطف الأولياء في جو صيفي في منتهى الحرارة، قرب العمارات المقابلة للمتوسطة وهم يحملون مظلات وبأيديهم قبعات، في انتظار أبنائهم المغادرين لأقسام الامتحان، كما حمل آخرون قارورات من المياه المعدنية المجمدة، ووجد بعض الأطفال والمراهقين، الفرصة سانحة فباعوا المياه الباردة غير بعيد عن مراكز الامتحان.
نفس الملاحظة شوهدت قرب متوسط “محمد بزيط” بأولاد جلال المتواجدة في مكان شبه صحراوي، حيث لعب الأولياء دور السائقين و”البودي غارد” وأيضا ما يشبه المكيّفات المتنقلة طلبا لإنعاش أبنائهم رغم أن الحرارة في أولاد جلال وبسكرة كانت فصلية يومي الاثنين والثلاثاء ولم تصل للأربعين.
في بسكرة قال مدير التربية الولائي، بأن مصالحه شغلت 170 مكيّفا، أما في أولاد جلال فقد تم تشغيل حتى “المراوح” في بعض المناطق النائية، فمرّ الامتحان في ظروف وصفها الجميع بالمثالية، وإذا كانت المكيّفات سيتم تشغيلها أيضا خلال أيام شهادة البكالوريا، فإن بعض جمعيات أولياء التلاميذ خوفا من الأعراض الصحية طالبوا بعدم تشغيلها في الفترة الصباحية، لأننا مازلنا مع بداية شهر جوان وهو ما كان لهم.
صور وفيديوهات للذكرى
على العموم، وفي غياب أخبار التسريبات، وأيضا الأسئلة الغامضة والتي تثير الجدل، كان الارتياح باديا على غالبية المرشحين، وهو ما أنعش المناخ وأنسى المترشحين، وحتى أوليائهم الحرارة الأربعينية التي ميّزت بالخصوص اليومين الأخيرين من الامتحان كافة أنحاء الوطن.
التلاميذ علموا، أمس، بأن ملف التعليم المتوسط، قد تم غلقه بالنسبة إليهم، وهم في عطلة صيفية، متمنين أن تتوج بالنجاح والحصول على المعدلات المأمولة.
وباعتراف أولياء تلاميذ ولاية تبسة وأولاد جلال وبسكرة، على سبيل المثال، وهي مناطق بها الأجواء الصحراوية من مناخ وتضاريس، فإن ظروف الامتحان كانت مثالية، حيث توفّر النقل بشكل كاف، لم يغيب أي تلميذ عن مركز الامتحان، ووفّر المنظمون قارورات مياه باردة كافية، كانت تقدم لكل تلميذ بمجرد أن يغادر قسم الامتحان وأكلات خفيفة في بعض المناطق النائية، إضافة إلى عيادة طبية، قارة ومتنقلة، تدخلت في الكثير من المتوسطات كما كان الحال في متوسطة ابن خلدون في مدينة تبسة التي شهدت حالة قريبة من ضربة شمس، لكن التلميذة التي عانت من آلام على مستوى الرأس والحنجرة عادت إلى قسم الامتحان معافاة وأجرت الامتحان صباح أمس الثلاثاء بعد تطبيبها.
مظاهر جديدة شهدناها من بعض الأولياء في مدينة قسنطينة، الذين أبوا إلا أن يوثّقوا بالصورة والصوت اجتياز أبنائهم لامتحان شهادة التعليم المتوسط، فالتقطوا صورا وفيديوهات من داخل المطبخ وهو يتناول فطور الصباح وعند خروجه من المنزل ودخوله السيارة، مع التقاط كلمات من التلميذ حول المناسبة، إلى أن يصل إلى الحي الذي يوجد فيه مركز الامتحان، حتى تبقى ذكرى للتلميذ الممتحن مدى الحياة، يتذكر بها الأجواء ووقفة العائلة وزملاء الأمس.
آخرون على قلتهم، بمجرد أن خرج أبناؤهم في منتصف نهار أمس، من مراكز الامتحان حتى عرجوا إلى أقرب شاطئ، مجهّزين بالضروريات من أكل ولباس السباحة في محاولة لأجل إبعاد الضغط عن أبنائهم الذين يعتصرهم التأسف على بعض الإجابات، والقلق مع بعض الكتابات التي دوّنوها على ورقة الامتحان.