-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إصدار الاحتلال لـ150 ألف حكم ضدهم بالإعدام والنفي والإبعاد القصري

هكذا تلاعب القضاء الفرنسي بحقوق وأرواح الجزائريين

نوارة باشوش
  • 1654
  • 0
هكذا تلاعب القضاء الفرنسي بحقوق وأرواح الجزائريين
أرشيف

أصدر القضاء الفرنسي ما يربو عن 150 ألف حكم قضائي جزائي جائر ضد الجزائريين، لاسيما منهم المجاهدين ومفجري الثورة التحريرية الكبرى وأعضاء “اللجنة الثورية للوحدة والعمل”، والتي تراوحت بين الإعدام والنفي والتهجير والإبعاد القصري، عن تهمة المساس بأمن الدولة الفرنسية، في حق القادة والثوار الكبار.
بعد أزيد من عام من الجهود المضنية والعمل المستمر، تكلّل بالجرد والتدقيق والتمحيص من طرف نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، وتحت إشراف مجلس قضاء الجزائر، وجهت ملفات تتضمن 150 ألف حكم قضائي جزائي إلى الأرشيف الوطني، وهي أحكام صدرت عن القضاء الفرنسي خلال الحقبة الاستعمارية بين عامي 1830 و1962.
وتوضح تلك الوثائق العقوبات القاسية التي تعرض لها الجزائريون، والتي شملت النفي والتعذيب والإعدام والتهجير، واستهدفت مجاهدين وشهداء ومواطنين عاديين على حد سواء.
وحسب مصادر “الشروق”، فإنه أثناء المعاينة الأولوية والتدقيق للأحكام الصادرة عن القضاء الفرنسي، والتي كانت القاعة رقم 5 لمبنى محكمة سيدي أمحمد مسرحا لها، تبين وجود خروقات إجرائية وموضوعية من قبل القضاء الفرنسي، وذلك بعد التمحص في القوانين الموضوعية والإجرائية الفرنسية والتي كان معمولا بها في الفترة الممتدة بين 1830 إلى 1962، أضف إلى ذلك تباين الأحكام من حيث تطبيق الإجراءات والعقوبات بين الشعب الجزائري والأفراد الفرنسيين والأجانب.
كما أنه ومن خلال المعاينة الأولية للسجلات الخاصة بالنيابة العامة الفرنسية، تبين أن جل التقارير الرسمية والتي كانت ترفع بصفة سرية سواء إلى ممثلي النيابة العامة أو الجهات الوصية عنها كانت لا تتطابق مع ما كان يعرض للرأي العام، من خلال التمويه والمغالطات من أجل طمس الحقائق، إلى جانب الخروقات سواء الإجرائية أو الموضوعية التي كانت تطبق أثناء التحريات الأولوية أو خلال المحاكمات غير العادلة، من أجل إصدار أحكام جائرة وصلت إلى الإعدام والنفي والإبعاد القصري في حق الشعب الجزائري، لاسيما الثوار والمجاهدين على شاكلة عمار علي المدعو “علي لابوانت”، فرحات عباس، ديدوش مراد، ورابح بيطاط وغيرهم من زعماء وثوار الجزائر.
وبيّنت كل تلك الخروقات والتجاوزات أن القضاء الاستعماري الفرنسي خالف مبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته فرنسا في عام 1948 وهذا في المجال القانوني، أما في الشق الجزائي، فإن هذه الأحكام باطلة باعتبار أن أعوان الجيش الفرنسي هم من كانوا يستجوبون المجاهدين رغم أنهم لا يحوزون صفة الضبطية القضائية، فالمهم عندهم تشكيل الملف ومحاكمتهم ونشر الأحكام الصادرة لتغليط الرأي العام الدولي آنذاك.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام للجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام خلال الفترة الممتدة ما بين 1954 و1962، المجاهد سنوسي بن ميصرة، أن الشجاعة التي أظهرها المجاهدون والثوار لحظة نطق الحكم بالإعدام في حقهم أذهلت أعضاء المحكمة الذين كانوا يتوقعون انهيارهم.
وقال المجاهد في حديث سابق لـ”واج” “إنه في الوقت الذي كان يتوقع القضاة، رفقة مساعديهم بالمحاكم العسكرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي، انهيار الثوار لحظة سماعهم قرار المحكمة، القاضي بإعدامهم، وتوسلهم لهم لتخفيف الحكم، تفاجؤوا بابتسامات وضحكات ارتسمت على وجوههم وكأنهم يقولون إن حياتهم فداء لوطنهم”.
ولم تتوقف الأحكام الصادرة من طرف القضاء الفرنسي في الشق الجزائي بل أصدر أيضا حسب ما أحصته نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد أزيد من 130 ألف حكم مدني وعقاري وتجاري غير قانوني في حق الشعب الجزائري، إذ أصدرت المحاكم الفرنسية في الأحكام العقارية بإقليم ولاية الجزائر وضواحيها قرارات تجيز للفرنسيين الاستيلاء على عقارات الجزائريين من دون وجه حق، وإجبارهم على التنازل عليها، وهو ما أدى بـ”الأقدام السوداء” بعد الاستقلال للمطالبة بأملاكهم التي هي في الأصل تعود للجزائريين، حيث يظل اليوم ملف أملاك الفرنسيين بالجزائر موضع جدل بين فرنسا والجزائر منذ قرابة 60 سنة، وقد حمله معهم كل رؤساء فرنسا عندما زاروا الجزائر، لكن لم ينجح جاك شيراك في 2003، ولا نيكولا ساركوزي في عام 2007، ولا فرانسوا هولاند في 2012 ولا حتى الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، في إيجاد تسوية للقضية مع رؤساء الجزائر المتعاقبين.
وتفتح اليوم هذه الملفات القضائية التي تجاوز عددها 280 ألف حكم قضائي جزائي مدني وعقاري وتجاري تم حصره وتنظيمه وفرزه وجرده، ليصبح قابلا للاستغلال ضمن جهود السلطات العليا للبلاد لاستعادة جزء من الذاكرة الوطنية وتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات الاستعمارية، والتي تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتعد تجاوزا لالتزاماتها في ذلك الوقت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!